البيوت التراثية بديلا عن الاستديوهات لتصوير حي للمسلسلات العراقية

وداد ابراهيم
دأب المخرجون على تصوير الأعمال الفنية في استوديو التلفزيون، حيث شاهدنا العديد من المسلسلات العراقية التي جرى تصويرها على يد كبار مخرجي التلفزيون العراقي في أروقة الاستوديو داخل بناية التلفزيون العراقي، وتحديدًا في قسم الدراما التلفزيونية، الذي يضم ديكورات للغرف والبيوت وغيرها، بما يتناسب مع المشاهد التلفزيونية. كما يضم القسم عددًا كبيرًا من العاملين في النجارة والصيانة، الذين يسهمون في إنشاء مشاهد تلائم الأعمال الفنية. في المقابل، كانت المشاهد الخارجية تُصور في الأسواق المحلية أو الأزقة البغدادية، وأحيانًا في الأزقة القريبة من مبنى التلفزيون.
لطالما حظيت الدراما العراقية بإعجاب واسع ومتابعة كبيرة، إلا أننا نشهد اليوم تحولًا في أسلوب التصوير، حيث أصبح العديد من المخرجين، خاصة مع دخول شركات الإنتاج الخاصة إلى الساحة، يعتمدون على البيوت التراثية وأحيانًا القصور، مثل قصر رشيد عالي الكيلاني وبيت الوتار، كمواقع لتصوير المسلسلات.
تعد البيوت التراثية مشاهد معمارية خالدة، تتميز بتصاميمها التي تعكس الهوية البغدادية، فضلًا عن أنها لا تحتاج إلى عمليات ترتيب أو صيانة أو تصميم إضافي، نظرًا لجمالية بنائها التي تمنح المشاهد الفنية أجواءً واقعية تُشعر المشاهد بانتماء الشخصيات إلى المجتمع البغدادي.
في هذا السياق، يقول الفنان التشكيلي قاسم العزاوي: “نستلهم من البيوت البغدادية الفن المعماري، فهي تعكس طبيعة الحياة الاجتماعية، حيث تجتمع العائلة في الباحة، وتحافظ المنازل على علاقة الجوار القائم على العادات والتقاليد المستمرة حتى اليوم”
أما الكاتبة إيمان السما، فتؤكد: “لاحظنا في السنوات الأخيرة أن المشاهد تُصور في بيوت غاية في الجمال والأناقة، كما في مسلسل ‘خان الذهب’، حيث جسدت اللقطات جلسات العائلة في باحة بيت تراثي جميل. كذلك شهدنا مشاهد صورت في البيوت التي بنيت على ضفاف دجلة، والتي تُعرف ببيوت الكرخ المشيدة في الثمانينيات، مما أضفى واقعية على الأحداث”
وتضيف: “هذه البيوت تمثل ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها، لذا من الضروري أن يُكتب في شارة المسلسل أنه صُور في بيت تراثي، مع تقديم نبذة عن تاريخ بنائه وسكانه والفترة الزمنية التي شهدها. على سبيل المثال، القصر العباسي الذي استُخدم لتصوير بعض المشاهد، يعود تاريخه إلى 900 عام، وهو معلم تراثي بالغ الأهمية”
يُذكر أن مسلسل “خان الذهب” تم تصويره في “بيت الوتار”، أحد أبرز البيوت التراثية المطلة على نهر دجلة، بالقرب من دائرة التقاعد العامة. يتألف البيت من طابقين، تتوسطه باحة كبيرة “حوش”، تحيط بها الغرف، وتزينه أعمدة خشبية وسطية، وقد بُني عام 1917. كما تم تصوير مشاهد من مسلسل “هوى بغداد” ومسلسلات أخرى في قصر رشيد عالي الكيلاني بمنطقة الصليخ، وهو قصر تاريخي يمتد على مساحة تتجاوز 2000 متر مربع بين منطقتي الأعظمية والصليخ. تاريخيًا، تعود ملكيته إلى مراد فائق بيك، وعندما تزوج رشيد عالي الكيلاني من ابنته، أعاد بناء القصر تدريجيًا، بدءًا من الطابق الأرضي عام 1925، ثم الطابق الثاني بعد خمس سنوات، قبل أن يضيف ملحقًا للخدم،
مؤخرًا، شهد شارع حيفا تصوير أحداث المسلسل العراقي “المنسيين” في أحد بيوته التراثية، المعروفة بجمال تصميمها وعناصرها المعمارية البغدادية المميزة. ومع هذا التطور في مواقع التصوير، يبقى الأهم أن تحمل المسلسلات تعريفًا بالمواقع التراثية المستخدمة، لما تمثله من قيمة حضارية تعكس التراث البغدادي الأصيل.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة