الحائر بين اللون وعُريه
حاوره احسان ناجي:
وضع بين المنارة والكأس ضمير حيّر اللونين، وبين التنّور ووجه المرأة شدّ رجاء النجاة المرتجاة بيد أنه لم يمسكه. السؤال الذي يطرحه في لوحة ليست له، والاجابة العارية ليست له أيضاً؛ قائل اللونين: أحدٌ معمّد باحترام ذاته التحليلية.
تشكيله، جمل ملونة.. أو لون غير اعتباطي؛ كسورة الفاتحة على شط العرب، رفع خيط أخضر من على نخلة البيت القديم، ولعل هذه الجمل حيوات مستعملة لـ: طفل بلا مأوى، حضن مُغتصبة، بيرية جندي، مبررات سارق، أم تُجهّز قطعة قماش غير مستعملة لحيض أخير بلا دم. جمل؛ توقف عندها الشعراء أيضاً.
عباس العتابي، تشكيلي قابل من دور الأيتام، العجزة، المصابون بأمراض «المخلّفات»، آت من قبوه.. حريته التي «زيت على قماش». ببلوغرافياه: عراقيّ، بصريّ.. وحسب.
ما الذي تقوم به أولاً قبل الشروع في اللوحة؟
* الذي اقوم به قبل الشروع باللوحة استقراء لذاتي وقناعتي بالتوافق الروحي بين قيمي وما اريد ترجمته على خامة اللوحة من مشاهد انسانية مررت بها على صعيد الشارع المرئي او المحسوس.
تسقط النفس، الوجع، القضية، مراجعك المشتركة مع الآخر وأمنياتك/ هل تجادل أحداً في لوحاتك؟.
* أجادل دائما المفاهيم المتطرفة والمتوارثة في مجتمعاتنا الشرقية واحاول ان ازرع ثقافة واعية ومتمدنة حضارية الى من يجهل معنى الارتقاء الروحي لتلك المفاهيم والقيم ولا سيما ان المرأة دائما مغزى لوحاتي عرفانا لما قدمته هذه المرأة من تضحيات سواء كانت اما او اختا او ابنة او زوجة او حبيبة او عشيقة.
تارة تترجم أعمالك أدواراً أنسانية، وتارة نجدها مغرّبة/ ما هدفك؟.
* هدفي انساني بحت، فالقضية الانسانية مبدئي الذي لا احيد عنه، أما الطابع الاغرائي الملموس بلوحاتي هو غزل بريء ان صح التعبير، والاغنية بلا لحن لا تعد اغنية وتفقد قبولها للاذن الموسيقية فلوحتي هكذا… حتى أصل الى عمق المتلقي الحسي واستوقفه واثير التساؤلات لديه، فالعمل الناجح من يستوقف المتلقي ويفرض تساؤلات، لذا تجدها انسانية بمكنونها الاغرائي البريء.
تجاربك الفنية داخل العراق وخارجه ؟.
* لي عدة تجارب داخل العراق تكللت بستة معارض شخصية كان آخرها ببغداد في قاعة المعارض العراقية بوزارة الثقافة والفكرة من هذه التجارب كانت الارتقاء بمفهوم القصيدة الشعرية لتخلق مفرداتها لونا ومكنونا بعالم اللوحة لأكسر مفهوم الرمزية المقيدة التي كانت تحكم القصيدة ولقد وفقت بشهادة الرواد من الفنانين والادباء والشعراء الكبار ولاقت التجارب نجاحا كبيرا. أما على المستوى العربي فلقد أقمت خمسة معارض توزعت بين لبنان والامارات ومصر، وكانت عبارة عن رسائل حب من الشعب العراقي للعالم.. لما لاقى هذا الشعب من عزله عن الوطن العربي.
كيف ترى التشكيل العراقي بين حقبتين (التسعينيات وما بعد 2003)؟.
* أخذت الحركة التشكيلية في العراق في عقد التسعينيات منحى آخر وهو تسييس الفن التشكيلي بما يخدم الاتجاه العام السائد بعد حرب العراق مع ايران عام 1982 مرورا بحرب الخليج عام 1990 ثم تلاه الحصار التام بعد 1991، إذ أثرت هذه الاحداث جميعها على المستوى الفني الذي كان انتعش في حقبتي الستينيات والسبعينيات اللتين اعدهما ثورة فنية تشكيلية في العراق والوطن العربي.
لكن هذا المستوى بدأ يهبط وأخذ بالتدني.. الى التسييس والمحاكاة، لكن هذه المحاكاة كانت بائسة ومشوهة وفاقدة للعناصر التشكيلية في التكوين للاعمال. وهنا لا مناص من أن أستثني بعض تلك الاعمال التي قام بها خيرة الفنانين من الفطاحل امثال خالد الرحال واسماعيل فتاح الترك ومحمد غني حكمت وليلى العطار وفيصل لعيبي وعلي الطائي وعروبة العاني.
واجهت الحركة التشكيلية بعد هذا التدني منعطفا آخر جعلها تنتكس اكثر لا سيما ما بعد 2003 نتيجة الظروف السياسية التي تمثلت بالاحتلال الدموي لارض الرافدين، فنهبت ودمرت جميع اعمال الفنانين الكبار، ولم يكتفوا بهذا إذ حطم الجهلة كل قيم التطور الحضاري والفني حتى عدّ البعض منهم ان الفنون التشكيلية وخاصة النحت والرسم من المحرمات.. إذ كانت هجمة شرسة مبرمجة وحاقدة على التراث العراقي الحضاري، ووصلت لاسلوب اغتيال الفنانين، الأمر الذي جعل اغلبية الفنانين الذين يمثلون كل مباديء وقيم المدارس الفنية يهاجرون الوطن أمثال الفنانين: الرائد علي حسون الطائي، فيصل لعيبي، عروبة العاني ولمياء حسين وغيرهم من الذين هم بمنزلة مدارس فنية يحتاجها العراق.
دور وزارة الثقافة في ما يقدمه التشكيل العراقي؟.
* من اهم ركائز النهوض الفني والتشكيلي في العراق هو تشجيع الدولة ومساندتها ورعايتها للفنان حتى يزداد عطاء وابداعا، وهنا اجد دور وزارة الثقافة العراقية مشلولا امام عطاء الفنان لها حتى وصل الحال انها (الوزارة) اصبحت تستقطع اجور صالة العرض من الفنان نفسه كما فعلت دائرة المعارض معي بمعرضي السادس بمقر الوزارة، فالمشكلة ليست بالوزارة بل بالقائمين عليها املاءً للكراسي لا اكثر.
أرى ان وزارة الثقافة تحتاج فنانا ليرتقى بعملها والبلد مكانا وابداعاً.
الجمعيات والملتقيات وغيرها، هل لها دور أو تأثير على الفن التشكيلي في العراق؟.
* جميع الجمعيات التي تدعي انها ترفد الفن في العراق شعارها زائف، وانا مسؤول عن كلمتي جميع المؤسسات والجمعيات اول اعتبارها المفهوم المادي وماذا تستفيد ماديا والدليل اعمل على مشروع معرض اجسد فيه معاناة الاطفال المصابين بمرض السرطان بعد معايشة فعليه دامت 6 اشهر بمستشفى الطفل العربي في البصرة وتوقف مشروعي لعدم وجود جهة او مؤسسة انسانية داعمة لهذا المشروع الانساني الجميع اعتذر عن تمويل المشروع واتمام لوحات المعرض، ولحد الآن لم يكتمل.. الآن اصبح المشروع يدار بالجهد الفردي، لذا ولغيره من الأسباب.. أرى أن لا دور للمؤسسات والجمعيات بدعم ورفد الحركة التشكيلية.
تجاربك الفنية داخل العراق وخارجه ؟.
* لي عدة تجارب داخل العراق تكللت بستة معارض شخصية كان آخرها ببغداد في قاعة المعارض العراقية بوزارة الثقافة والفكرة من هذه التجارب كانت الارتقاء بمفهوم القصيدة الشعرية لتخلق مفرداتها لونا ومكنونا بعالم اللوحة لأكسر مفهوم الرمزية المقيدة التي كانت تحكم القصيدة ولقد وفقت بشهادة الرواد من الفنانين والادباء والشعراء الكبار ولاقت التجارب نجاحا كبيرا. أما على المستوى العربي فلقد أقمت خمسة معارض توزعت بين لبنان والامارات ومصر، وكانت عبارة عن رسائل حب من الشعب العراقي للعالم.. لما لاقى هذا الشعب من عزله عن الوطن العربي.
ماذا تنصح التشكيليين الشباب؟.
* في العراق الان مواهب من الشباب ذات بصمات واعدة وافكار متجددة وهي فرصة عن طريق الشباب لاثبات الذات فنيا. ان الفنان الشاب في بداية طريقه يحتاج بشدة الى الرعاية والاهتمام من خلال الفعاليات واقامة المعارض والمشاركات دوليا حتى وان اقتصرت هذه المشاركات على الجهد الذاتي فمن خلال هذه الفعاليات والمعارض والمشاركة تبرز قدرات الشباب ويستطيعون من خلالها تقديم تجربة كما تمنحهم التعرف على تجارب اقرانهم والوقوف على الكثير من الاساليب والمدارس والاساليب والتقنيات التي تصب بالاخير على تقييم الذات وتعزيز خبراتها.
آخر فكرة تجول في خاطرك؟
* آخر فكرة تجول بخاطري ان ارسم فرح العراق واطلق عنانه لسماء الانسانية بمعرض تشكيلي يحكي قصة صبر اطفال هذا الشعب وانطلق به لشعوب العالم كرسالة انسانية لاطفال العالم.