مجموعة من الخبراء النفطيين:
بغداد ـ الصباح الجديد:
السيد رئيس الجمهورية العراقية المحترم
السيد رئيس مجلس الوزراء المحترم
السيد رئيس مجلس النواب المحترم
السادة النواب المحترمين
السيد وزير النفط المحترم
الصحف العراقية
نرحب بإصدار قانون لشركة النفط الوطنية العراقية يتفق مع خصوصية وأسبقيات أعمالها، ونعده خطوة للأمام. ونظرا لاهميته وحرصنا على ان يعمل بكفاءة، من دون عوائق مادية او ادارية، ولاعتقادنا بأن السلطة التنفيذية هي الجهة المعنية بإدارة النفط والغاز حسب المادة (١١٢) من الدستور، ولأن مشروع القانون المذكور أعلاه، حظي بموافقة مجلس النواب، ومن ثم مصادقة رئيس الجمهورية، برغم إنه لم يقدم من قبل السلطة التنفيذية، رأينا نحن الموقعون أدناه، ان نرفع لحضراتكم ملاحظاتنا التالية، آملين أخذها بنظر الاعتبار عند إعادة النظر في مواد القانون.
اولا – التأسيس واستقلالية الشركة
١ – جاء في المادة (٢ – اولا) من القانون الجديد “تتمتع الشركة بالاستقلال المالي والاداري وترتبط بمجلس الوزراء …”. ونعتقد هناك تناقض بين كَوْن الشركة مستقلة ماليا وإداريا وكونها مرتبطة بمجلس الوزراء، ما لم يتم تحديد علاقة الشركة بمجلس الوزراء من الناحيتين المالية والإدارية.
٢ – وحسب المادة (١٠ – ثانيا) من القانون، يحق لوزير النفط الاعتراض على قرارات الشركة ويقدم مقترحات بديلة لمجلس الوزراء للمصادقة عليها. وهذا من شأنه ان ينتقص من استقلال الشركة ويفسح المجال للتدخل في شؤونها من جهة الوزارة التي يجب ان تختص بأمور السياسات والتخطيط، وفقا للمادة (١١٢ ثانيا) من الدستور، وتترك الأمور التنفيذية والعملياتية للشركة، وفقا للمادة (١١٢ اولا) من الدستور، على ان تلتزم الشركة بالسياسة النفطية للدولة كما تنظمها القوانين والانظمة النافذة، بضمنها قانون صيانة الثروة النفطية وقانون النفط والغاز الذي طال انتظاره. ويجب ان لا ننسى ما حدث للشركة عام ١٩٨٧ عندما تم دمجها بالوزارة بسبب خلافات ادارية بين الطرفين.
ثانيا – الأهداف
١ – جاء في المادة ( ٣) من القانون الجديد، ان عمل الشركة يشمل استكشاف وإنتاج النفط والغاز وتطوير الحقول. إضافة لذلك، فإن من أهداف الشركة ومجال عملها، هو التسويق والاستثمار في الصناعات التحويلية. وتعقيبا على هذه الأهداف الطموحة نقول، إننا نرحب بإعادة الشركة للحياة ثانية، لكن هدفها الرئيس يجب ان يبقى في مجال الاستكشاف والإنتاج وتطوير الحقول، لأن المجالات الاخرى، بضمنها التسويق والتصفية، ستضعف عملها فنيا وإداريا، مما يؤثر على كفاءة أداءها في مجال عملها الأساس، وهو ليس فقط إدارة عمليات الانتاج الحالية إنما ايضا إدارة وتطوير الحقول من الاحتياطيات النفطية والغازية المعروفة حاليا (المثبتة) والمقدرة بنحو (١٤٠) مليار برميل نفط و(١١٠) تريليون قدم مكعب غاز. علما ان عمليات الاستكشاف في البلد لم تكتمل بعد. وبعد اكتمالها قد يرتفع الاحتياطي النفطي والغازي الى اكثر من ضعف حجمهما الحالي. وهنا من المفيد ان نلاحظ ان مستوى اداء شركات النفط الحالية المرتبطة بوزارة النفط لا يحسد عليه، فكيف اذن سيكون مستوى الأداء اذا توسعت مهام الشركة الجديدة لتشمل الصناعات التحويلية وسومو وغيرها؟. وكيف تستطيع الشركة أداء مهامها بكفاءة، اذا بقيت ملاكاتها الفنية والإدارية بمستواها الحالي نفسه، وكانت التعيينات على وفق أسس غير مهنية؟.
ثالثا – رأس مال الشركة
ان تحديد رأس مال الشركة بأربعمائة مليار دينار، قابل للزيادة بموافقة مجلس الوزراء (المادة ٥) لا ينسجم مع كونها مستقلة ماليا وإداريا. فمن ناحية، يحدد هذا المبلغ قدرة الشركة على الاستثمار نظرا لضآلته، ومن ناحية اخرى، لا ينسجم مع كونها مستقلة ماليا، لانها ستبقى معتمدة على تمويل الدولة، ما لم يسمح لها بتحقيق أرباح تخضع لضريبة الدخل وتضاف الى رأس مالها العامل، كي تتأهل للمنافسة مع الشركات المعتبرة. ومع ان المادة (١١) من القانون تسمح للشركة بتحقيق نسبة من الأرباح، بعد استقطاع حصة الدولة، ولكن هذه الأرباح تذهب الى صندوق “احتياطي رأس المال”، حسب المادة (١٢) من القانون. وليس واضحا ما اذا كان بالإمكان استخدام رصيد هذا الصندوق لتعزيز رأس مال الشركة العامل، ام انه لا يستعمل الا في حالة الظروف الطارئة فقط.
رابعا – الصناديق الأربعة
من المادتين (١١و ١٢) من القانون نلاحظ ايضا ان القانون يسمح باستقطاع ما لا يقل عن (١٠٪) من واردات النفط المتبقية، بعد استقطاع جميع الكلف الاستثمارية والتشغيلية للشركة. وان ما يستقطع يوزع على أربعة صناديق، الاول لاحتياطي رأس المال والثاني للمواطن والثالث للأجيال والرابع للإعمار. وتعقيبا على ذلك نقول:
١ – ان مبدأ استقطاع ما لا يقل عن ١٠٪ من واردات النفط يصعب تبريره في هذه الظروف التي يمر بها البلد. فديون العراق الداخلية والخارجية عالية ومتطلبات إعمار المدن التي خربتها داعش كبيرة. أضف الى ذلك ان أسعار النفط ما زالت غير مستقرة وربما تهبط ثانية.
٢ – ان توزيع الأرباح على المواطنين، فضلا عن كونه قطرة في بحر، فهو يعزز ثقافة الإتكال على الدولة، وبالنتيجة فهو يفاقم الحالة الريعية للاقتصاد العراقي، وليس العكس.
٣ – اذا لا توجد أموال كافية للجيل الحالي، فكيف لنا ان نفتح صندوقا لأجيال المستقبل؟. ومع ذلك، وعندما تتوفر اموال كافية مستقبلا، يمكن فتح صندوق للأجيال، تكون من وظائفه ايضا تغطية بعض العجز في الميزانية السنوية.
٤ – اضافة لذلك، ان الادارة المالية والفنية لهذه المشاريع الضخمة ليس من اختصاص شركة النفط الوطنية، إذ هي لا تمتلك كوادر مؤهلة لهذا العمل، وعليها خلق دوائر جديدة ذات اختصاصات مالية ومصرفية وقانونية لإدارة صندوقي المواطن والاجيال، وخلق دائرة هندسية واقتصادية لإدارة مشروع صندوق الإعمار، وهو أمر ليس يسيرا، خاصة على شركة ما تزال في اول الطريق.
خامسا – توزيع الأرباح
بموجب المادة (١٢ ثالثا) من القانون توزع أرباح صندوق المواطن على العراقيين المقيمين في العراق، بأسهم متساوية القيمة. وتحجب هذه الأرباح عن الأقاليم والمحافظات التي تمتنع عن تسليم عائدات النفط والغاز الى الشركة.
ان هذه المادة من القانون تثير كثيرا من التساؤلات، لعل أهمها: هل القوانين الاتحادية ملزمة للجميع ام يمكن تجاوزها من قبل الاقليم والمحافظات؟ وإذا كانت ملزمة للجميع فلماذا الكلام عن تسليم العائدات النفطية او عدمه؟. ألا يعد ذلك تشكيك في جدوى القوانين الاتحادية؟. ومن الناحية الدستورية، هل يحق لمجلس النواب ان يميّز بين عراقيي الداخل والخارج ويُشرع لأحدهما دون الآخر؟. وهل يمكن تجاوز ذلك عن طريق تحويل صندوق المواطن الى صندوق المحتاجين الذين هم دون خط الفقر، وبذا يحل محل صندوق الرعاية الاجتماعية الحالي، المثقل بالتجاوزات وعدم الكفاءة؟.
سادسا – العلاقة مع إقليم كردستان
برغم ان المادة (٢ ثانيا) من القانون قالت ان الشركة تُمارس أعمالها في جميع أراضي جمهورية العراق وخارجه نيابة عن الدولة العراقية، لكن العلاقة النفطية مع اقليم كردستان ليست واضحة، عدا ما جاء في المادة (٦) من القانون، عن تعيين وكيل وزارة الثروات الطبيعية في الاقليم عضوا في مجلس إدارة الشركة. الأسئلة التي تتبادر الى الذهن هي من سيُنسق عمليات الانتاج والنقل في الاقليم، وما دور الشركة بذلك؟ ومن سيتفاوض ويوقع العقود الجديدة في الاقليم؟ وباختصار هل سيطبق في الاقليم ما يطبق في المحافظات المنتجة؟.
سابعا – العلاقة مع المحافظات المنتجة
تطبيقا للمادة (١١٢) من الدستور ينبغي ان تقوم الشركة بإدارة النفط والغاز مع حكومات الاقليم والمحافظات المنتجة. ولكن اذا نظرنا الى المادة (٦) من القانون نلاحظ ان مجلس إدارة الشركة لا يظم ممثلين عن كل المحافظات المنتجة. فكيف إذن سيتم التنسيق مع المحافظات المنتجة، غير الممثلة في مجلس إدارة الشركة؟ هل سيتم إشراكهم في مناقشة الامور التي تخصهم فقط ام ماذا؟.
وختاما، نرى ضرورة التريث بتنفيذ القانون لحين اجراء التعديلات المطلوبة، آخذين ملاحظاتنا بنظر الاعتبار، ولكم منا فائق الشكر والاحترام.
الموقعون:
١ – طارق احسان شفيق، مؤسس ومدير تنفيذي لشركة النفط الوطنية العراقية،١٩٦٤/ استشاري نفطي لغاية الآن.
٢ – ثامر حميد العگيلي، مدير عام سابق لعدة شركات تابعة لوزارة النفط/ شركة النفط الوطنية العراقية، آخر ها مدير عام شركة الحفر العراقية، ١٩٩٣. استشاري نفطي لغاية الآن.
٣ – كامل محمود المهيدي، نائب المدير العام لشؤون التخطيط والدراسات سابقا، وباحث واستشاري نفطي حاليا.
٤ – الدكتور هاشم الخرسان، عضو إدارة شركة النفط الوطنية العراقية ١٩٧٧-١٩٨٧، رئيس شركة نفط الشمال ١٩٧٩، مدير عام شركة الاستكشافات النفطية ١٩٨٢-١٩٩٠، مستشار فني واقتصادي،شركة موبل اويل الامريكية١٩٩٢، رئيس فرع شركة بايونير الأميركية في تونس حتى عام٢٠١٠.استشاري حاليا.
٥ – قحطان حميد العنبكي، مدير مشاريع مصافي الشمال ومدير عام عدة شركات في وزارتي النفط والصناعة ودائرةالتصنيع الوطني للنفط والغاز في وزارة النفط، لغاية ٢٠٠٤، مهندس استشاري حاليا.
٦ – علاء كاظم الخطيب، عمل في هندسة المكامن وتطوير حقول النفط والغاز في العراق والولايات المتحدة وخمسة بلدان اخرى.
٧ – عبد الزهرة جودة كاظم المحمداوي، مهندس استشاري، خبرة طويلة تزيد عن ٣٠ عاما في عمليات الاستكشاف النفطية.
٨ – حسين محمود المهيدي، خبير نفطي، خبرة تزيد عن ٣٥ عاما في جيولوجيا الانتاج وهندسة النفط والحفر.
٩ – عادل العاني، مهندس استشاري، مدير الحفر التطويري، مدير هيئة المواد سابقا في شركة نفط الجنوب، مدير عدد من مشاريع الحفر في عدد من الشركات خارج العراق وداخله، والمدير المفوض لشركة العرب لصيانة المعدات النفطية.
١٠ – معاذ الفياض، مهندس نفط استشاري، لعمليات آبار النفط والغاز.