الأدب والكتابة : الإزاحة والإبدال
عن دار الحوار والنشر والتوزيع – سوريا ، صدر كتاب نقدي جديد للناقد والروائي عباس عبد جاسم بعنوان ” الأدب والكتابة – الإزاحة والابدال ” ، جاء في مقدمة الكتاب : ” يمكن أن نعد القرن الحادي والعشرين بوصفه عصر البنى المعرفية المتحوِّلة ، ومنها : تحوّلات الكتابة الجديدة ، وخاصة بعد إنهيار السرديات الشمولية ، واختلال نسق القيم ” وتمركز اللوغوس ” وميتافيزيقيا اليوتوبيات المطلقة أمام تقدم مقولات اللايقين والنسبية واللاتعيّن والكمومية وتعددية المعنى”.
ومن هذا المنطلق يوجّه الناقد انتباه القارئ الى ” أن الأدب صائر الى زوال “، وخاصة بعد أن تفكّك الأدب بظهور الكتابة – كمفهوم مواز له بصيغة الإزاحة والإبدال– حتى أخذ يتجه نحو اللا – نوع أو اللا- مسمى ص 5.
وينقسم الكتاب الى ثلاثة أقسام ، الاول ( في النظرية ) ، وتضمّن دراسة مطوّلة – معّمقة حملت عنوان ” الأدب والكتابة: الازاحة والابدال”، وضمّت تسعة محاور نظرية : تفكك الأدب / مالكتابة / مَن يقرّر مصير الأدب/ إشكالية تعريف الأدب/ أدبية الأدب ونصّية النص / أدب اللا- نوع ونزاع اللا –إنسانيات/ الأدب والديمقراطية/ الشعر كتابة : تطور وتغير/الرواية كتابة : تحوّل وتجاوز” ، وثمة مدخل ” يسيق هذه المحاور، جاء فيه:
بعد تقويض مركزية الكلام بجماليات اللامركزية ، اتجهت الكتابة نحو مواجهة الأدب لتقويض مقولاته الاجناسية ، وردم الحدود الفاصلة بين الصيغ والانواع الأدبية.
وبذا كانت مقولا الكتابة نتاج عصر الكمومية واللايقين واللامركزية والمعلوماتية والاقتصاد الحر وألعاب اللغة وقيم المخاطرة والتحرّر من التمركز والانفكاك عن اللوغوس ، حتى صار الابداع في هذه الكتابة ” لا يخضع لقواعد محدَّدة ، بل هو نفسه الذي يصنع قواعده الخاصة ، وهو ما يسميه بنجامين بأتيقا الصدمة وفقدان الهالة والهيبة ” ص 9 ، 11 .
وتندرج في هذا السياق دراسات عدة منها : ” ما بعد الحداثة – الحداثة البعدية – البنى البعدية المتحوّلة/ تحوّلات واقعية الكوانتم اللاواقعية/ المقول واللامقول في الكتابة الجديدة/ دكتاتورية الأب الطوطمي/ الكتابة الاتوبيوغرافية : إعادة تعريف الكتابة باسم الاعتراف.
وخص القسم الثاني ” في الكتابة الروائية ” وتضمن مجموعة من الدراسات ، منها : إعادة تعريف الكتابة الروائية – واقعية الكم غير الواقعي/ إشكالية التعالق الإجناسي بين الرواية والسيرة الذاتية – المفاهيم المتحولة/ جماليات موت الرواية بولادة الذات الحاكية/ رؤية الحثالة أو رؤية الصفر في رواية ” درب الفيل ” متحف منتصف الليل” – طريقة خاصة في التلاعب في البنى الميتاسردية/ رواية الرواية الواقعية” : الساخر العظيم/ نزعات الكتابة الجديدة في القصة الكردية: حرب المرايا”.
وخص القسم الثالث ” في الكتابة الشعرية ” وتضمن دراسة مطوّلة معمّقة لـ ” قصيدة النثر المغايرة ما بعد الرواد ” حملت عنوان ” الطلوع وسط إنهيار اليقينيات ” ، وضمت ثمانية محاور: الأجنسة والأدلجة والتهجين/ إشكالية المصطلح والدلالة والتجنيس الأدبي/ الايديولوجية وتهجين الهوية/ قطيعة في المفهوم وتحوّل في اللغة/ حساسية الرواسب التحتانية – معاينة أولية/ درجة الانحراف ، نوع الاختلاف/ تشغيل إمكانات النثر المعطلة”.
وهناك دراسات أخرى منها:
الانتصاص الشعري في أولئك اصحابي/ تجاور مالايتجاور في الكتابة الشعرية – الاطروحة الشعبية مثالا / شعراء الحافات الخطرة – تحوّل باتجاه ما بعد الشعر”.
ولكل ذلك ، يقوم الكتاب على مقاربات عبر مناهجية لبنى معرفية متحوّلة، إختارت موضوعات متحرِّكة بسيرورة إنتاجية موازية لطروحات الحداثة البعدية، وبذا يثير الكتاب إشكاليات عدة منها:
تحوّلات الكتابة ما بعد الحداثية : أهي تحوّلات في الأجناس أم في الانواع أم في الموضوعات؟ وما مقولاتها المعرفية ؟ وما بنياتها الابدالية ؟ وما درجة ونوع وطبيعة حساسية الاختلاف في الكتابة الجديدة ؟ وما طبيعة وحجم الميتا سرديات الجديدة في الكتابة: أهي تقنية أم ظاهرة أم تيار أدبي واسع ؟ وغيرها من الاشكاليات الأخرى.
ويخلص الكتاب الى ان الكتابة ظهرت في مرحلة تحطيم القوالب والنماذج بأطروحات الحداثة البعدية ،على وفق رؤى جديدة للنص والذات والعالم ، وبذا قامت الكتابة على انتهاك قوانين الأدب والاطاحة بها.