اخذتها الصدمة ورمتها الى ما قبل اثنى عشر عاماً حينما كانت طالبة متفوقة في الجامعة وفجأة ظهر لها من تحول اليوم الى سبب تعاستها الابدية احبته برغم معرفتها بفقره المدقع ولم تعد هذا عيباً , تزوجته ووقفت بوجه أهلها الذين رفضوا تزويجها له لانهم لا كثر من مرة اكدوا لها انه لا يستحقها ولا يحبها ولن يكون يوماً ذلك الشخص الذي تتحدث عنه امامهم فقامت باستعارة المصوغات الذهبية من احدى صديقاتها واخبرت اهلها ان هذا «نيشانها «جمعت اثاث الشقة التي استأجرتها من اهلها واختها ولم تكلفه سوى ثمن غرفة النوم حتى تكاليف « صالون الحلاقة «لم تثقل كاهله بها بل استعانت بإحدى قريباتها لتقوم بهذه المهمة مجاناً لها .
تزوجت «ندى « وعاشت اسوأ سنوات عمرها مع حبيبها الذي استبدل الشقة بمسكن اهله المتهالك مع خمسة اشقاء وشقيقات لم تذكر يوماً انها باعت كل الاثاث الذي اخذته من اهله لا جله ولم تقم بإعطاء ذويها عنوانها الجديد بل كانت تعلو الابتسامة وجهها حال دخولها الى بيت اهلها ورؤية امها التي كانت تهون عليها مرارة ايامها التي لا يعرفها سوى الله سبحانه وتعالى كيف كانت تمر عليها أنجبت طفلتها الاولى ثم الثانية ولم يتغير الحال بل ازداد سوى , فضلاً عن ان الزوج ازداد غموضاً وشكاً تجاهها حرمها من كل شيء ابعدها عن كل الناس لم يسمح لها بالخروج من عالمه بل اخذ يضيق عليها الخناق ويجردها من انوثتها شيئاً فشيئاً حتى تحولت الى شبح امرأة.
مرت تلك السنوات متشابهة ويومها يشبه امسها وحاضرها كماضيها مع من تحدت الدنيا باسرها من اجله.
وبعد مضي تلك السنوات الاثني عشر العجاف جاء يوما ومرضت امها توسلت اليه لزيارتها الا انه رفض وتجاهلها وأدار ظهره لها كعادته وبعد عدة ايام سمح لها بالذهاب لزيارة امها فوجدتها برمقها الاخير وحال وصولها توفيت امها، وبعد اتمام مراسيم الدفن طلب منها زوجها ان تعود معه الى المنزل بحجة ما الداعي لبقائها بعد وفاة امها. انهارت بالبكاء وأغمي عليها من شدة الحزن والانكسار سمح لها مكرهاً بالبقاء ثلاثة ايام.
وفي طريق العودة الى المنزل بدل ان يواسيها اخذ يؤنبها لبقائها خلال ايام العزاء وأخبرها انه لن يسمح لها بعد اليوم بزيارة بيت اهلها وهي لم تبادر بأي ردة فعل سوى الصمت الذي اعتادت علية لمواجه تسلطه.
وكأنه شعر بأنها انكسرت تماماً ولم يعد لها أحد في هذه الدنيا بعد رحيل امها واستيلاء اخيها وزوجته على المنزل الذي قبضت حصتها فيه واعطتها له ليشتري بها «سيارة «يعمل بها لتوفير لقمة العيش لهم ومن دون سابق انذار أخبرها بأنه قد عقد قرانه على امرأة اخرى وهو مستعد لتنفيذ قرارها وكل ما تطلب في حال ارادت الطلاق فهو لا يمانع وما عليها سوى ان تتنازل عن بناتها له.
صرخت وانهارت بالمقابل ضحك وتجاهل وخرج، اتصلت بأخيها الذي كان جوابه « ليس لدي أي مشكلة في استقبالك في بيتي لكني لا أستطيع ان اتحمل مسؤولية بنات ذلك النذل وطلب منها ان تتخلى عن بناتها «.
لا تملك مصدر دخل لتعيل بناتها ولا مأوى لهن وزوجها يريد تركها وأخوها لا يريدها هي وبناتها هذا ما آلت اليه « ندى «كونها وضعت احلامها وثقتها برجل كان يمثل لها الدنيا وما فيها وتحول الى الجحيم الذي دمر حياتها واضاع ماضيها وحاضرها ومستقبلها.
زينب الحسني
ندى
التعليقات مغلقة