بغداد ـ زينب الحسني:
اطلقت وزارة التخطيط والتعاون الانمائي الوثيقة الوطنية للسكان، في الوقت الذي اشارت فيه الى ان الموازنة مازالت تقليدية في متطلبات التنمية السكانية، مؤكدة ان تحقيق اهداف هذه الوثيقة من شأنه توفير حياة رغيدة للسكان، من جانبها التزمت الامم المتحدة بتقديم الدعم الفني والتقني للحكومة لتطوير السياسات السكانية ودعم التنمية المستدامة فيها.
وتذكيراً بالمسوؤليات المهمة في مسألة رعاية المجتمعات من خلال توفير السكن لجميع شرائحة شارك العراق المجتمع الدولي الاحتفال باليوم العالمي للسكان الذي يعد فرصة للاحتفال بالانسانية وتنوعها، لاسيما وان العراق يعاني ازمة سكن كبيرة على امتداد محافظاته، وبينت التقديرات الحالية للمجلس الوطني للاسكان ان هناك حاجة الى ما يقارب مليوني وحدة سكنية في العراق لغاية عام 2020.
وزارة الإعمار والإسكان إحدى الجهات التي اسهمت في إعداد وثيقة السياسات السكانية، وقالت أن «ابرز المعوقات أمام الإسراع بتنفيذ ما جاء بالوثيقة الوطنية هي الحاجة إلى بناء نحو 3 ملايين وحدة سكنية لحل أزمة السكن المتفاقمة لاسيما مع الازدياد لعديد سكان العراق».
تخصيص ميزانية
الناطق الاعلامي باسم وزارة التخطيط والتعاون الانمائي عبد الزهرة الهنداوي، بين في تصريح لـ «الصباح الجديد»، ان «ابرز الانجازات التي حققتها الوزارة هي تأسيس المجلس الاعلى للسكان واصدار الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية».
وأضاف، أن «العراق شارك في الاجتماع الخامس عشر لرؤساء المجالس واللجان الوطنية للسكان الذي عقد في القاهرة في آذار الماضي في مقر الامانة العامة لمقر الجامعة العربية».
ومضى الهنداوي الى القول، أن «اجتماعات موسعة ومكثفة عقدت في الوزارة لتنفيذ بنود الوثيقة على أرض الواقع وادخالها حيز التنفيذ من قبل الجهات المعنية وتستمرهذه الاجتماعات لمدة شهر، وسيتم خلال الايام المقبلة استضافات كل الجهات والوزارات ذات العلاقة لمناقشة الخطط والاليات لتنفيذ الاستراتيجية التي سنضعها على ارض الواقع اضافةً الى الاجتماعات والورش المتخصصة».
وكشف الهنداوي، أن «هناك ميزانية سيتم تخصيصها لتنفيذ الوثيقة الوطنية للسكان وسيتم تحديدها وفقا للاوليات من خلال الاجتماعات التي ستعقد خلال هذا الشهر»، مشيراً الى ان هذه الوثيقة التي صدرت في شهر نيسان الماضي لم تدخل حيز التنفيذ لكونها تتطلب آليات وضوابط ومساندة من قبل الحكومة والوزارات المعنية.
واضاف الناطق الاعلامي، ان الوزارة تعكف حالياً على بحث آليات التنفيذ لبنود الوثيقة الوطنية للسكان بغية رفع المستوى الانمائي للسكان من النواحي كافة بما يضمن العيش الكريم للمواطنين، لاسيما وانها تملك احصائيات ودراسات كفيلة لتطبيق جميع بنود الوثيقة، مشيراً الى ان الوثيقة ستحقق طفرة نوعية في مجال تقديم الخدمات الانسانية والمعاشية والصحية والتعليمية للمواطنين بشكل يضمن لهم عيشاً كريماً اسوةً بدول العالم، اذ ستلزم هذه الوثيقة جميع الجهات المعنية بتنفيذها باعتماد تلك الآسس المنصوص عليها في بنود الوثيقة.
من جانبه، قال علي العلاق الأمين العام لمجلس الوزراء، إن هذه الوثيقة تعد وثيقة وطنية مهمة، إذ أنها تتعاطى مع موضوع السكان بشكل عام، وهذا الموضوع تعتريه الكثير من الظواهر والقضايا التي تتطلب تخطيط وتنمية حقيقية لوضع السكان تنموياً وصحياً وتربوياً في الاطار الصحيح، وبين أنها أول وثيقة تطلق في العراق وتضع منهجاً لعشر أو خمس عشرة سنة في موضوع التخطيط للسكان.
تنمية مستدامة
وبدوره، قال مهدي العلاق وكيل وزارة التخطيط رئيس اللجنة الوطنية للسياسات السكانية، ان «اهم الانجازات التي تم تحقيقها خلال السنوات الماضية تمثلت بتأسيس المجلس الاعلى للسكان الذي يرأسه رئيس الوزراء وتمكن هذا المجلس بالرغم من حداثة تأسيسه من أطلاق الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية والتي تعد أول وثيقة تبناها العراق في تاريخه للعمل التخطيطي والتنموي وفيها توجهات عديدة لتحقيق تنمية مستدامة تستهدف جميع شرائح المجتمع بين الشباب والأطفال والصغار والكبار والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة».
وأضاف، أن الالتزام بمضامين هذه الوثيقة من شأنه أن يحقق رفاهاَ أفضل للسكان في العراق. وتابع «لاحظت أن الوثيقة فيها محاور عديدة لكون المطلوب احاطة كل أفراد المجتمع برعاية واضحة ولذلك تضمنت الوثيقة جملة من الاجراءات، فضلا عن الرؤية والأهداف المطلوب الوصول إليها خلال ما لايقل عن خمسة عشر عاما من هذا التاريخ.
ومضى العلاق الى القول، ان «المبادئ الاساسية للسياسات السكانية هي الالتزام بتحقيق العدالة والانصاف للمرأة، وتمكينها، وإزالة كل أشكال التمييز والعنف ضدها والاعتراف بأن الأسرة هي الوحدة الأساسية في المجتمع اضافة الى احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية بما في ذلك الحق في الحياة والكرامة الإنسانية والمساواة وكذلك تأكيد حقوق الزوجين في الاختيار بحرية ومسؤولية عدد الولادات أو المباعدة بينها، فضلاً على تأكيد حقوق الفئات الهشة.
وزاد العلاق، ان التحديات التي تواجه تنفيذ مثل هذه السياسات تتمثل بضعف سياسات ادماج قضايا السكان في الخطط الوطنية والأستراتيجيات القطاعية وضعف ادماج القضايا السكانية التي تخص الشباب والمراهقين بالمقررات المدرسية، فضلاً عن المعدلات العالية للنمو السكاني والخصوبة نتيجة عدم ادراك التأثيرات السلبية لعدم التباعد بين الولادات في اضعاف أوضاع الأسرة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وفي تراجع الاوضاع الصحية للأمهات والأطفال وإرتفاع معدلات وفيات الأمهات والأطفال الرضع والأطفال دون الخامسة من العمر.
صندوق الامم المتحدة للسكان
ودعت دينا زوربا، نائب رئيس بعثة صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، الحكومة العراقية إلى «الإسراع بتنفيذ ما جاء في وثيقة السياسات السكانية التي أعدت بالتعاون مع الصندوق، لأن تنفيذها شرط أساس لتحقيق التنمية في العراق».
وقالت ممثل بعثة الامم المتحده للسكان في العراق، إن «اطلاق هذه الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية المهمة ستعيد للعراق دوره القيادي والتاريخي اقليمياً ودولياً في تبني سياسات واضحة للتنمية والتقدم، بعد أن عانى خلال سنوات من الحروب كان لها الاثرالاكبر في تراجع وتناقض السياسات السكانية وتراجع نوعية الحياة بشكل عام وارتباطه بنقص الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية والاسكانية والتي خرجت للنور ضمن التزام وطني وتعاون بين الجهات الحكومية المعنية من اجل معالجة التحديات الراهنة عبر رفع عملية التنمية إلى مستويات ترقى بحياة المواطن وتسعى إلى تحقيق مستوى معيشي أفضل لسكان العراق».
واضافت زوربا، إن هذه الوثيقة تشكل الخريطة الفعلية لتأكيد التزام العراق بمبادئ مؤتمر القاهرة للسكان ولبلوغ الأهداف الانمائية للألفية وتحسين حياة المواطنين والتي هي من اهم ركائز خطة التنمية الوطنية وذلك من خلال الاهتمام بعناصر التنمية المستدامة والتنمية البشرية والنوع الاجتماعي والصحة والانجابية وتأكيد الربط بالمتغيرات الديموغرافية على أرض الواقع، موضحة بأن العراق استطاع اليوم وضمن التزامه ببرنامج عمل القاهرة وأهداف الالفية وما بعد 2015 من أن يستدرك حقيقة الارتباط والتكامل بين السكان والتنمية والبيئة وأن الخلل فيها يؤثر سلباً على خطط التنمية والتقدم ويؤدي إلى اتساع دائرة الفقر، إذ جاء تأسيس المجلس الأعلى للسكان برئاسة رئيس الوزراء وبعضوية الوزراء ووكلاء الوزارات وأعضاء البرلمان وممثلي المجتمع المدني كمؤشر مهم وأساسي لجديتها والتزامها بالسياسات السكانية الهادفة لدفع النمو الاقتصادي والاجتماعي.
وشددت بالقول ان الأمم المتحدة وبالاخص في صندوق الأمم المتحدة للسكان، ملتزمون بمواصلة تقديم الدعم الفني والتقني للمجلس الأعلى للسكان وللجنة العليا للسياسات السكانية للقيام بدورها في إدارة وتوجيه السياسة السكانية في العراق.
«العيش الكريم»
من جانبها تحدثت المدير التنفيذي للسياسات السكانية في وزارة التخطيط عقود حسين قائلة، إن إعداد الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية يمثل خطوة مهمة وكبيرة على طريق تحقيق تطورات مهمة في توفير العيش الرغيد وتحقيق كرامة الانسان العراقي, كونها تهدف الى رسم سياسات سكانية واضحة المعالم في العراق على مدى عقود من الزمن وتحقيق مستقبل أفضل للاجيال ودفع عملية التنمية إلى الأمام باتجاه تحقيق العيش الكريم والرفاه الاجتماعي لسكان العراق وانطلاقاً من المبادئ العامة التي أقرها الدستور العراقي وتناسقاً مع القيم الاجتماعية والثقافية للمجتمع العراقي واسترشاداً بالوثائق والمقررات ذات العلاقة ومنها توجهات الأهداف الانمائية للالفية وخطة العمل الدولية لمؤتمر السكان والتنمية الذي عقد في القاهرة عام 1994.
واكدت حسين، أن «الوثيقة الوطنية تبرز أهميتها من خلال تحديد ماهي التحديات التي تواجه سكان العراق من حيث أن هناك معدلات عالية للنمو السكاني ومعدلات الخصوبة برغم انخفاضها خلال العقود الثلاثة الماضية».
وأشارت الى أن هناك ارتفاعاً في معدلات وفيات الامهات والأطفال الرضع والأطفال دون سن الخامسة مقارنة بدول المنطقة والدول الاخرى، مشيرة الى انه مايزال هناك ضعف في ادماج قضايا السكان في الخطط الوطنية والاستراتيجيات القطاعية وأيضا هناك ضعف في ادماج القضايا السكانية التي تخص الشباب والمراهقين في المقررات الدراسية كما مايزال هناك انتشار للعادات والتقاليد التي تشجع على الزواج المبكر في ظل الوضع الأمني الذي يمر به العراق، هناك تفش في حالات النزوح والتهجير في معدلات عالية مما أدى الى اختلالات واضحة في التركيب السكاني.
وزادت، أن «هناك هجرة للكفاءات الوطنية الى الخارج، ولاسيما الكفاءات العاملة في القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم العالي والبحث العلمي ،موضحة أن جميع هذه التحديات قادتنا الى اعداد هذه الوثيقة التي وضعت عدد من المضامين التي يتم تبينها منها احترام حقوق الانسان والاعتراف بأن الاسرة هي الوحدة الاساسية للمجتمع والالتزام بتحقيق العدالة والانصاف للمرأة العراقية وتأكيد حقوق الفئات الهشة في المجتمع وخاصة المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة وذلك تأكيد حقوق الزوجين بالاختيار بحرية ومسؤولية عدد الولادات والمباعدة بينهم».
وبينت المدير التنفيذي إن الوثيقة ركزت على الشباب كونهم المحور الاساسي في عملية التنمية، مؤكدة إن الشراكة الوطنية الواسعة والفاعلة مع شتى الأطراف تعد شرطاً أساسياً لانجاح هذه الوثيقة.
الشباب اولاً
من جانبه، قال مدير مؤسسة تنمية الشباب الدكتور عصام أسعد فقد، إن الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية تعد من الوثائق المهمة خصوصاً بأنه لا يمكن العمل بها بصورة منفردة كونها تكمل العديد من الوثائق التي صدرت من وزارة التخطيط أما فيما يخص طبيعة عملنا كوننا منظمات شبابية، إذ اطلعنا على المحاور الخاصة بالشباب والرؤية والأهداف وكذلك اجراءات التنفيذ مؤكداً أن الوثيقة تعبر عن طموح الشباب الموجودين داخل البلد معتقداً أن على الوزارات المعنية ان تأخذ بها وتضعها في حيز التنفيذ.
ذي قار والمثنى الاكثر فقراً
وقالت وزارة الإعمار والإسكان، إحدى الجهات التي اسهمت في إعداد وثيقة السياسات السكانية، أن «ابرز المعوقات التي تحول دون الإسراع بتنفيذ ما جاء بهذه الوثيقة هي الحاجة إلى بناء نحو 3 ملايين وحدة سكنية لحل أزمة السكن المتفاقمة، لاسيما مع الازدياد لعديد سكان العراق».
واكدت وزارة الإعمار والإسكان على ضرورة تسريع تنفيذ الوثيقة، مشيرة الى ان «تنفيذها مرتبط بضرورة تأمين الأموال المطلوبة لبناء ملايين الوحدات السكنية».
علماً أن وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي قد اعلنت في 27 اذار الماضي، «ان اقليم كردستان وبغداد الافضل معيشة في حين عدت محافظتي ذي قار والمثنى الاكثر فقراً في البلاد».
بنود الوثيقة
أن من اهم البنود التي نصت عليها الوثيقة الوطنية والواقعة ضمن السياسة السكانية في البلاد الالتزام بتحقيق العدالة والانصاف للمرأة، وتمكينها، وإزالة كل أشكال التمييز والعنف ضدها والاعتراف بأن الأسرة هي الوحدة الأساسية في المجتمع اضافة الى احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية بما في ذلك الحق في الحياة والكرامة الإنسانية والمساواة وكذلك تأكيد حقوق الزوجين في الاختيار بحرية ومسؤولية عدد الولادات أو المباعدة بينها.
واضاف التقرير ان هذه الوثيقة تبنت وضمن أولوياتها قضايا احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية بما في ذلك الحق في الحياة والكرامة والمساواة، والتحرر من التمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين، والإيمان بمبدأ تكافؤ الفرص لجميع الأفراد والجماعات، وهي ما نص عليها دستور العراق لعام 2005، والالتزام بتحقيق العدالة والإنصاف للمرأة، وتأكيد حقوق الفئات الهشة، والشباب هدفاً وشريكاً في التنمية، وتعزيز وتوسيع برامج الصحة والحقوق الانجابية، واعطاء الأولوية في الجهود التنموية للمناطق الطاردة للسكان، أضافة إلى تأكيدها الشراكة الواسعة والفاعلة مع شتى الأطراف ذات العلاقة شرطاً أساساً لنجاح السياسة السكانية.
فيما تتركز التوجهات العامة للسياسة السكانية بتعزيز وتوسيع برامج الصحة والحقوق الانجابية كافة وايلاء الشباب، فتيات وفتيان، الأولوية في البرامج التوعوية بشتى الأبعاد السكانية اضافة الى تمكين المرأة وتفعيل مشاركتها، في مواجهة ثقافة التمييز حسب الجنس وكذلك اعطاء الاولوية في الجهود التنموية للمناطق الطاردة للسكان بما يحد من النزوح فضلاً عن الاهتمام بالجاليات العراقية بالمهجر لادامة التواصل ولتفعيل مساهمتهم في جهود التنمية وادماج الابعاد السكانية في مفاصل التخطيط كافة بما يضمن مشاركة القطاعات ذات العلاقة وتشمل القطاع الحكومي والخاص ومنظمات المجتمع المدني .