فضاء المخيلة والنص الومضي للشاعرة منور ملا حسون

علوان السلمان
النص الومضي او قصيدة الصمت الايجابي بتجاوزه للقوالب الجاهزة.. وليدة عصر المعلوماتية وإشكالية التلقي التي نجمت عن العصر الذي وسم بعصر السرعة..المتسمة بوحدة الموضوع وكثافته مع قدرة استفزازية مفضية للتأمل من اجل الكشف عما خلف الفاظها..مع اتصافه بسرعة ايقاعية وقدرة ايحائية واكتناز طاقته الدلالية..
و(شمس باردة)..النص الومضي الشعري الذي نسجته انامل الشاعرة منور ملا حسون.. ونشر على صفحات جريدة الصباح الجديد بعددها 3746 في 25/7/2017..والذي يعبر عن بوح ذاتي يكشف عن قوة التدفق العاطفي وتكثيف الرؤية باستخدام الالفاظ المجازية المحققة للانزياح.. باعتماد(الايجاز/كثافة العبارة/عمق المعنى..) مع اتكاء على حقول دلالية (زمانية/مكانية/ثنائيات ضدية..) لتشكل خطابا اتصاليا يثير الانفعالات وينبش الذاكرة..اضافة الى مغادرته المستوى التفسيري الى المستوى التأويلي..مع توظيف تقنية السرد وعامل المفارقة الإدهاشية ..
إذْ تضيقُ بي الدنيا،
أعود الى ذاتي أحتضنها..!
لكن..!!
ماذا لو واجهني اللبلابُ فيها
وهو يموت حسرة
من دون شرفة
يتسلقها ؟!
هلاّ أحصى احدٌ منا..!
نجوماً.. أغمضتْها عيونُ الصباحات ..!!
كي تواري خطاياها..؟؟
فالنص يقترب من الحكائية بتدفق وجداني ينبثق من مركز دائرة الوعي الشعري الذي تؤطر عوالمه الصورية ودلالاته الموحية تقنيات فنية منها التنقيط (النص الصامت) الذي يستدعي المستهلك (المتلقي) للإسهام في بنائه.. والتذكر والاستذكار… والاستفهام الذي يبحث عن جواب ليسهم في اتساع مديات النص..مع اضفاء دينامية حركية من خلال جدلية التناقضات التي شكلت عنصرا من عناصر الصورة الشعرية التي تستمد شعريتها من الذاكرة الذاتية والموضوعية (المتكلم/المخاطب) عبر توليفة تجمع ما بين الواقعي والتخييلي ..
هذا يعني ان النص يكشف عن قدرة رؤيوية للواقع الممزوج والخيال الشعري الخالق لصوره الحالمة..المشحونة بشحنات تناغمت مع الحس النفسي عبر دلالات هاجسية فاعلة بفعلها ومتفاعلة بذاتها..والتي (تهبط في الطبقات النفسية العميقة) على حد تعبير هربرت ريد..عبر بنى استرخائية ولغة شعرية تخاطب الوجدان وفق معيار حداثي له التزاماته الموضوعية مع تركيز على الخصائص الحسية لإبراز جماليته المنبثقة من استنطاق كينونة اللفظ الرامز وتفعيل الاثر الذهني بلغة تكثيفية تتماهى واللغة الشعرية..مع ايجاز في العبارات واقتصاد في الالفاظ..فضلا عن اهتمامها بغنائية الموضوع اكثر من الاهتمام بمعيارية الشكل لخلق نص يتوخى الايجاز وعمق المعنى وكثافة الإيحاء ..
يافرحي البنفسجي …!!
يبستْ عروقي ظمأ
الى رذاذ مطرك البلوري .
وبذلك قدمت الشاعرة نصا يضيء خبايا الذات باسترسال سردي متعدد الظلال الرؤيوية مع مفاجأة اسلوبية إدهاشية.. فضلا عن التركيز على جمالية السياق الحداثي شكلا وبناء.. وهي تستمد تأثيره من خلجات النفس وأحلامها السابحة في فضاءات المخيلة الشعرية لمعانقة الواقع من اجل خلق صورها بتلقائية تحتكم المنطق القائم على التجربة..والتعلق بـ (الجوهر) الحياتي المنبثق من لحظة التجلي التي تستشرفها الشاعرة كتجربة كيانية انتزعتها من سياق الوجود عبر الجملة الشعرية التي تتشكل من بنى تأملية اعتمدتها الشاعرة بقصدية منها(بنية الانا/بنية الهاجس/ بنية الاخر).. من اجل تفعيل المخيلة التي تنتج صورا شعرية تستفز الذاكرة وتحقق أثرها ..

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة