د.محمد فلحي
عادت فضيحة شارع قناة الجيش في شرق بغداد إلى الواجهة، من جديد، من خلال خبر صغير يشير إلى تأسيس قسم بلدي في أمانة بغداد باسم(قسم قناة الجيش) وذلك بعد أن أصبح مشروع إعمار طريق قناة الجيش وتطويره شاهداً شاخصاً مستفزاً لكل مواطن حول الفشل الناجم عن الفساد ونتائجه الكارثية في بلد يفترض أن يكون من أغنى البلدان وأجملها!
أمانة بغداد قالت قبل عشر سنوات إن مشروع القناة الذي يمتد على طول 23 كيلومتراً بمساحة قدرها 900 دونم سينتهي العمل به في غضون عامين، وسيحتوي على عشرات المرافق الترفيهية، والتي توفر عشرات الفرص الاستثمارية لشركات محلية وعالمية، وأنه سيضم مرائب للسيارات وجسور وأنفاق وتماثيل ومعارض ومسارح ومسابح ومراس للزوارق ومطاعم وحدائق ونافورات!!
كان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قد انتقد قبل شهور أمانة بغداد،ووصف مشروع القناة بأنه أصبح(مكباً للنفايات) في إشارة قاسية إلى جرائم الفساد التي عطلت أعلب المشاريع التي تمس حياة الناس، وقد كنت أتوقع بعد تصريح الرئيس الموقر أن تفزع الأمانة في اليوم التالي بكل كوادرها وأجهزتها وآلياتها نحو نهر القناة وجوانبه المهملة،فهناك حشود من المهندسين والعمال،يتسابقون لإنجاز مشروع معطل وسط بغداد، وهناك جرافات تثير الغبار،وهناك شوارع تبلط، وهناك من يحرث ومن يزرع ومن يسقي، لكي تتحول النفايات إلى زهور عطرة وحدائق بهيجة، يتجول الناس في أرجائها فرحين سعداء!
لكن هذا الحلم الجميل اصطدم في أول(طسّة) عند مروري بسيارتي في طريق القناة،فهذا الطريق السريع المتهالك المندثر منذ عقود،ما زالت حفره المزمنة تحطم السيارات يومياً، تحيطه الأسيجة المدمرة،والإنارة المطفأة، بلا صيانة أو تصليح،وما زال الناس يشتمون ويتذمرون كلما قادتهم الصدفة إلى الوقوع في مطبات ذلك(الطريق الدولي) الذي يفترض أن يكون شريان الحركة المرورية في شرق بغداد،ويربط بين المحافظات الشمالية والجنوبية!
طريق القناة لا يمثل سوى نموذج صارخ للفشل والفساد والإهمال وغياب الضمير عند أغلب الفاشلين الذين وضعتهم المحاصصة في مناصب لا يستحقونها، فالطرق الخارجية السريعة وشوارع المدن كلها تعاني من التخسفات و(الطسات) التي تزهق الأرواح وتدمر المركبات، في ظل عدم وجود أي خطط لإنشاء طرق جديدة،وغياب التخصيصات المالية في ميزانية الدولة لتطوير قطاع النقل،وعليه نقترح خطة بديلة وسريعة،لمعالجة مشكلة الطرق والمرور، فإذا كانت الحكومة عاجزة عن إنشاء طريق جديد فليس لها عذر في عدم تصليح الطرق المندثرة وصيانة الجسور المتهالكة وتبليط الشوارع المحفرة،بكلفة قليلة وإمكانيات متوفرة،ولا تحتاج،هذه الحملة، سوى نوايا شريفة وجهود مخلصة لخدمة الناس!
ولنبدأ الحملة في يوم نسميه(يوم الطّسة الوطني)، تنطلق من شارع قناة الجيش،ليكون مثل طريق المطار، لأن هذا الشارع يمثل العار الذي يلاحق الحاكمين إلى يوم الدين!