صباح محسن كاظم
الروائي ..والقاص ..والفنان التشكيلي « عبد الرضا صالح محمد « تنوع نتاجه بين السرديات و الفن التشكيلي ،فقد أنجز عدة مؤلفات بالفن (الفخار والخزف ) /دار الحكمة 1997و( عناصر الفن الإسلامي ) دار الضياء 2000 ومجاميع قصصية (كرة الصوف ) البديل الثقافي /2005 وسقوط الأجنحة تموز/2007 ، وفي الرواية ( أضغاث مدينة ) ناشرون ،فيما صدر له (بعد رحيل الصمت) (ثلاثية اللوحة الفارغة ) عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت 2015 – 2014 . وفي قراءة لروايته – ثلاثية اللوحة الفارغة – التي جسدت هموم الوطن ب258 صفحة استل مادته الخام من واقعنا المأزوم بالقلق والتحولات يسرده بلغة شعرية ،مع تعدد الأصوات في رواياته تأسر المتلقي بلغتها الواضحة فلا يميل إلى التهويمات الفنطازية ،أو اللغة الجافة المملة ،ويمنح شخصياته الحركة والتعبير عما يجول من إرهاصات ذاتيه مُعبرة عن عمق القلق الوجودي في خضم أحداث تترى بالفواجع ،والفقد ،والفراق، والسفر ، والتجليات الروحية عند مراقد الأولياء كما بزيارة زينب للكاظمية ،وباستعادة المحطات والذاكرة للأسرة والأقارب سواء في الداخل او بسوريا والمهجر ..ويبث بثناية الرواية العلاقات الإنسانية، والنزعة السايكولوجية إلى الألفة الأسرية ،والعلاقة الوجدانية من الحب والتعلق بالذكريات والحلم الجميل والبحث عن الاستقرار النفسي والاجتماعي المفقود ،صراع الوجود اليومي بثه «الصالح «بحبكة روائية ليتجاوز النكوص بآلام الشخصيات المحركة للأحداث والأزمات الحادة ،والمفارقات التي تواجهها وضبط إيقاع حركتها .. كما في ص28 العلاقة مع فاروق ،رحلة حياة كاملة للإنسان العراقي سواء كان الأديب أو الفنان أوكل من عاش محننا المستدامة من الحروب والفراق والآلام ،مع الآمال لتجاوز تلك الخسارات والانكسارات، في مجتزأ ص 6 : ( إن لعبة الاختفاء والظهور التي كنا نزاولها في زمن الطفولة ،لها مغزى لا ندركه إلا في عصر الكبر ،ولها قوانين من الوهم تتحكم بها، قوانين تخالف الواقع والحقيقة ، فالركض في المديات الطويلة واحتساب تجاوزها بمقاييس المساحة المختلفة ضربا من التصور،…) ص 37 ( ينبؤني الرنين القادم من همسات الغروب بذبذبات غامضة عن حلول كائن غريب يداعب طيات ومتاهات خازن الأسرار في وقت قريب ويبارك الحظوظ؛ وعلى أثر تلك النبوءات ،ومهما تكن قاسية ومرعبة وغامضة ، سأفتح لها مغاليق الروح الحائرة ،فليس ثمة شيء يثنيني عن إرادتي ،….)..يذكر الدكتور فليح الركابي في تجاذب الحضارات في الرواية العربية –الصادر عن دار ضفاف –ص 7 : (..إن الرواية ملحمة العصر كما يقال في اتساع ابعادها ، وتعدد شخصياتها ، فهي نسيج دقيق يجب الامساك بكل خيوطه كي يقدم المبدع عملاً يستحق الوقوف عنده ،وان يحكم بناء العمل الفني منذ الوهلة الأولى للكتابة ،…).كتب المبدع على غلاف روايته : (في عطلة (ألويك إند) نسافر إلى تلك البحيرة ،نفترش شاطئها الرملي ، وفي المساء نجلس صفوفا كل مع خليلته ،نتأمل مشهد الغروب ،ونرهف السمع للرنين القادم من خلف البحار ،ومنظر الشمس وهي تهبط ببطء نحو أعماق البحيرة،…)
البناء السردي بروايات «الصالح « يُعبر عن قدرة في التعبير عن ترجمة الواقع وشخوصه بحبكة مُقنعة عن لهاث الأحداث الموحشة التي تمور بواقعنا غير المستقر والمستفز للتعبير عن الهم الجمعي وهو يشدو للحلم بالاستقرار المفقود ..