مكافحة ظاهرة انتشار الكلاب السائبة والعقورة والمتشردة

عقيد الشرطة

حُســـام حازم أحمــد الجبـوري

 

 

إن مُعالجة مُشكلة الكلاب السائبة والمُتشردة والمسعورة والشَرسة ، تمثل ضرورة صحية مُلحة وحاجة أمنية ماسة في ظل التهديدات البيئية والصحية والوبائية والتهديدات الخاصة بسلامة أمن وحياة الناس والآثار التي تترتب عليها ؛ فبالإضافة إلى ما تسببهُ الكلاب المتشردة من مخاطر صحية مُباشرة ، كنقل الأمراض المُعدية الانتقالية والأوبئة ؛ تُساهم هذه الظاهرة في تفشي الأمراض بين الحيوانات الأخرى السليمة ، وهو ما يُشكل تهديداً مُتزايداً خطيراً مُستمراً على الصحة العامة في المجتمع ؛ ويُعتبر انتشار الكلاب المَسعورة ، المُتشردة ، الضالة والسائبة والعقورة الشرسة خطراً حقيقياً يُهدد حياة الأفراد في المجتمع ، حيث هذه الحيوانات هي تلك التي تفتقر إلى المالكين والحائزين ، ولا يتم الاعتناء بها صحياً ووقائياً بيطرياً وغذائياً ومن ناحية إسكانها في أماكن خاصة ، مما يُؤدي إلى ظهور تهديدات صحية  وأمنية على صحة وسلامة الأفراد في المجتمع .

وتؤثر الكلاب المسعورة والشرسة بشكل سلبي على حياة الإنسان، سواءً من ناحية خطورة شراستها كهجومها على النساء والأطفال أو كبار السن أو المارة، أو من ناحية خلق نوع من الفوضى نتيجة حالة من الهَلع والذعر والخوف والرُعب في نفوس الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أنها قد تكون حاملة للعديد من الأمراض الانتقالية مثل داء الكلب (Rabies)، الذي يُعَد مَرضاً خطيراً جداً ، ويُؤدي بالشخص المُصاب إلى الوفاة إذا لم يتم علاج المُصاب بسرعة الممكنة.  إضافة ًإلى ذلك، يُمكن أن تساهم هذه الكلاب في نقل أمراض أخرى مثل: الجَرب والتسمم الغذائي والطفيليات والديدان المعوية والأكياس المائية وأمراض خطيرة أخرى؛ كما يُمكن أن تساهم الكلاب السائبة والمُتشردة والضالة في تدمير البيئة المحلية والمنزلية والمنتزهات والحدائق العامة والساحات والطرقات العامة وحتى الأزقة السكنية، عن طريق التسبب في تلوث النظام البيئي في المناطق السكنية بسبب فضلاتها أو تخريب الأراضي الزراعية أو نشر إدرارها ونبش القمامة والنفايات وبعثرتها وسحبها خارج الأماكن الخاصة بها.  لـــذا وجب إتباع الإجراءات الوقائية المُتبعة في العديد من الدول كتلقيح الكلاب المُتشردة ضد الأمراض المُعدية والانتقالية مثل داء الكلب وأمراض أخرى مثل الأكياس المائية والجرب … إلخ ؛  بالإضافة إلى (إخصاء أو إعقام) الكلاب الضالة والمتشردة للحد من تكاثرها.  والشيء الأمثل والأسلم هو تطبيق التشريعات المرعية النافذة والتي تمنع انتشار الكلاب السائبة والمسعورة والضالة والعقورة مثل تطبيق قانون الصحة الحيوانية في العراق رقم (32) لسنة 2013م النافذ ؛ وجدير بالإلماع بأنه عند تخصيص أماكن مُخصصة للكلاب على شكل محميات مغلقة لجمع الكلاب الضالة والمتشردة ، يجب أن تكون هناك تشديد لديمومة واستمرارية الرعاية الغذائية والصحية والبيطرية اللازمة لها وبشكل دوري و أسبوعي، وهذا يحتاج إلى مبالغ طائلة ورصد ميزانية خاصة بها قد تكون ميزانية فصلية أو سنوية ، وهذا برأينا مُكلف وغير مجدي نفعاً ، بالإضافة إلى إنّ مثل هذه المحميات قد تكون بؤرة وبائية خطيرة لتصدير الكثير من الأمراض المعدية .  نضيف إلى ذلك إن التوعية المُجتمعية والحكومية عن طريق القنوات الإعلامية سواءً كان إعلاما مرئيا أو مسموعا أو مقروءا أو إلكترونيا، من خلال زيادة نشر الوعي بين المواطنين حول ضرورة الإبلاغ عن الكلاب الضالة والعقورة والشرسة والخطرة والمسعورة، والعناية الضرورية بالحيوانات الأليفة المنزلية وعدم تركها سائبة بين الأزقة والأحياء مما تكون عُرضة للاختلاط مع الحيوانات الأخرى المصابة بالأمراض.

وقد تتطلب مُكافحة ومُعالجة هذه المشكلة تعزيز التشريعات المحلية الوطنية والدولية التي تضمن مُعاقبة كل من يسبب انتشار الحيوانات المسعورة والخطرة والضالة أو لا يوفر الرعاية الكافية لحيواناته.  بالإضافة إلى ذلك، من المهم جداً تطوير برامج بيئية صحية بيطرية تهدف إلى إعادة تأهيل الحيوانات الضالة والمُتشردة والسائبة، ومنحها فرصاً للحياة في بيئة آمنة ومناسبة طبيعية لها خارج المدن أو ضمن محميات مُسيجة ومسورة، وهذا يحتاج كما أسلفنا إلى رصد ميزانية مالية خاصة بها وبشكل فصلي أو سنوي.

 

 

*الباحث الأكاديمي في الشؤون الأمنية والقانونية

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة