الصباح الجديد ـ متابعة:
وجهت قيادات دينية مسيحية وإسلامية انتقادات شديدة للطبقة السياسية في لبنان، خصوصا الرئيس ميشال عون، محملة إياها ما آلت إليه الأوضاع في البلاد من أزمات طاحنة، جنبا إلى جنب مع أزمة تأليف الحكومة المنتظرة.
وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية واجتماعية على الإطلاق، مع وصول المفاوضات بشأن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة زعيم تيار المستقبل سعد الحريري إلى طريق مسدود.
وتغرق البلاد في أزمة اقتصادية مدمرة وصلت إلى حد شح الوقود في البلاد، فيما لا يزال خطر انقطاع التيار الكهربائي عن البلاد قائما، وتواصل اللليرة اللبنانية مسلسل الانهيار المتسارع.
ووجه البطريرك الماروني، بشارة الراعي، الأحد، تأنيبا حاد النبرة للمسؤولين عن التعطيل في لبنان.
وقال الراعي:” هذه البلاد ليست ملكية خاصة لكي تسمحوا لأنفسكم بتفلسيها وتدميرها، فهذه الدولة هي ملكُ شعبِها وتاريخها وأجيالها الطالعة”.
وأضاف “أمام عدم معالجة الأمور العامة الحياتية، نتساءل إذا ما كنتم مكلّفين بتدمير بلادنا، وإلا لم هذا الجمود فيما فرص المعالجة متوفرة، ونحن في زمن فيه حلول لكل شيء؟”.
ويعرف البطريرك الماروني بأنه واحد من القادة من الذين يتحدثون بشكل دائم عن التعطيل وعن ضرورة وضع المصالح الخاصة جانبا في أزمة تشكيل الحكومة.
وتوجه الراعي إلى المسؤولين متهما إياهم بأنهم يعتمدون سياسة “الشعب المحروق على غرار سياسة الأرض المحروقة”.
وطالب الراعي حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب “أن تقوم بواجباتها بحكم الدستور والقانون والضمير وأن تبادر إلى توفير الغذاء والدواء والمحروقات وحليب للأطفال “.
“انزل إلى الشارع”
من جهته، توجّه متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عوده، إلى الرئيس ميشال عون بالقول: “فخامة الرئيس، أستحلفك بأحفادك الذين ترى الحياة في عيونهم أن انزل إلى الشارع واستمع إلى شعبك وعاين الذل الذي يعيشه”.
وسأل عوده رئيس الجمهورية: “هل تقبل أن يموت إنسان جوعا أو مرضا في عهدك؟، هل تقبل أن يعاني طفل في عهدك؟، هل تقبل أن يهان مواطن في عهدك؟ هل تقبل أن يضمحل لبنان في عهدك؟”.
وأضاف “هل بسبب وزير أو حقيبة يدمر وطن وينحر شعب؟ هل تقبلون أن يموت عزيز عليكم جوعا أو مرضا أو يأسا وأنتم تتقاتلون على ملك زائل؟”.
“البلد يتحوّل للجاهلية”
وكان المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الذي يرأسه مفتي لبنان، الشيخ عبد اللطيف دريان، أصدر بيانا، السبت، قال فيه إن “لبنان في عاصفة في بحر هائج وحكامه ينصرفون إلى جدال عقيم حول جنس الوزراء وتبعياتهم في الوقت الذي تشرف فيه السفينة على الغرق”.
وقال في إشارة واضحة إلى عون: “يهيّئون الأجواء لإثارة النعرات المذهبية والطائفية ما يعرّض لبنان للفوضى والبلد يتحوّل إلى عصر الجاهلية”.
وأضاف “هم غارقون في نرجسيّتهم الوهميّة ويرفضون مدّ يدهم إلى الأيادي الممدودة من وراء الحدود لإنقاذ لبنان من الغرق في دوامة الفوضى والانهيار”.
وترتبط أزمة تاليف الحكومة في لبنان بمحاصصات وخلافات بين القوى السياسية وبصراع على النفوذ، وهو أمر يدفع ثمنه المواطن اللبناني يوميا، فغياب حكومة جديدة يعرقل محاولات انتشال البلاد من الأزمة المستفحلة.
ويقول ناشطون إن الطبقة السياسية تتعمد إيصال البلاد نحو الانهيار الكامل، تمهيدا للانتخابات النيابية المقبلة بعد أقل من عام، حيث يسهل على القوى السياسية السيطرة على الناخبين عبر مزيد من الزبائنية السياسية وشراء الأصوات.