علمتني مهنتي كإعلامية أن الحقائق دائماً بحاجة إلى إثبات على عكس الكذب، فالناس تميل عادة وفي معظم الأوقات إلى تصديق ما يُقال لهم وما يسمعونه من دون أن يخوضوا عناء البحث ومشقته.
فليس ثمة من يدقق في المصادر ليتأكد من مصداقية معلومة أو حقيقة تلقاها، ـ إلا في القليل النادرـ خصوصاً إذا كانت صادرة من جهة أو وسيلة إعلامية أو شخص معروف إلى حد ما، وهذا ما نراه بوضوح على وسائل التواصل الاجتماعي حيث يوجد غوغائيون مزيفون للحقائق.
الأكاذيب باتت ظاهرة تجتاح الآن حتى الصحف العريقة فكيف الحال بالنسبة لوسائل التواصل الإجتماعي المنلفتة من كل رقابة، بما في ذلك رقابة الضمير!!
أقرأ أخباراً وهمية عن العراق وحوله من صنع الخيال، التلاعب فيها واضح رغم البراعة في التمويه، لتبدو وكأنها أخبار موثوق بها، وهناك جمهور كبير على استعداد لتصديقها، وإعادة نشرها بدوافع عاطفية. وللأسف، فان الحقائق الموضوعية، أقل تأثيراً في تشكيل الرأي العام من التأثيرات العاطفية، والمعتقدات الشخصية.
الأخبار الوهمية على ما فيها من جرأة التلفيق والكذب الصريح تدل على وجود مجتمع لا يعير أدنى إهتمام للحقيقة، وعندما لا نستطيع أن نتفق على الحقائق الأساسية، أو حتى على أشياء أقرب إلى الحقائق، فكيف يمكن أن نتحاور، أو نتحدث إلى بعضنا البعض؟
لقد تعودنا المعلومات المكذوبة على الانترنت، ومع حوالي مليار و790 مليون شخص حول العالم يستخدمون الفيسبوك، أصبحت وسيلة التواصل هذه أكبر منصات إطلاق الأخبار الوهمية والمبالغات والمعلومات الخاطئة والمضللة. ولا تنكر شيريل ساندبرج، الرئيس التنفيذي للعمليات في الفيسبوك هذه المشكلة، وتقول: نحن نتحمل المسؤولية، وسنبحث في الخيارات، مثل العمل مع أطراف ثالثة، تساعدنا على القيام بالأشياء التي يمكن القيام بها لجعل الأمور أكثر وضوحا.
وبالنسبة لأولئك الذين يهتمون بالدقة والأدلة، نقول حان الوقت للاعتراف بأن شيئا ما قد ذهب بعيدا عن مساره، هو الحقيقة لا غير.
نبحث عن الحقيقة بحماس، لكننا كثيرا ما نلجأ الى الكذب كوسيلة للتأثير على العقول التي تجهل سحره..
الكذب نوع من التمثيل، والكذابون ممثلون بالسليقة، غير أن بعضهم يغوص داخل الشخصية فيبدو وكأنه يقول الحقيقة..
وهذا ما نشهده في عالم اليوم..
فريال حسين
الأكاذيب كحقائق
التعليقات مغلقة