كاظم مرشد السلوم
ينحى الفيلم الوثائقي هنا منحى روائياً من خلال هذا التوظيف مع ضرورة الاشارة الى ان الممثل الذي يؤدي دورا معينا ضمن بنية الفيلم الوثائقي هو بالضرورة ممثل غير محترف ولا يحاول ان يتقمص دورا او يعطي ابعادا أو تأثيرا للشخصية بل انه فقط يحاول ان يعيد بناء الحدث وتجسيده من جديد ولاسيما بعض الموضوعات التي قد يصعب سردها عن طريق التعليق او المقابلة او انها قد لا تعطي التأثير المطلوب ، كما في فيلم فلاهيرتي (نانوك رجل الشمال)، حيث أن الفيلم الوثائقي وهو يحاول ان يتساوى ويتطابق مع العالم الخارجي العياني يتوسل بالأدوات والوسائل التي تمكنه من تقديم ذلك الواقع علـــــى الشاشة بأعلى درجة من الصدق والواقعية ، لان الفيلم الوثائقي عندما يحتاج الى كشف التطورات الذاتية والنفسية للإنسان يتعذر علينا ان نستغني عن الممثلين غير المحترفين وعن فنهم في التجسيد والتعبير ويمضي ارنست لندجرن في مؤلفه ( فن الفيلم ) أبعد من ذلك في الحاجة للاستعانة بالممثلين ضمن بنية الفيلم الوثائقي لأجل تحقيق أهداف الفيلم في المطابقة الواقعية والتأثير المطلوب في المتلقي عندما يقول: افضل وسيلة لتحقيق ذلك هي انتقاء نماذج معينة من الناس ولابد لتنفيذ ذلك من الاستعانة اكثر فأكثر بممثلين مدربين على تصوير نمو الشخصيات الانسانية وما يصاحب هذا النمو من عمق فكري وعاطفي” . وربما نتحفظ هنا قليلا على مجمل هذه الطروحات ونود التأكيد على إننا ليس ضد استخدام الممثل غير المحترف في سياق الفيلم الوثائقي ولكن ضد فكرة توظيفه لأجل احداث تأثير معين عند المتلقي كون هذا الامر لابد وان يصطدم مع جوهر فلسفة الفيلم الوثائقي والقائمة على الابتعاد عن التزييف او التلاعب بمعطيات الواقع العياني ، كما ان مشاهد اعادة تجسيد الحدث والتي يلجأ لها بعض من مخرجي الافلام الوثائقية لابد وان تخضع لترتيب وتنظيم واختيار، وهذه تنحى منحى جمالياً اكثر من كونها ذات ميل نحو الحقيقة ومن ثم فإنها قد تخلق اشكالية بنيوية في الفيلم الوثائقي فالجمال بحسب الوثائقيين يفترض ان ينبع من الحقيقية وليس العكس .