بارزاني يفقد جميع أوراقه السياسية والتفاوضية
السليمانية ـ عباس كاريزي:
في مؤشر جديد على عمق الأزمة والعزلة التي يعاني منها رئيس الإقليم المنتهية ولايته مسعود بارزاني، بعد الفشل الكبير الذي منيت به سياساته وإصراره على إجراء الاستفتاء، وجه بارزاني نداء الى المجتمع الدولي، طالب فيه أن يقف العالم ضد ما اسماها بالاعتداءات والتجاوزات وتهجير المواطنين التي تمارسها الحكومة العراقية ضد الإقليم.
وبينما كان شعب كردستان يتوقع ان يقدم بارزاني الذي يقف وحيدا استقالته من منصبه، الذي يشغله بنحو غير قانوني، بعد انتهاء مدة ولايته الرابعة في 18 من أب عام 2015، بعد التراجع والانسحاب غير المدروس لقوات البيشمركة في معارك كركوك، ما ادى الى سقوط عشرات الشهداء بين صفوفها، جراء تعنت بارزاني بصفته القائد العام للقوات المسلحة في الاقليم، وفشله في توقيع اتفاق مسبق مع الحكومة الاتحادية على المشاركة في إدارة المناطق المتنازع عليها، إلا انه وعوضا عن تقديم استقالته والحفاظ على ما تبقى من ماء وجهه بات يكيل التهم بالعمالة والخيانة لجناح من الاتحاد الوطني، بالتآمر لتسليم محافظة كركوك من دون قتال للقوات العراقية.
كما ودعا عضو المجلس القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني اريز عبد الله الى الغاء مؤسسة رئاسة الاقليم من الاساس، وتوزيع صلاحيات رئيس الاقليم على برلمان ورئاسة حكومة الاقليم، وتحويل نظام الحكم إلى برلماني.
واضاف عبد الله في تصريح تابعته الصباح الجديد، انه وبهدف الخروج من المأزق الراهن على برلمان الاقليم، ان يعقد جلسة بمشاركة جميع الاطراف لتشكيل حكومة إنقاذ وطني تأخذ على عاتقها ادارة جميع مفاصل ومؤسسات البلاد لحين إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في الاقليم.
وبعد ان اكملت القوات العراقية اول امس الجمعة عملياتها العسكرية في اطار إعادة انتشارها بمحافظة كركوك، بالسيطرة على ناحية التون كوبري، اكد عضو مجلس النواب عن محافظة كركوك ريبوار طه ضرورة ان تشارك جميع القوى السياسية والمكونات بتسمية حكومة محلية جديدة لمحافظة كركوك وان تنتخب من قبل ابناء المدينة بنحو شرعي.
واضاف طه في تصريح للصباح الجديد، ان الاتحاد الوطني أجرى حوارا مفتوحاً مع جميع المكونات في محافظة كركوك، التي قال انها ابدت استعدادها للتعاون والتنسيق لتشكيل الحكومة الجديدة، واختيار المحافظ ورئيس مجلس المحافظة خلال جلسة لمجلس المحافظة الذي توقع ان تكون قريبة.
واضاف ان الاتحاد تحدث مع الجبهة التركمانية والاخوة في القائمة العربية بمجلس المحافظة والحوارات مستمرة للوصول الى اتفاق لبناء الحكومة المحلية في كركوك، بما يصب في مصلحة جميع المكونات، ويضمن عدم تكرار الأخطاء السابقة.
وحول موعد البدء بحوار مع بغداد اشار ريبوار طه الى انه لم يتم لحد الان تحديد موعد لزيارة وفد كردستاني مشترك الى بغداد، متوقعا ان تبدأ الأطراف السياسية الكردستانية بالتباحث لتسمية وفد يزور بغداد قريبا، لمناقشة آلية معالجة المشكلات والسبل الكفيلة بتحقيق التعاون لادارة المناطق المتنازع لها.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد عبرت عن قلقها من التقارير التي ذكرت حصول اشتباكات بين قوات البيشمركة والجيش العرقي بالقرب من بلدة التون كوبري، مطالبة جميع الأطراف إلى وقف جميع أعمال العنف والتحركات الاستفزازية، وتنسيق أنشطتها لاستعادة الهدوء.
وحثت المتحدث الرسمي للخارجية الاميركية هيذر نويرت في بيان اول امس الجمعة الحكومة المركزية على تهدئة الوضع من خلال الحد من تحركات القوات الاتحادية في المناطق المتنازع وحصرها إلى تلك التي يتم التنسيق بشأنها مع حكومة إقليم كردستان.
وطالبت جميع الأطراف بالدخول في حوار، على أساس الدستور العراقي، وذلك بحسب عرض رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي الذي وافقت عليه حكومة إقليم كردستان بنحو معلن، مؤكدة ان الولايات المتحدة ملتزمة بعراق موحد ومستقر وديمقراطي وفيدرالي، وملتزمة تجاه حكومة إقليم كردستان بوصفها جزءا لا يتجزأ من الوطن، معلنة العمل مع المسؤولين من الحكومة المركزية والإقليمية للحد من التوترات وتجنب المزيد من المصادمات وتشجيع الحوار.
وكان بافل طالباني النجل الاكبر للرئيس العراقي السابق جلال طالباني قد عدّ امس السبت، إجراء استفتاء كردستان في الخامس والعشرين من شهر ايلول الماضي «خطأ فادحاً» ، مبيناً انه كان الاجدر بالقيادة الكردية القبول بالمقترح الأميركي بتأجيل الاستفتاء لسنتين.
وذكر طالباني في تصريح صحفي ان «لديه وثائق تؤكد ان ثمانية وثلاثين قياديا في الاتحاد الوطني من أصل خمسين، وقعوا على عودة الجيش العراقي الى قاعدة «كي وان» لتصبح منطقة مشتركة للقوات الاميركية والبريطانية وبقية أعضاء التحالف الدولي وجزء من الجيش العراقي.
واضاف، ان «هذا الاتفاق كان الوحيد الذي وقع عليه والذي كان سيقف حائلا دون وقوع الأحداث الأخيرة في مدينة كركوك، لكن القيادة الكردية اثبتت مرة أخرى عدم قدرتها على اتخاذ القرارات الصحيحة»، حسب تعبيره.
وأوضح انه كان من الأفضل قبول المقترح الأميركي بتأجيل الاستفتاء لعامين، مشدداً على ضرورة الحوار والتفاوض مع بغداد والمجتمع الدولي، والمحافظة على الوحدة الكردية في هذا الظرف العصيب.
وكانت حكومة إقليم كردستان قد رحبت ببيان وزارة الخارجية الأميركية حول ما يجري في المناطق المتنازع عليها، وطالبت بحلحلة المشكلات عبر إجراء حوار مع بغداد بأسرع وقت وفي اطار الدستور العراقي من دون أية شروط مسبقة.