( 2 – 1 )
عدي العبادي
مع إننا اليوم نعيش على تخوم ظهور كم هائل من الشعراء الذي برزوا مع الافتتاح العالمي وطرحوا أنفسهم كشعراء حداثوين وأتاحت لهم مواقع التوصل الاجتماعي مثل الفيس بوك والمنتديات الادبي والمجلات الكترونية وبعض الصحف الورقية فرصة نشر إنتاجهم لكن ظل هناك أصوت شعرية مهمة لها حضور مميز في الساحة الأدبية تعتلي على هذا التيار والكل يترقب أي نص يطرحونه من هذه الاصوات الشاعر العراقي الدكتور علي الشلاه الذي تخطى المحلية ليطرح مشروعه الابداعي عالمين بعد ان تجربة قصائده الى الألمانية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية واليوغسلافية والفارسية والكردية والصينية. كما سنلحظ هذا بسيرته المختصرة ان الكتابة عن تجربة مثل تجربة الشاعر الشلاه تضعك بحالة تركيز عالية لفهم رسالته والسبب ان الشعر إنتاج ينبع من ذاتية وقد مرة الشاعر بظروف متنوعة كونه عمل بحقل السياسة واضطهد في مراحل عدة من ما جعل شعره أكثر إنسانية كما شكل اختلاطه الواسع بالشعراء الغربيين والعرب لون امتاز به فتجد في بعض نصوصه نكه عربية تعيدك الى الشعرية العربية وفي بعض الثاني تشعر انك إمام شعرية غربية ومن المؤكد ان الاختلاط يهجن الكتابة فعبد الوهاب البياتي الشاعر الخمسيني المعروف يعد الان في قائمة الشعراء الأسبانيين كما ان الشاعرة نازك الملائكة وهي من جيل البياتي غيرت الكثير من مفاهيمها الادبية بسبب هجرتها الى مصر ويعد كتابها الصومعة والشرفة الحمراء. نوع من المدح للشاعر العمودي علي محمود طه وهي رائدة من رواد الشعر الحر .
ان اول استخدم مصطلح الشعرية رسطو طاليس وهو فيلسوف يوناني، تلميذ أفلاطون ومعلم الإسكندر الأكبر، وواحد من عظماء المفكرين، تغطي كتاباته مجالات عدة، منها الفيزياء والميتافيزيقيا والشعر والمسرح والموسيقى والمنطق والبلاغة واللغويات والسياسة والحكومة والأخلاقيات وعلم الأحياء وعلم الحيوان. وهو واحد من أهم مؤسسي الفلسفة الغربية.
وكان هذا الاستخدام في كتابه فن الشعر الذي يعد اول كتاب نقدي ولم توضع هذه العبارة في خانة الشعر فقط ففي الأدب الحديث اعتبر في ببعض مشاهد المسرح ولوحات الرسم وحتى في الخطب شعرية واتخذ الدادئيين موقف من حصر الشعرية والابداع بالقصائد ولوحات فقط معتبرين إن الإبداع مطلق لا يمكن حده ووضعه بإطار معين ومع كل التقدم الذي حصل وظهور التيارات الادبية وتطور الشعر وتقدم مراحله بكل اللون لكن
ظلت هذه السمية ملتصقة بالشعر وحين تطرق يتبادر إلى الذهن المقصود الشعر وقد تكون أفضل وصف لها الصورة الشعرية التي اشتغل عليها شعراء العصر الحديث بعد ان ابتعدوا عن قصيدة العمود التي اعتمدت الإيقاع والقافية واستطاع الشاعر الدكتور علي الشلاه ان يوظف صور كثيرة حتى جعل كل نص يكتبه متخم بالصور الشعرية بل كل جزء نص مستقل بذاته
في نواح المساء الاثيرة بالحزن
تغدو انيتا احتمالا وحيدا
لبدء الخليقة في الارض
تبدو رواء الأساطير
نكهتها في الشفاء الرواة
انيتا
كلام طويل يبعثر أجراسه
في تراب العواطف يبدأ إنشاده
من صهيلك في الروح
او من جموحك في فكرة المعشبة
قل انيتا لتفح المغارة
قلها
بباب الطفولة ابليت كل المفاتيح
لم التفت للإمام الموارى
صور شعرية متعددة جمعت تحت سياق مسمى النص وتعود هذه التعددية على الذات الشاعرة عند الشلاه الذي نوع بطرح وظل محافظ على بنية العمل وفكرته حيث تدور كل الإحداث حول انيتا ففي كل مرة كان يوجه لها الحديث بطريقة مختلفة راسما صورة خاصة حيث نجد في قوله في تراب العواطف يبدأ إنشاده هذه صورة حداثوية جميلة نبعت من فكرة ناضجة في مخيلته لكن نجده بجزء ثاني يقول من صهيلك في الروح ان لكل جملة بما كتبه صاحب القصيدة توجه يعلن فيه عن طرحه مميز ان عملية القبض على اللحظة وتوظيفها تحتاج لموهبة لا يملكه غير المبدع الذي يملك ادوات تمكنه من صناع منجز يظل في الساحة الادبية ولذا يعد كل عمل بصمة على الكاتب
وقد رابني في المجيء اقتراب القفول
فصرت أراه ورائي
المسه بالسراب القين
أغادره بالوصول
انيتا
ارتطام المعاني بأجسادها
كسر قفل التمني
ارتباك المياه بمرأى الحريق
وخوف المسافة من قدم من زجاج
انيتا
اختار الشاعر طريقة التعبير ووضع الصور بالرمز ولم يعبر بالمباشرة التي تقتل متعة البحث في النص ومحاولة فهمه وكما يقول بيرك يتمتع الأثر الأدبي بشكل بقدرة ما يقود جزءامنه القارئ إلى توقع الجزء التالي وجعله منجذبا إلى السياق وهذا لا يكون مع الشعر الذي يكتب بطريقة رمزية وفيه الكثير من الانزياحات فتكون وظيفة المتلقي فيه البحث وكشف المدلولات اي عملية اشتباك مع النص لفك شفره وفهم رموزه اما الشعر المباشر الذي لا يكون به تكليف فله نوع من الجمهور وأشهر كتابه في الوطن العربي نزار القباني واحمد مطر وسعاد الصباح وهو على حد قول نزار عن شعره اشبه بايسكريم سير ما يذوب بالفم فلا يظل عالق بالذهنية اما شعر الرمز يكون عمره أطول واستطاع الشاعر الشلاه من خلال ورمزية ان يسوق إبداعاته والرمزية كماء جاء في الموسوعة المعرفية حركة في الأدب والفن ظهرت في فرنسا في أواخر القرن التاسع عشر، كرد فعل للمدرستين الواقعية و الطبعانية ، وهدفت إلى التعبير عن سر الوجود عن طريق الرمز. وقد تأثر الرمزيون، أكثر ما تأثروا، بأعمال بودلير ومع احتفاظهم بمبدأ «الفن للفن» فقد سعوا في المقام الأول إلى إعطاء القارئ انطباعاً عن وعيهم الباطن، معتمدين في ذلك على الموسيقى والصُّور الشعرية التي تبرز «أحلام الشاعر الداخلية». وفي ما طرح الشلاه تبرز حالة التشبيه او البعد عن المعنى الظاهر فهو يغادره بالوصول وي كسر قفل التمني ان كل الصور جعلت نصه اكثر تفاعل مع القارئ الذي يبحث فيه لمعرفة لغز الكتابة فالروائي المصري نجيب محفوظ يقول ان لم يكن لديك سؤال فلا تكتب لان الكتابة سؤال
لا انا
لا سواي
لا غيرنا
يعرف اليوم شكل الولد
كلنا باعه للثواني أبوه
وأوعه نسله
في الأبد
كلنا امسك الخوف أبوابه
فأدار الهروب بمفتاحه
ثم غني لفتح بلد
كلنا بحث اليوم عن وحده
في المنافي
فمات ذاعت الريح أصواته