استقدم على أثرها الحزب الديمقراطي قوّات الزيرفاني لإخماد حدة التظاهرات
السليمانية – عباس كاريزي:
اعتقالات بالجملة وقمع وتنكيل واعتداء على المواطنين ووسائل الإعلام، كانت السمة الغالبة على التظاهرات التي نظمها آلاف من الموظفين، الذي جابوا شوارع المحافظات والاقضية والنواحي في الإقليم، للمطالبة بمستحقاتهم المعاشية، وإنهاء الاستقطاع الإجباري في رواتبهم المتأخرة من قبل حكومة الإقليم.
للمرة الاولى منذ بدء سلسلة التظاهرات والاعتصامات والاضراب العام الذي ينظمه الموظفين في الاقليم منذ سنتين، شهدت محافظة اربيل التي كانت الى حد ما بعيدة عن مظاهر الاعتصام والتظاهر، ، تجمع الاف المواطنين والموظفين امام مبنى مجلس الوزراء، في تحد واضح لحدة الاجراءات الامنية المتخذة من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني، مرددين شعارات نددت بالتجاوزات المستمرة للسلطات في الاقليم على حقوق الشعب، مطالبين باسقاط حكومة الاقليم، التي وصفوها بالفاسدة، الفاشلة، السارقة لقوت وثروات شعب كردستان.
من جانبها قامت عناصر مكافحة الشعب الذين شكلوا حاجزا امام المتظاهرين، الذين حاولوا الاقتراب من مبنى مجلس الوزراء، باطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي في محاولة منهم لتفريق المتظاهرين، ما ادى الى اصابة العشرات منهم بجراح، فضلاً عن قيام قوات الاسايش باعتقال العشرات من المتظاهرين، الذين رددوا شعارات نددت بحكومة الاقليم والحزبين الحاكمين، واقتادوهم الى جهة مجهولة.
مراسل قناة ان ار تي الاهلية التي قامت بتغطية التظاهرات منذ ساعات الصباح الباكر، قال ان قوة امنية كانت ترتدي ملابس مدنية مدججين بالاسلحة هاجمت المتظاهرين امام مبنى مجلس الوزراء بمحافظة اربيل، وقامت بالاعتداء عليهم بالضرب بينهم عضو مجلس النواب،عن الجماعة الاسلامية سليم شوشكيي، واردف ان تلك القوة اعتدت بالضرب كذلك على الطاقم الفني لقناة ان ار تي وصادرت الاجهزة والمعدات التي كانت بحوزتهم.
وتابع مراسل قناة ان ار تي هيرش قادر، ان قوات الاسايش وفي محاولة منها لاخماد حدة التظاهرات وتفريقهم، هاجمت الجموع المتظاهرة ومنعت طاقم القناة من تغطية التظاهرات وقامت بالاعتداء بالضرب وكسرت المعدات والاجهزة التي كانت بحوزتهم لتمنع استمرار البث المباشر للقناة.
مصادر مطلعة ذكرت للصباح الجديد، ان الحزب الديمقراطي استقدم على اثر ذلك قوات خاصة من الزيرفاني واستبدل بها قوات مكافحة الشغب، ليحكم بذلك سيطرته على مداخل ومخارج الدوائر الحكومية في محافظة اربيل.
التظاهرات التي بدأت منذ ساعات الاولى لصباح يوم امس الاحد في جميع محافظات الاقليم، خرج على اثرها الاف الموظفين والمواطنين وتجمعوا امام مديريات التربية ودوائر الصحة في محافظات السليمانية وحلبجة واربيل ودهوك وادارتي كرميان ورابرين، وقامت الملاكات التدريسية في محافظة السليمانية بنصب الخيم والسرادق امام مبنى محكمة السليمانية ومديرية التربية وسط شارع سالم وهو الشارع الرئيس في المحافظة، رافعين شعارات طالبوا فيها بايقاف السرقة والاستيلاء على ثروات الشعب وتغيير السلطة ومنح الرواتب المتأخرة للموظفين.
بدوره قال رئيس برلمان كردستان المستقيل يوسف محمد وسط المتظاهرين امام مديرية التربية بمحافظة السليمانية، ان السلطة الحالية فشلت على الصعد كافة، تمادت كثيرا وانها تجاوزت على كافة القيم والمبادئ الوطنية، الامر الذي ادى الى استشراء الفساد والمحسوبية والتجاوز على المال العام، وهو بدأ منذ اللحظة الاولى لتعطيل برلمان كردستان بقرار حزبي لمدة عامين، بعد ان كان ينوي مساءلة المسؤولين عن تدهور الاوضاع الاقتصادية واستشراء الفساد والتجاوز على المال العام في مؤسسات الاقليم.
ويقول محمد سيروان وهو موظف في دائرة الصحة في مدينة اربيل، موجها كلامه الى الحزبين الحاكمن، «الى متى ستظلان متسلطان على رقاب الشعب الا تشعران بالخجل من السياسات وتجاوزتكما المستمرة على حقوق الشعب»، مضيفاً ان السلطات الحالية في الاقليم خسرت ثقة الشعب لانها ابتعدت عن معاناة المواطنين وان بقائهم في السلطة، تجاوز صارخ على حقوق الشعب.
وبينما اكدت مصادر مطلعة للصباح الجديد عن قيام الاجهزة الامنية وقوات الاسايش في محافظة دهوك باعتقال العديد من النشطاء ومنظمي التظاهرات، وما زال مصير اغلبهم مجهولا، طالب العشرات من اعضاء برلمان الاقليم، بعقد جلسة استثنائية طارئة للمجلس لمناقشة قانون الإصلاح في الرواتب ومطالب المتظاهرين.
من جهتها طالبت الملاكات التدريسية للتعليم الكردي في محافظة كركوك خلال تجمع اقاموه امام مبنى مديرية التربية بالمحافظة، بنقل ملاكاتهم الوظيفية من حكومة الاقليم على ملاك الحكومة الاتحادية.
في غضون ذلك اعلنت حركة التغيير، ان الاجراءات التي اتخذتها الحكومة الاتحادية لاعادة صياغة شكل العلاقة بين الاقليم والمركز، وتسليم ملف النفط ووارداته الى بغداد كفيل بضمان حصول المواطنين والموظفين على حقوقهم ومستحقات ومرتبات الموظفين كاملة من دون استقطاع.
وقال عضو مجلس النواب عن كتلة التغيير في مجلس النواب العراقي هوشيار عبد الله، في حديث تابعته الصباح الجديد، ان تسليم ملف النفط وواردات الاقليم من مطارات وجمارك ومنافذ حدودية لا يعد اضعافا للاطار الدستوري لاقليم كردستان، وانما هو اضعاف للعوائل الحاكمة والسراق السياسيين.
وعبر عبد الله عن استغرابة من اعتبار البعض تسليم النفط والموارد الاخرى التي تنهب وتبدد من قبل الاحزاب الحاكمة، ولا تعود موارده الى الشعب، الى بغداد اضعافاً للاقليم، مؤكدا ان الاعتقاد السائد بان تسليم النفط الى بغداد ليتم تصديره عبر شركة سومو اضعاف لاقليم كردستان، يصب في خانة التخندق القومي وهي خطابات وشعارات انتهازية لا تغني ولا تسمن من جوع.
الى ذلك عقد المجلس الاعلى للنفط والغاز في الاقليم اجتماعا عاجلاً لدراسة مطالب المتظاهرين والرد عليها، بينما شككت احزاب المعارضة بقيام حكومة الاقليم باية اصلاحات او اجراءات ادارية تصب في مصلحة المواطنين وشعب كردستان الذي يعيش منذ سنوات في ظل الازمات الاقتصادية المتراكمة، والفساد والمحسوبية تحت وطأة اوضاع معيشية ومعاشية مزرية ارتفعت معها مستويات البطالة الى 40 % في بعض المدن، لتنخفض معها مستويات دخل الفرد وارتفاع الفقر، ليعجز في ظله المواطنون من تأمين قوتهم اليومي.