فتاة بكامل أناقتها ذات جمال اخاذ اقتربت مني وتكلمت معي بصوت خافت كنت اعتقد بأنها ضلت الطريق او انها تعرفني الا انني وبعد التركيز على لهجتها وبعد تجاوزي للصدمة اكتشفت انها متسولة تحدثت لي باللهجة السورية تطلب مني المساعدة ابتسمت بوجهها والحيرة تعلو وجهي ولا يعلو وجهها شيء فملامحها لم يرتسم عليها أي ردة فعل وكأنها تمثال من الشمع.
بعدها بأيام اقتربت مني متسولة محلية عرفتها من هيئتها وشعرها الاشعث ووجهها المغبر بكل المآسي التي مرت على العراق وطلبت مني المساعدة بصوت مرتفع وبنبرة حادة وملامح ناقمة على كل من حولها ابتسمت بوجهها فامتعضت مني وقالت « لمَ الابتسامة، تساعديني لو لا«..
تركتها ومشيت بضع خطوات وتذكرت المتسولة السورية وهنا لا اقصد المقارنة بين متسولة ومتسولة أخرى، ولكن الأولى كانت نظيفة ومتأنقة والثانية ترتدي ملابس قذرة وشعرها أشعث بالرغم من انها تخفيه بقطعة قماش.
وعلى الرغم من كونهما امتهنتا الاستجداء الا ان السورية اختارت ان تكون متسولة نظيفة والأخرى اختارت ان تعكس لنا ابشع صور الحاجة وتذكرت حينها مقولة لإحدى صديقاتي التي كانت دائما ترددها عند مشاهدتها لأي شخص متسول او غير متسول « ان الفقر من الله والقذارة وعدم النظافة فهي من البشر ذاتهم « .
وان كانت متسولة واتخذت من الشارع بيتاً لها بل وارتضت ان ترمي بماء وجهها مقابل بضعة آلاف فهي من الطبيعي ان تتقبل وضعها بالشكل الذي اختارته، ليتناسب مع مهنة التسول.
نعم مهنة التسول اذ لا يمكن ان يلجأ الفقير للتسول من دون ان ينخرط بأحدى العصابات المتخصصة في هذا المجال وهي التي تتولى عملية توزيعهم بين التقاطعات والشوارع والاحياء المحليين منهم والوافدين ، لاسيما القادمين من سوريا الشقيقة .
وهنا لا اطلب من خلال كلامي هذا بتوصيف الزي للمتسولين ،ولكن بما ان العالم بتطور مستمر فلمَ لا يطرأ على هذه المهنة بعض المستجدات ، لاسيما واننا شعب محب للتحديث في ابسط الأمور واعظمها ، لذا ارجو من القائمين على تلك المهنة للاطلاع على تجارب الدول المتقدمة ، لا سيما دول الجوار واعتماد اساليبهم في هذا المجال .
زينب الحسني
متطلبات المهنة
التعليقات مغلقة