أحمد حيدري
مع التظاهرات الفنية والثقافية الكبيرة، تعلن المدن المضيفة حالة استنفار، أحيانا يظهر نفسه، و أحياناً أخرى يخفيه. وهناك مدنُ تقول: هل من مزيد؟
إصفهان، وأحبّ كتابتها كما يلفظنوها بكسر الهزة، وهو حال طِهران أيضا، تستعد منذ أشهر لعودة مهرجان كانت فقدته لينتقل لمدن أخرى، إثر صراع قام بين رئيس بلدية إصفهان ومجلس بلدية المدينة. وكان قد قام صراع مسبقاً بين مدينتي همدان وإصفهان لاحتضان المهرجان على مدى خمس سنوات، صراع حقيقي تدخل فيه مسؤولون في وزارة الثقافة وفنانون وسينمائيون وخبراء استراتيجيين للسياسات المستقبلية. لكنّ مدينة «نصف جهان» نصف الدنيا، عادت لتحكمَ السيطرة عليه لخمس أعوام قادمة. والأمر شبيه بالدول المتنافسة المستضيفة لكأس العالم، فما أن تُنتخب حتى تبدأ الاستعدادات لبناء الملاعب، وهنا هي ملاعب أطفال ويافعين، دور سينما خاصة بهم وورش سينمائية في مجالات عدة وحركة سياحية. فحشدت صاحبة «خريطة العالم» (نقش جهان) كل طاقاتها لتستقبل «المهرجان السينمائي الدولي للأطفال واليافعين» الذي من المقرر انطلاق دورته الثلاثين في 30 يونيو 2017 ويستمر لعشرة أيام.
سجّل حتى الآن 12 ألف طفل ومراهق مع عوائلهم للمشاركة في فعاليات المهرجان ومشاهدة العروض الأولية للأفلام. وهو العدد الأولي المعلن عنه، إضافة لأطفال نفس المدينة وضواحيها. ويعدّ رئيس بلدية إصفهان ظاهرة يريد بها تعريف الأطفال على معالم المدينة وثقافتها عبر الدراجات الهوائية، لكنه لم يفصح عن تفاصيلها. ومنذ أعوام تحاول مدينة اصفهان تكريس ثقافة قيادة الدراجات الهوائية عبر مشروع «تفضل دراجة هوائية»، فهناك تخوف كبير الآن من هجوم وحشية التحديث على تراث المدن، ويرافق المشروع تخفيضات كبيرة على الدراجات الهوائية.
لكن فيلم «حكايتي ودراجة أبي الهوائية» المشارك في المهرجان يعطينا المزيد عما يُحضّر للأطفال، فقد صُور الفيلم في المدينة التاريخية المجاورة لاصفهان، مدينة كاشان حيث دُفن الشاعر والرسام سهراب سبهري، الفيلم يروي قصة فتى، 13 عاما، فقد أباه، ويضطر أن يوصل ما تخيّطه والدته من ثياب إلى منازل بعيدة، تتضح معالم مدينته عبر الأزقة القديمة والشوارع الطويلة والمنازل القديمة والبساتين المحوطة بجدران طينية. يكشف الفتى لنا الوجه الآخر الطفولي لتاريخه مع أرضه وما نفوّته حين تركنا الدراجات الهوائية. الفيلم من إخراج فياض موسوي.
ويرى القائمون على المهرجان هذا العام أنّ الأفكار المؤجلة لأعوام قد حان وقت تنفيذها في هذا العام، وستفتح الأبواب للأطفال ليشاركوا بصورة فاعلة.
332 سيناريو مشارك واللعبة الإخراج
ومع إعلان المهرجان عن مسابقة السيناريو، تقدّم 332 نصّاً، بين سيناريو مؤلف ومقتبس. ورغم أنّ المنافسة بين طلاب الجامعات والأطفال، إلا أنّ المهرجان يعدّ للنصوص المغايرة ورشات لكتابة السيناريو تديرها أسماء سينمائية مهمة.
إذا كان سنك بين التاسعة والخامسة عشر سنة يمكنك أن تكون حكماً في المهرجان. وهي فقرة يمنح الطفل فيها الجائزة للفيلم الذي سيترك أكبر أثر فيه. ويتيح المهرجان هذا العام فرصة لهذه الفئة العمرية تجربة الإخراج السينمائي، عبر اختبار يجرى ثم دورات تدريبة في الإخراج والتصوير.
يسعى القائمون على المهرجان هذا العام، تنفيذ أكبر قدر ممكن من الأفكار التي يشارك فيها الطفل، للدخول عملياً في مصطلح «السينما من أجل الطفل» والخروج من «سينما عن الطفل»، بعد نقاش طال ثلاث عقود.