الحب (هالحرفين.. مش أكثر) .. هكذا غنى وأنشد الصوت الجبلي الخالد وديع الصافي … نعم (ح) و(ب) = حب هما حرفان لا ثالث لهما… لكنهما يحملان معاني كبيرة وبليغة ومؤثرة.. في حياتنا الاجتماعية.. (الحب) يقلب الموازين رأساً على عقب لأنه يحمل أجمل الأحاسيس الإنسانية الرقيقة والشفافة.. يحول الحزن الى فرح.. والكآبة الى راحة وانشراح… واليأس الى تفاؤل وأمل.. والإحباط الى عطاء.. والظلام الى نور.. والموت الى حياة، لكن.. ليس كل أبناء البشر.. يعرفون.. قيمة الحاء والباء !!
الشعوب والمجتمعات المتحضرة.. تفتعل المناسبات السعيدة لتعيشها وتخفف عن نفسها ضغوطات الحياة وصعوباتها ومشكلاتها… إنها تبتكر وتخترع الفعاليات المفرحة لأنها تشعر بأن الحياة قصيرة.. ولا داعي لإضاعتها بالهموم والصراعات و(اللغو) الفارغ، شعوب تعمل على استغلال كل لحظة لتعيشها وتحس بها وتتمتع بجمالها… لتنطلق من خلالها الى حياة أفضل.. لقد ابتكروا..عيد الحب وعيد الزهور وعيد الأم… وغيرها من المناسبات السعيدة، لأن الحب.. يعني الحياة و..(الحياة حلوة ..بس نفهمها … الحياة غنوة.. محلى الحانها… الحياة جنة.. للي يهواها….. الحياة وردة.. للي يرعاها)… بهذه الكلمات الساحرة تغنى الموسيقار الراحل فريد الأطرش بالحب، لكن كيف سيفهمها من سكن الحقد والقتل والبغضاء.. تلابيب قلبه وزوايا عقله….. إنهما حرفان.. لكن باستطاعتها إذابة جبال من الأحقاد والضغائن والمشكلات والعُقد، ففي الوقت الذي تبحث فيه شعوب الأرض عن ربيعها المنشود في فصول السنة… فإن مجتمعاتنا تبحث في سنواتها العجاف ..عن خريفها !
الحُبُّ: نَقِيضُ البُغْضِ… هوالودادُ والـمَحَبَّةُ،. له ارتباط معنوي بالقلب.. فنجد أن من يقع في فخ الحب.. سيعاني بالتأكيد من تذبذب في دقات قلبه وعدم استقرارها.. لهذا يلجأ بعض (المحبين) الى تضمين رسائل الحب.. رسماً للقلب وهو ينزف دماً بعد إصابته بسهم الحب.. وهي الماركة المسجلة والثابتة في قاموس خطابات المحبين… إيماناً منهم بعدالة القضية التي يناضلون من أجلها، وترجمة حقيقية للحالة التي يعيشها صاحب القلب المصاب بسهام الحب، طمعاً في أن ينال من وراء ذلك اهتمام الحبيب.
ارتبط الحب بأوصاف وتسميات غير تقليدية.. منها.. الحب السياسي، الحب الدامي، الحب الأعمى… لكن الفنانة شادية كانت واضحة ودقيقة وصريحة في تشخيصها للحب الحقيقي بقولها: بأنه (ماينتهيش… طول السنين.. مايتنسيش… ولا الحنين..)!
هناك قصص حب قصيرة.. تنشأ عادة قبيل الانتخابات.. بين المواطنين والسياسيين… لكن سرعان ما تنتهي بالنسيان أو الانفصال.. فبمجرد أن تتحقق أحلام وأهداف (السياسيين) أما بالجلوس على كرسي السلطة التنفيذية أو التشريعية ..عندها يكون الناخب قد دخل في غياهب النسيان… وماعلى المواطن إلا أن يحصد الريح والهواء.
الحب لحن جميل… يتغنى بين قلبين.. لكن الغريب أن أكثر السياسيين لا (يتغنون) أبداً بهذه المفردة ولايقتربون منها في خطبهم أو تصريحاتهم، ولا تتضمنها قواميسهم… بل تتضمن مفردات: البغض، التسقيط، الكراهية، التشهير، الاتهامات، الأحقاد، المساومات ..!
ولعل (عيد الحب) في زمن الإرهاب والترهيب هو أحد المناسبات الجميلة التي يحتفل بها الكثير من المواطنين سنوياً.. حتى لو كان هذا العيد مستورداً… وما الضير إذا استوردنا.. كل الأشياء التي تبعث في نفوسنا السرور وتجدد فينا روح المحبة والألفة والإنسانية وترفدنا بجرعة من الأحاسيس الجميلة بالحب الذي بدأنا نفقد طعمه وحلاوته…. قد تكون مناسبة للبعض ليستعيد فيها جزءاً من إنسانيتهم المفقودة بفعل تسلل الأفكارالظلامية والأجندات التي تحاول تجريدهم منها… الحب.. حرفان لا ثالث لهما… إن… سمحنا بوجود ثغرة أو فجوة أو جفاء بين أبناء مجتمعنا… فإن الشيطان.. سيكون ثالثنا….عندها نقول.. ياساتر استر……!
• ضوء
هناك من .. يبحث في فصول السنة عن (ربيع) بلا زهور !
عاصم جهاد