تعج جامعاتنا بالعديد من الأطاريح والدراسات الأكاديمية التي تعالج موضوعات مهمة في الثقافة والفنون والأدب، غير أن معظم هذه الدراسات لم تبارح رفوف الجامعة، وليس لها أي موضع يمكن ان يمتد إليه تأثيرها، ولاسيما أن وسطنا الثقافي يريد استشراف الجديد. ،والحداثي على منبر هذه المؤسسة، وهي مؤسسة من مهمتها ورسالتها رعاية الإبداع
واللافت أن هذه الدراسات لم تستطع اختراق الوسط الأكاديمي، حيث بقي الكثير منها في فضاء البحث النمطي المملوء بالشواهد والمصطلحات والمصادر، ولو تتبعنا بعضا من هذه الدراسات لوجدنا بضاعتها لاتغني أو تسمن من جوع.
فالبحوث الأكاديمية ينبغي أن تتميز بالرصانة والحجة القوية، وأن تستثمر موجهات الحداثة، والا تستسلم للقدامة إلا في حدود التوثيق، وتوظيف العلاقة الجدلية بين موثبات الماضي، ومحفزات الحاضر .
فهناك الكثير مما ينتج لا يصلح حتى للمبتدئين، ذلك لفقر مادته، وقصور رؤيته ،وسقوطه في فخ الاجترار، حيث لم يلمس القاريء أي إضافة نوعية إلى المتطامن في أعماقنا، أو تجديدا في صياغة الأفكار، ولعل العناية بالنقد الأكاديمي يتطلب توفر الأدوات النقدية عند كل دارس، كما أن للذائقة الأدبية أثرها المؤكد في إنتاج المعنى الأدبي، وحضور الذات المبدعة في تحليله وتأويله.
فالنقد يعد من أصعب الممارسات الأدبية، فالتعامل في هذا الميدان لم يكن مقصورا على الناقد وحده، فمسؤوليته مسؤولية مزدوجة تطال المنتج ونتاجه، وليس من المعقول أن نرى هذا الحقل الخطير مسرحا مفتوحا للتجريب وفاقدي الموهبة.
فالناقد في الحقيقة ناقد بادواته وموهبته وذائقته وموضوعيته. ،أن لم نقل حتى مكتبته التي تسهم في صناعة هذا الناقد، وبعكسه نستطيع القول بأن لنا كتبة ما زالوا في طور المخاض، ولم نجد متعبدا على سيمائه إمارات ناقد..
عبد الأمير خليل مراد
النقد الأكاديمي
التعليقات مغلقة