تتأثر السينما بالوضع العام للبلد، كذلك بالواقع الاجتماعي له، معظم الأفلام السينمائية التي تنتج تحاكي هذا الواقع، وتخضعه لتحليلاتها، وقد تكون هذه التحليلات خاضعة لأيديولوجيا معينة سواء للجهة المنتجة او لمخرج العمل، فول لاحظنا أفلام المخرج البريطاني كين لوتش، نجدها تتحدث عن الخلل الكبير في الأنظمة الرأسمالية كما في فلمه « أنا دانييل بلاك» وكذلك فلمه « الريح التي هزت الشعير»، نجد النزعة اليسارية واضحة فيها، تدين وتهاجم النظام هناك، وكأنه يقاتل بسلاح أسمه السينما.
في الجانب الأخر نجد الكثير من أفلام هوليود التي تمجد الفرد الأمريكي وتظهره بمظهر القادر على تجاوز الأزمات، حتى لو بعد قرن من الان كما في فلم « أفاتار» للمخرج جميس كاميرون.
السينما العراقية تأثرت هي الأخرى بالوضع العام للبلد، حيث تراجعت وبشكل كبير سواء على مستوى الإنتاج او تراجع واختفاء صالات العرض، فمنذ اندلاع حرب الخليج الأولى في ثمانينات القرن الماضي الى يومنا هذا والوضع العام لم يستقر، فبين حروب وحصار وإرهاب، ضاعت الكثير من أماني السينمائيين العراقيين، وفقد الكثير منهم وظائفهم، كما انتهت نجومية البعض.
لكن من خلال كل هذا الخراب، كان ثمة من يصر على ادامة الحراك السينمائي وتطويره، فبعد عام 2003 أنتجت أفلاما مهمة لاقت ترحيب الجمهور على المستويين الدرامي والفني، فكانت أفلام مثل « غير صالح، وكرنتينة» لعدي رشيد، وافلام « ابن بابل ، ونحن رمال بابل ، والرحلة لمحمد الدراجي»، وافلام مهمة لمخرجيين عراقيين أكراد منهم هشام زمان ، شوكت أمين كوركي، حسن حسين، وغيرهم ـ إضافة الى مجموعة كبيرة من الأفلام القصيرة الممتازة لمخرجين شباب حصدت جوائز مهمة في العديد من المهرجانات، وأخر الأفلام التي شكلت حضورا عربيا وعالميا هو فلم شارع حيفا للمخرج مهند حيال، الذي حقق عدة جوائز مهمة، وفي الطريق فلم مهم أخر للمخرج فرانك كلبرت هو فلم رحلة الخلود.
كل هذا الأفلام لم تبتعد عن الواقع العام الحالي والماضي، بل كان هذا الواقع هو المادة الرئيسة لأفلامهم، وأبرزت حتى التوجهات الفكرية للبعض منهم.
كذلك فان الواقع وما يفرضه انعكس سلبا على ديمومة الإنتاج السينمائي، الذي يحتاج الى دعم حكومي لكي يستمر، وان كان البعض من المخرجين قد عرف الطريق الى المؤسسات العربية والعالمية الداعمة.
أخيرا كل ما نتمناه ان يتحسن الوضع العام للبلد، ويتوفر الظرف الصحي المناسب للسير قدما في تطوير السينما العراقية.
كاظم مرشد السلوم