متابعة الصباح الجديد:
تلك الصورة القريبة من أسنان القرش، أو ذلك الفيلم الطويل عن الحياة اليومية لدب قطبي مفترس، أو من يقضي عامًا كاملًا بين أسرة من الحيوانات المفترسة، والاقتراب من الخطر والتضحية بالنفس، هذا ما يفعله مصورو البرية والطبيعة، حتى تصلك الأفلام الوثائقية التي تشاهدها في منزلك وأنت تشعر بالأمان.
هناك عدد من مصوري البرية الذين خاضوا مغامرات بعضها هدد حياتهم ليخرج إلى الحياة مجموعة مميزة وعالمية من أفلام البرية نذكر منهم.
– غوردون بوكانان.. طعام للدب القطبي؟
كاد المصوّر غوردون بوكانان يكون طعامًا للدب القطبي، والذي كان يعمل على تصويره من أجل أحد الأفلام الوثائقية التابعة لشبكة الـ«بي بي سي»، ولذلك لم تكن البرودة القاسية همه الأول في ذاك الوقت.
«لم يكن أكبر دب في فصائل الدببة القطبية، ولكنه ما زال كبير الحجم وخطيرًا» ، هكذا صرح غوردون وهو يتحدث عن تجربته مع الدب القطبي، والذي يُعرف عنه قدرته على قتل البشر، ومع أن الرعب كان واضحًا على صوت غوردون في أثناء هجوم الدب القطبي عليه ، إلا أنه واصل عمله وصوّر المشاهد معلقًا عليها بمعلومات عن هذا الدب الشرس.
وأكد غوردون استعداده التام قبل بداية تصوير هذا الحيوان الخطير، من خلال مذاكرة كل ما يخص طباع الدب حتى يشعر بالثقة وهو قريب منه، وبرغم من التزامه بكتيب الإرشادات الخاص بتلك الفصائل من الدببة ،إلا أنه لم يكن مرحبًا به في هذا اليوم، حيث توتر الدب وبدأ يعلن عن انزعاجه من تواجد غوردون قريبًا منه بعدسة الكاميرا، حتى وإن كان – غوردون – في صندوق زجاجي عازل، ولكن هذا كان أول يوم في العمل فقط، وكان على غوردون التأقلم لأنه ما زال أمامه أيام طويلة من العمل بين الدببة القطبية بالنرويج.
شغف غوردون واقترابه من الخطر لم ينحصر في تجربة واحدة، قد تكون تجربة فيلم «The Bear Family and Me (عائلة الدببة وأنا)» هي الأخطر، حين كان على غوردون الاندماج مع عائلة من عائلات الدب الأسود لمدة عام كامل، حتى أصبح واحدًا منهم، من أجل إخراج هذا الفيلم بالشكل المثالي، والفيلم من إنتاج شبكة الـ«بي بي سي» في عام 2010.
وأشار غوردون أن الأمر كان صعبًا في البداية، خاصة عندما ظن أنه يستطيع التعامل مع الدببة السوداء على كونها كائنات مشعرة أخرى تسير على أربع، ولكنه أكد أن الدب الأسود طباعه تختلف عن الكلاب والحيوانات الأليفة، له لغة جسدية مختلفة عن باققية الكائنات الحية، فعلى سبيل المثال: إذا تثاءب الدب؛ فهذا معناه أنه غضب، وإذا لعق شفتيه؛ فهذا معناه أنه يستعد للهجوم.
2- رايتشل بوتلر.. لا تسيء الظن بالقروش
«لست أنا بطلة هذه الأفلام، الحيوانات هم أبطال أفلامهم»، هذا ما صرحت به صانعة أفلام الطبيعة رايتشل بوتلر للإعلام، واهتمام رايتشل بالطبيعة يتمركز حول الحياة تحت البحار والمحيطات، ولذلك كانت من أحد المصورين المشاركين في فيلم «The Blue Planet الكوكب الأزرق»، والذي يعد من أهم الأفلام الوثائقية التي أنتجت عن الحياة البحرية.
إذا كنت تعتقد أن تصوير الحياة البرية والاقتراب من الحيوانات فوق سطح الأرض، تجربة خطيرة ومغامرة غير مضمونة، فعليك أن تتخيل كيف يمكن لبيئة العمل أن تكون أصعب وأكثر إرهاقًا تحت سطح الماء، حيث الطبيعة التي لا تنتمي إليها، ومعدات الغطس التي تثقل الجسد، إضافة إلى المعدات المُخصصة للتصوير تحت الماء، تلك تجربة كما وصفتها رايتشل ليست بالهينة، ولكنها أيضًا تجربة تستحق المعاناة.
بمجرد أن تغطس رايتشل في عمق المحيطات، ليست فقط الكائنات البحرية، أو المياه النقية هي ما يثير شغفها، بل أيضًا الأصوات تحت المياه تمنحها متعة وراحة نفسية، حتى إنها سجلت هذا الصوت وعرضته على بعض الجماهير في أحد اللقاءات المفتوحة معها.
«عند تصوير أول مشهد لي تحت المياه، كنت أشعر بالذعر، وإذا كان أحدهم قد أخبرني أني فيما بعد ستكون متعتي هي الاقتراب من القروش والأسماك الكبيرة، لقلت إنه مجرد مجنون»، هذا ما صرحت به رايتشل، ووضحت أنها مثل كل البشر، نشأت على الخوف من القروش، والأفلام السينمائية التي تروج الصورة الوحشية عنهم، وقدموها لها.
كما أكدت وكأنها كائنات تهدف للفتك بالإنسان، ولكن هذا الخوف زاد من شغفها تجاه تلك الكائنات الضخمة المهيبة، وربما كان هذا سبب دراستها للأحياء البحرية في البداية، ومن ثم أصبحت صانعة أفلام للحياة تحت سطح البحار والمحيطات.
ما أكدته رايتشل من خلال قضاء عامين متواصلين تسبح فيهم مع أسماك القرش، أن القروش من أكثر الحيوانات التي أساء فهمها البشر، وهي لا تنوي أي شر لأي إنسان، وأكدت أنها لم تتعرض لأي أذى في أي مرة اقتربت فيها من قرش كبير، بل بالعكس عادة ما تكون تلك الحيوانات مذعورة بسبب وجود البشر في بيئتها الخاصة وهي لا تدرك نيتهم تجاهها، وإذا تخلصت من خوفها، فهي تظل خجولة بعض الشيء. وهناك العديد من المبدعين والاسماء المعروفة في هذا المجال.