شهدتها الأشهر القليلة الماضية
متابعة ــ الصباح الجديد
انتشارا لطفرات مختلفة طرأت على فيروس كورونا المستجد، بالتزامن مع ظهور اللقاحات التي تم تطويرها لتضع حدا للأزمة التي تسبب بها الوباء.
وصعّد ظهور الطفرات الشكوك بشأن فعالية اللقاحات أمام السلالات الجديدة من الفيروس.
وبينما تؤكد شركات دوائية عدة أن اللقاحات التي عملت على تطويرها لا تزال فعالة رغم الطفرات المستجدة، يتردد السؤال: متى ستفقد تلك اللقاحات فعاليتها أمام الطفرات الطارئة على الفيروس؟
وفي تصريح صحفي رجح الطبيب المتخصص في مجال الأمراض السارية والمتنقلة، الباحث السابق في معهد الصحة القومي الأميركي، أيزن ماروغي، أن يكون البشر بحاجة إلى لقاح جديد قادر على التعامل مع الطفرات خلال عامين على أقصى تقدير.
الطفرات طبيعية
وأكد ماروغي، وهو عقيد متقاعد في الجيش الأميركي، أن “الطفرات الوراثية (موجودة) في كل الكائنات الحية. تراها في الفيروسات وفي البكتيريا وفي الحيوانات المتقدمة”.
ولفت إلى أن “تلك الطفرات تمنح الكائن الحي (القدرة) على التفاعل بشكل أفضل مع بيئته، وذات الأمر بالنسبة للفيروسات”.
وأوضح “علينا أن نأخذ لقاحات مضادة لفيروس الإنفلونزا كل عام، لأن الطفرات الوراثية تتراكم بطريقة تجعل اللقاح الذي تلقيناه في السنة السابقة غير فعال، أو فعال بدرجة أقل ضد الفيروسات التي تكثر فيها الطفرات، والأمر ذاته (ينطبق) على فيروس كورونا”.
الشفرات الوراثية
ووفقا لماروغي، فإن “الطفرات الحالية محدودة جدا ويحصل أن يتغير فيها حاض أميني إلى حامض آخر”، لكن “إذا باتت الطفرات تتراكم بطريقة (تخلق) تبدلا جذريا في الشفرة الوراثية التي نستخدمها لإنتاج اللقاح فستكون الحاجة إلى لقاح جديد أكبر”.
وأضاف “الشفرة الوراثية التي نستخدمها (لإنتاج اللقاحات) حاليا تأتي من منطقة الجين الشوكي للفيروس، وهي المنطقة التي يستعملها الفيروس للالتصاق بالخلايا البشرية”.
وتابع أنه “إذا تبدلت الشفرة الوراثية (بنسبة) 20 و30 و40 بالمئة، تقل فعالية اللقاح بنسبة شديدة في ذاك الوقت”.
“لكن لا يزال أمامنا مجال طويل حتى نصل إلى هذا الحد”، قال ماروغي مضيفا “أتوقع أننا قد نحتاج في الشتاء ما بعد القادم إلى لقاح جديد مضاد لفيروس كورونا”.
وتوقع مرور 18 إلى 24 شهرا قبل أن “نحتاج إلى النظر جذريا بتطوير لقاح جديد”.
الخلايا البيضاء
ويرجح ماروغي أن تصبح هناك حاجة لتلقي اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد بشكل سنوي، “إلا إذا طورنا لقاحا يحفز خلايا الدم البيضاء وليس الأجسام المضادة”، كون الأجسام المضادة تمنح مناعة مؤقتة، بينما تستمر المناعة المكتسبة من خلايا الدم البيضاء إلى سنوات.
ومن بين اللقاحات الكثيرة التي يتم تطويرها حاليا، أشاد ماروغي باللقاح الذي طورته شركة “جونسون آند جونسون”، كونه “تم تطويره ليعطي مناعة (مستمدة) من خلايا الدم البيضاء، وليس الأجسام المضادة، لو تم تطوير هذا اللقاح فلن تؤثر الطفرات الوراثية على فعاليته”.
ومن المتوقع أن تمنح السلطات الصحية الأميركية ترخيصها في وقت قريب للقاح جونسون آند جونسون، بعد أن تقدمت الشركة بطلب للحصول على ترخيص طارئ للقاحها المضاد لكوفيد-19.
وتمكن اللقاح خلال التجارب السريرية من توفير الحماية بفعالية تراوحت نسبتها بين 66 و72 بالمئة من جرعة واحدة فقط، بحسب الشركة.
ومن المفترض أن يكون هذا اللقاح هو الثالث المصرح به في الولايات المتحدة، بعد لقاحي “فايزر” و”موديرنا”، فيما لو حصل على الضوء الأخضر من إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
وأكدت كل من جونسون آند جونسون وفايزر وموديرنا، مؤخرا، أن اللقاحات التي طورتها لا تزال فعالة، حتى الآن، أمام الفيروس المستجد وطفراته.
وكان كبير خبراء الأوبئة الأميركيين، مستشار البيت الأبيض، أنتوني فاوتشي، قد أشار في مؤتمر صحفي، الاثنين الماضي، إلى أهمية التسريع في عملية نشر اللقاح في الولايات المتحدة والعالم، خاصة في ظل ظهور سلالات جديدة من الفيروس، تؤثر فيها اللقاحات بشكل متفاوت.
وحذر فاوتشي من أن الطفرات الطارئة على الفيروس جعلته أكثر قابلية على الانتقال، ما يؤدي إلى ارتفاع الإصابات وزيادة الضغط على المرافق الصحية، وبالتالي زيادة أعداد الوفيات.
سلالات مُقلقة
وبعد أن باشرت بعض الدول برفع الإجراءات التي فرضتها للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد على أراضيها، بالتزامن مع انخفاض الحالات وظهور اللقاحات، أعادت الطفرات الطارئة على الفيروس المخاوف إليها مجددا، وتسببت بفرض إجراءات إضافية.
ورصدت بريطانيا على مدى الأشهر الأخيرة ظهور سلالة من الفيروس، عرفت باسم “B-117″، وأظهرت الدراسات أن تلك السلالة أكثر عدوى من الفيروس الأصلي بنحو 70 في المئة.
وفي جنوب إفريقيا، ظهرت سلالة عُرفت باسم “B.1.351″، إلى جانب سلالة أخرى مثيرة للقلق في البرازيل.
وفي الولايات المتحدة تحدثت السلطات أيضا عن نشوء سلالات جديدة وسط تحذيرات من انتشارها على نطاق واسع في مناطق مختلفة من البلاد.