حملة وطنية للحفاظ على المياه في دجلة والفرات
متابعة الصباح الجديد:
اكد وزير الموارد المائية حسن الجنابي امس ان رئيس وزراء تركيا ابلغ السيد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بتأجيل ملء سد اليسو التركي حتى شهر حزيران بدلا من شهر آذار ، مع الامل بان يتحسن الموسم المائي لتجاوز الشحة المتوقعة.
وقال وزير الموارد حسن الجنابي في بيان تلقت “الصباح الجديد” نسخة منه، إن “رئيس وزراء تركيا ابلغ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بتأجيل ملء سد اليسو التركي حتى حزيران المقبل بدلا من آذار المقبل”.
وأضاف الجنابي، أن “تأجيل ملء السد يأتي على أمل تحسن الموسم المائي لتجاوز شح المياه المتوقع في العراق”.
وعقدَ اجتماع مشترك في الهيئة العامة لتشغيل مشاريع الري والبزل برئاسة المهندس علي راضي مدير عام الهيئة وبحضور اعضاء خلية الأزمة والمركز الوطني وادارة سدة الكوت ومدراء الموارد المائية لحوض دجلة ومدراء شعب الموارد المائية في واسط وتم مناقشة الشحة المائية والالتزام بتطبيق نظام المراشنه بدقه وإعادة التوزيعات بما يتناسب والاطلاقات المتوقعة لعمود دجلة وتم الخروج بعدد من التوصيات لتحقيق عدالة توزيعات المياه بين جميع المحافظات.
وتعد الازمة المائية هي الاخطر التي يتعرض لها العراق منذ نصف قرن وصفها الخبراء بانها فجوة مائية خسر العراق جراءها 40% من اراضيه الزراعية بعد تاريخ طويل من العلاقات المتوترة تهدف لسلبه حقوقه في مياه دجلة والفرات التي ضمنتها اتفاقات ثنائية واخرى دولية ملزمة وصرفت الانتباه عما يدبر بالخفاء له لحجم الاخطار المقبلة للسدود والخزانات التي اقامتها كل من تركيا وسوريا وايران على مياه الانهر التي تنحدر اليه تاركة امامها حصة مائية لاتكاد تسد احتياجاته الانسانية والزراعية والغذائية.
ويستدعي امر فائق الخطورة مثل هذا ان تدق نواقيس الخطر جراء ما اعتمدته بعض دول الجوار من سياسات حجز متعمدة لمياه دجلة والفرات التي كفلت انسيابيتها مواثيق دولية مما ادى الى توقف المحطات الكهرومائية في دربندخان والموصل وسامراء وما تبع ذلك من انخفاض خطير في مناسيب الانهار وعجز هائل في مياه الشرب والسقي. فأي خطر هذا الذي ينتظرنا.
وقف العراق منذ سبعينيات القرن الماضي متفرجا لايحرك ساكنا حول ما يدبر له الا قليلا وعلى شكل هبات وزيارات الى بلد المنبع (تركيا) محاورا ضعيفا لانه كان قد تورط في حروب كارثية مما ايقظ في الطامعين احلاما كانت بعيدة تم استغلالها ابشع استغلال من قبل جيرانه 2003 بعد ان تغيرت الخريطة السياسية للدولة العراقية فسلبه حقوق العراق وابتزه سياسيا واقتصاديا حتى وصل الحال باحد الاقتصاديين الاتراك قبل عامين ان يطلق مقولة شهيرة وهي الماء مقابل النفط الملف الامني الذي سحب انتباه العراق الي ما يدبر له وما تنفذه عليه طبيعة دول الجوار من مشاريع اروائية لم يؤخذ رأي الجانب العراقي فيها لكي يتم التنسيق المشترك واسهمت تغيرات المناخ وانحباس الامطار وعدم نزول الثلوج هي ايضا في تقليل فرص رفد العراق بالحصص المقررة وكان اشدها بلاءً هما سدا كيبان واليسو اللذان خزنا واحتجزا مياه الانهر من الوصول الي العراق بعد ان عصفت به موجات متتالية من الازمات المائية وصلت ذروتها في عام 2008، اما عام 2009 فهو الاخطر بالتأكيد.
ولم تنقطع تحذيرات الخبراء العراقيين في وزارة الموارد المائية والتخطيط والانماء الدولي في الاونة الاخيرة من ان استمرار الفجوة المائية بين العراق وبلدان المنابع ستكون كارثة انسانية خطيرة مقبلة على الابواب ستهدد سكانه وتهدد باشعال فتيل صراعات محلية واقليمية قد تجعل منه خلال العشر سنوات المقبلة عاجزا عن تلبية متطلبات السقاية للاراضي الزراعية بل وحتى تأمين مياه الشرب للاستهلاك البشري. صراع مصيري مثل هذا له ابعاده واثاره المدمرة على حياة الشعب العراقي يستدعي ليس دراسات على الورق وانما اقامة مشاريع على الارض وسدود لاحتجاز المياه المتدفقة الى شط العرب والخليج العربي التي تذهب هباءً وهو ما يتطلب من الحكومة ان ينصب جهدها على تطوير ما موجود لديها من مشاريع وصيانتها وتوسيعها ان امكن ومن ثم البدء في حملة وطنية للحفاظ على المياه الوطنية في دجلة والفرات والانهر التي تصب بها من عبث العابثين والمتخلفين لكي نعبر بالعراق حافات الخطر بعدما انحبست الامطار وهي انذارات يجب ان نأخذها مأخذ الجد للحفاظ على هذه الثروة وهو ما يستدعي وضع تصور استراتيجي لسياسة مائية موحدة لمواجهة تحديات الأمن المائي الذي هو انعكاس لمشاريع، سدود ابتدأتها تركيا وتبعتها سوريا وايران فيما بقي العراق بين متفرج ومترقب لكارثة تهدده من دون ان يحرك ساكنا الا بعدما حلت مقدمات الكارثة.