لا أعرف السنة على وجه الدقة واليقين ، ولكنني واثق من ان وقائع الحكاية جرت قبل اكثر من عشرين سنة ، واصلها او اولياتها تفيد بانني ذات ليلة كنت اتابع تمثيلية تلفازية تحمل عنوان (الصفعة) وهي عمل فني يستلهم صفحة من صفحات التراث العربي ..
يصعب عليَّ الآن استحضار المؤلف والمخرج ، ولكن بَطليّ التمثيلية حاضران أمامي برغم الفاصلة الزمنية الطويلة ، انهما ، الفنان المصري ( كرم مطاوع ) بشهرته العريضة واسمه اللامع وتاريخه وبطولاته ، والفنان العراقي المتألق سامي قفطان الذي لاتقف وراءه سينما ولاحركة فنية عريقة كما هي الحال في مصر ، ولاتمتلك بلاده ماكنة إعلامية ودعائية كالتي تمتلكها مصر الفن والثقافة والارث الإبداعي الكبير ..
ماعدت اذكر شيئاً من تفاصيل التمثيلية واحداثها ، وتلك ضريبة العمر بعد اشتعال الرأس شيباً ، ولكن حتى لو اشتعل القلب شيباً لايمكن ان تغادر تلك الصورة احساسي وقناعتي وذاكرتي ، اما الصورة فهي ببساطة شديدة كما رأيتها انا وتصورتها ، ان سامي قفطان قد تفوق على مطاوع أداء وتقمصاً للشخصية وتفاعلاً مع الدور، ولكن الأسئلة التي ارقتني ساعتها هي : كيف أُثبت هذا التفوق ؟ ماهي مؤهلاتي النقدية في مجال الفن ؟ وكيف اسمح لنفسي اجراء مثل تلك المقارنة بين عملاقين وانا ان لم اكن عديم الاهتمام بفن التمثيل وقواعده واصوله ، ففي احسن الأحوال قليل الاهتمام ..
في احد اللقاءات مع استاذي الكبير ، الراحل يوسف العاني ، طرحت تلك التساؤلات عليه ، وفي داخلي توقع انه سيرد علي من دون حماسة تذكر ، متأثراً بنرجسية المبدعين المعروفة كما توهمت [ سامي قفطان على العموم خوش ممثل] ثم يخوض في موضوع آخر ، ولكن المفاجأة التي هزت كياني طرباً ، انه راح يحدثني بالتفصيل عن موهبة سامي المذهلة وخصائصه الفنية العالية ، و [ انه مشروع ممثل عالمي من الطراز الأول، ولكن العراق لايحتضن كفاءاته مع الأسف] ، يا الهي كم ازداد تألق سامي في نظري وكم ازداد عشقي للراحل النبيل الذي لم تعرقل النرجسية كلمة الحق على لسانه…
حسن العاني