نوع جديد من الاحتجاج:
معاذ فرحان
يقدم محتجون في الخارج على القيام بما لا يمكنهم القيام به في كردستان إذ يحاولون الانتقام من مسؤولي إقليم كردستان في البلدان الأوروبية.
وبمجرد توجّه وفد أو مسؤول رفيع من إقليم كردستان الى البلدان الأوروبية، يبلغ قادر نادر الناشط الكردي في السويد وأصدقاءه عبر حساباتهم الجالية الكردية بموعد ومكان وصول الوفد ويبدأون بتحركاتهم، فهم يريدون تطوير نموذج جديد للتعبير عن الاحتجاج والتعرض للمسؤولين في الخارج.
نشاطات قادر نادر ورفاقه موجهة إلى مسؤولي وسلطات الإقليم مباشرة، إذ يتهمون إياهم وجها لوجه بـ”الفساد والتسبب في معاناة مواطني كردستان واغتيال الصحفيين”.
قادر نادر قال “لا بد أن نتبع طرقا جديدة أكثر تأثيرا في إقليم كردستان، لذلك فكرنا في هذه الطريقة، وقد بدأنا الأمر منذ 2011، في البداية كنا نقف بوجه المسؤولين ونتقدم بدعاوى ضدهم الى ان نظمنا لأول مرة تظاهرة ضد بارزاني في عام 2014”.
يقيم قادر نادر في السويد وهو أحد الناشطين الذين ينتقدون سلطات الاقليم بشدة، ويرى ان جميع الأساليب التي تمت تجربتها داخل كردستان لم توقظ مسؤولي الحزبين الحاكمين في اقليم كردستان الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.
ويضيف: “لا تؤثر الكتابة والتظاهرات على مسؤولي الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني، ولكن حين تواجههم وتوجه إليهم الشتائم عندها فقط قد يفهمون ما هي القوانين والديمقراطية”.
وبهدف جعل هذا الأسلوب أكثر تأثيراً، يقوم المحتجون عند شتم المسؤولين بتصوير حديثهم وردود أفعال المسؤولين عن طريق هاتفهم المحمول ثم ينشرون الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
نوزاد هادي محافظ أربيل الذي شارك مع محافظي السليمانية ودهوك في مؤتمر الطاقة البديلة الذي عقد في العاصمة البلجيكية بروكسل أواخر شباط (فبراير) الماضي وقع في فخ احد الناشطين الكرد الذي صوره بهاتفه، وقد احدث الأمر ردود أفعال مختلفة بين مؤيد ومعارض.
والتقى الناشط الكردي فريدون كونجريني في ألمانيا إبان استفتاء اقليم كردستان في الخامس والعشرين من أيلول (سبتمبر) الماضي، التقى بفريدون عبد القادر عضو المكتب السياسي السابق للاتحاد الوطني الكردستاني واحد داعمي بارزاني في اجراء الاستفتاء، وقد اتهم الأول الثاني بأنه “فاسد ومساهم في فشل الحكم في الإقليم”.
كونجريني قال: اننا “نقوم بهذا الأمر حتى يمتنع الناس عن التقاط صور السيلفي مع اشخاص يمتهنون الفساد، هذه الظاهرة ستؤدي الى منح المسؤولين مكانة اكبر من حجمهم وبالتالي يصابون بالغرور”.
ويلتقط بعض المواطنين في كردستان صورا مع المسؤولين عند خروجهم الى الاسواق والاماكن العامة، وحول ذلك قال كونجريني: “نريد ان ننهي هذه الظاهرة وان يواجه الناس المسؤولين الفاسدين بالطريقة الصحيحة حتى لا يظهروا أنفسهم كأشباح ولا يبنوا قصورا ومباني أكثر ارتفاعا”.
وجرب الناشطون والمواطنون جميع الطرق تقريبا لبيان احتجاجهم وانتقاداتهم، فمنذ بداية عام 2015 لجأوا الى تنظيم اكثر عدد من التظاهرات والاعتصامات فضلا عن أن بعض وسائل الإعلام قد حولت مؤسساتها إلى منابر ليعرض المواطنون من خلالها هموم انعدام الخدمات والرواتب والبطالة وانعدام حرية التعبير.
وقد أعدت قنوات إعلامية معارضة وكذلك التابعة للمعارضة برامج خاصة من اجل إيصال صوت المواطن الى المسؤولين فضلا عن توجيه بعض المواطنين انتقادات حادة الى المسؤولين عبر صفحاتهم وحساباتهم.
الأساليب المتبعة لعرض المشكلات لم تسفر عن شيء يذكر، فسكان الإقليم يعانون من انعدام الرواتب والخدمات والبطالة ولا يبدو ان اسلوب الناشطين في أوروبا سيوقظ حكومة اقليم كردستان.
وقال نوري عثمان رئيس دائرة التنسيق والمعلومات في مجلس وزراء إقليم كردستان: “هؤلاء ليسوا ناشطين، من يصفهم بالناشطين؟، ما هي نشاطاتهم غير التخريب والفضح وهو عمل مقزز، هل نظموا تظاهرات ضد دولة ما او ضد احتلال كركوك؟ إنهم يقومون بتلك الامور من اجل أهداف حزبية”.
وأضاف: “ماذا فعل هؤلاء غير التخريب؟ فليذكروا لنا شيئا واحدا، هل يعتبر شتم محافظيك نشاطا؟ انه ليس نشاطا انما هو عمل غير تربوي يعبرون به عن أنفسهم”.
عثمان يرى ان على الجالية الكردية في الخارج – الكرد المقيمون في البلدان الأوروبية وأميركا – أن تدافع عن الشعب الكردي “ولكن ماذا يريد هؤلاء ان يفعلوا وبمَ يطالبون”؟
وأضاف: “لو كان هؤلاء الناشطون في إقليم كردستان لما أفلتوا من العقاب بسهولة، إلا ان القوانين والاجراءات النافذة في اوروبا قيدت يد حكومة اقليم كردستان، يفعلون ما يريدون في تلك البلدان ولا يحق لنا التدخل فتلك البلدان لديها قوانينها وإجراءاتها الخاصة بها”.
أول عملية للناشطين الكرد والتي نشرت مصورة، كانت عام 2015 عندما هتف أربعة ناشطين أمام البرلمان السويدي ضد فلاح مصطفى مسؤول دائرة العلاقات الخارجية لحكومة إقليم كردستان وهم يرفعون صور ثلاثة صحفيين مغتالين.
في أواخر العام الماضي هتف عدد من الناشطين امام مكان اجتماع نيجيرفان بارزاني رئيس الحكومة ونائبه قوباد طالباني مع المسؤولين الألمان، الا ان الإجراءات الأمنية المتبعة منعتهم من القيام بمثل ما قاموا به ضد نوزاد هادي.
ولا يزيد عدد من يقومون بمثل هذه العمليات عن أصابع اليد وقد تعرضوا لتهديدات بالقتل كما يقولون، “يجب أن تكون العملية سرية، فهي ليست بحاجة الى عدد كبير من الأشخاص” هذا ما قاله قادر نادر الذي تعرض لتهديدات بالقتل لأكثر من مرة حسب قوله.
هؤلاء المحتجون يتلقون دعما كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي ويثني عليهم كل من يعارضون مسؤولي الحكومة، وفي المقابل يعارض مؤيدو الحزبين الحاكمين هذه التحركات ويضعون صورا لكل مسؤول يتعرض لهجوم في الخارج لبروفايلاتهم وذلك كنوع من التعبير عن مساندتهم.
*عن موقع نقاش