الشاعر الذي حول قصائده الى مشاهد فلمية مذهلة
رغم وجود عدد كبير من المخرجين السينمائيين الإيرانيين الذي حصلوا على شهرة عالمية واسعة، مثل عائلة مخلباف، ومجيد مجيدي، وبهمن قبادي وغيرهم، الا ان المخرج عباس كياروستمي، يعد احد أهم مخرجي تيار الموجة الإيرانية الجديدة التي انطلقت في العام 1960 أمثال فروغ فرخزاد، وسهراب شهيد، وبهرام بيضائي، پرويز كيمياوى.
بعد الثورة الاسلامية والتغيير الكبير الذي حصل في ايران، ووصول الإسلاميين الى سدة الحكم، غادر العديد من المخرجين السينمائيين الى خارج ايران بسبب الضغوط التي تعرضوا لها، لكن عباس كياروستمي بقي في ايران ولم يغادرها، الا لضرورات العمل، ليخرج العديد من الأفلام المهمة، مستخدما لغة السينما الفخمة في التعبير عن احتجاجه ورضاه، وحبه الكبير لبلده أيران، فالكاميرا كانت لا تفارقه، سواء الكاميرا السينمائية، او كاميرا الفوتوغراف التي ابدع في استخدامها وأقام معارض عدة لما صوره فيها، ومازال الجميع يتذكر فلمه المهم طعم الكرز الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، الذي يدور حول رجل يبحث عمن يدفنه بعد مماته .
دخل عباس كيار روستمي العالمية من أوسع أبوابها، بعد ان اخرج اول أفلام ثلاثيته الشهيرة المعروفة بثلاثية كوكر، والتي بدأها بفلم ” اين منزل صديقي عام 1987، ومن ثم فلمه الذي يتناول الزلزال المدمر الذي ضرب شمال ايران” وتستمر الحياة ” 1992، واختتمها بفلم ” عبر أشجار الزيتون ” عام 1994
لكن هل وقف كيار روستمي عند حدود المحلية، ولم يتخطى الواقع الإيراني كمادة درامية لأفلامه، على العكس تماما، بل ذهب الى العالمية كمخرج متمكن من ادواته، لم يتملكه الخوف من الخوض في مواضيع تبدو غريبة عن المجتمع الإيراني بشكل خاص والمجتمع الشرقي الذي ينتمي اليه بشكل عام، فكان ان اخرج واحدا من اهم الأفلام عن حكاية تجري في اليابان ، وهو فلم ” مثل عاشق ” Like Someone in Love”الذي عرض في احد دورات مهرجان أبو ظبي ، وحاز على جوائز عديدة، ثم ليجمع خليط من الممثلين الأجانب في فلم واحد وفي أماكن اوربية مختلفة في فلمه المهم ، نسخة طبق الأصل ، Certified Copy ، وكان من بطولة النجمة العالمية جولييت بينوشت
توفي عباس كيارستمي في باريس، بعد إصابته بسرطان الجهاز الهضمي، ليقف كل فنانو العالم وفي وقت واحد، دقيقة حداد على روحه.
أصغر فرهادي المخرج الحاصل على جائزتي اوسكار خلال خمس سنوات، اعتبر وفاة كياروستمي صدمة كبيرة للسينما العالمية، فلم تخسر السينما مخرجًا مبدعًا فحسب، بل خسر العالم رجلًا رائعًا أيضًا، بينما اعتبر المخرج الشهير محسن مخملباف بأن سمعة السينما الإيرانية في الخارج تعود لهذا الرجل العظيم، وهو من أعطى للسينما الإيرانية مصداقية ووجود فعال في السينما العالمية.
ولعل اهم ما قيل عنه هو قول المخرج الفرنسي-السويسري الكبير جان لوك غودارفي وصفه له بقوله: “السينما تبدأ بدي دبليو غريفيث وتنتهي عند عباس كيارستمي”.