جوزيف يارد
مطلوب الوضوح بالرؤية وأن لا يُترك العميل، وهو صاحب المال، دميةً في مهبّ رياح أهواء المصارف ومزاجيّتها و”مطاطيّة” التعاميم ، وأن يرى ولو بضبابية نسبيّة، مسار الكابوس الذي يرافقه على طريق الجلجلة.
بعد أن “تمرمغت” أنوف أكثريّة المودعين في وحول الذلِّ والمهانة على أبوابِ المصارف إستجداءً لحفنةٍ من الدولارات هي ملكهم بعرقِ الجبين وسهر الليالي، علماً أن “أباطرة” المصارف اليوم هم أنفسهم كانوا بالأمس القريب وبكامل أناقتهم والكلام المعسول “يغازلون” هؤلاء المودعين طالبين منهم ودائع مهما كَبُرَت قيمتها أو صغُرت…وبعد أن نفذ صبرُ هؤلاء المودعين، وقد طال انتظارهم لرؤية قانون يصدر عن “مسؤولين” في دولةٍ “مسؤولة” طالما عقدوا الآمال على مهنيّتها وحسن تدبيرها وحسِّها الوطني ؛ ها هم الْيَوْمَ يقفون مشدوهين، مولولين، غاضبين أمام “مشروع قانون” ، هو نسخة، لكنَّها مكتوبة، عمّا “ابتدعته” المصارف غوغائياً، ( كلّ مصرف على هواه، فصّله على مقاسه ) ،منذ خمسة أشهر و فرضته فرضاً على المودعين ( متناسين أنَّهم هم المدينون وليس الدائنين، وأنَّ هذه الأموال ليست ملكاً لهم ) وما زال يُطَبّق إعتباطيّاً ، مشروع القانون هذا سيسلك طريقه الى مجلس النواب لإقراره فيصبح نافذاً، وهكذا نُغَلّب الباطل على الحق و نشرّع تدخّل وتحكّم “الأباطرة”وأعوانهم بحياة المواطن وخصوصيّاته و نقونن إستنسابيّتهم وسطوتهم على تعب المواطن والتلاعب بلقمة العيش و ذلك، حسب قولهم،”لظروف إستثنائيّة” ولكن دون تحديد زمن لهذا الإستثناء، قد يكون غداً وقد يكون أبداً..!!
الإخلال بواجباته التعاقدية المفاجئة تجاه عملائه والتصرف الإستنسابي ألعشوائي الذي مارسه في الأشهر الماضية تُعاقِبُ عليه القوانين، إن طُبِّقت، فهل يريد المسؤولون “الجدد” التأكيد على أنَّ ” القديم على قِدَمِه ” وأن القانون الذي لم يُطَبَّق سوف لن يُطَبَّق ؟؟؟!
فيا نواب الأمة !….و يا أصحاب القرار!!…
أولاً- لا ليس للمصرف أن يعرف، بل ممنوع عليه أن يعرف أنَّ هذا المواطن أو ذاك هو ذاهبٌ للإستشفاء هنا أو هناك وبأيّة كلفة، ولا له الحق معرفة إن كان زيدٌ يدرس في فرنسا أو عمرٌ يدرس في ألمانياأو الصين وكام هي التكلفة، لا ولا إذا كان هناك في الخارج حسابٌ مسجلاً باسم فلان أو باسم علّان،!!! هذه حرية شخصية مقدسة كرستها القوانين والأعراف، فلا يجوز تدنيسها مطلقاً.
ثانياً- لا ليس للمصرف أن يتحكم بـ”رقاب” عملائه و يقرر قيمة السحوبات الداخلية أو التحويلات للخارج من أموال، إستودعوه إياها وأئتمنوه عليها بكل نية حسنة وثقة كاملة، حسب نظام مصرفي في اقتصاد حر، فالإخلال بواجباته التعاقدية المفاجئة تجاه عملائه والتصرف الإستنسابي ألعشوائي الذي مارسه في الأشهر الماضية تُعاقِبُ عليه القوانين، إن طُبِّقت، فهل يريد المسؤولون “الجدد” التأكيد على أنَّ ” القديم على قِدَمِه ” وأن القانون الذي لم يُطَبَّق سوف لن يُطَبَّق ؟؟؟!
ثالثاً- ولا هو معقول أن تبقى كافة تلك التدابير مفتوحة في الزمان !!..
هذا و غيره الكثير ممّا لا يقبله أيُ منطق، خاصّةً وأن الكل يعلم لماذا وصلت الحالُ إلى ما هي عليه…
في ما يلي إقتراح، قد يريح أكثرية المودعين بعض الشيء ولا “يضير” المصارف إذا صفت النوايا :
مع فتح الحساب الجديد لـ”ألأموال الجديدة” المذكور في مشروع القانون وبناءً لرغبة العميل “يُحرَّر” مبلغ أقصاه :
أ) 60 مليون ليرة لبنانيّة من وديعة العميل في المصرف بالليرة اللبنانيّة، إن وُجِدت لوضعها في الحساب الجديد وبالعملة نفسها. يضاف إليها
ب) 20 الف دولاراً أميركيا من وديعة العميل في المصرف بالدولار، إن وُجدت، لوضعها في الحساب الجديد وبالعملة نفسها. يضاف إليها
ج ) ما يساوي 4 بالمئة شهرياً، أو 12 بالمئة كل ثلاثة أشهر( شهريّاً أو كل ثلاثة أشهر، تكون هذه المدة حسب الإتفاق) من وديعة أو ودائع العميل في المصرف، إن وُجِدَت، لوضعها في الحساب الجديد وبنفس عملة الوديعة التي اقتطع منها.
و بهذا يصبح مجموع هذه المبالغ “المحررة” (أ) زائد (ب) زائد (ج) “أموالاً جديدة” حسب تعريف مشروع القانون، و يصبح العميل حراً في استعمالها من تحويلات وسحوبات كيف ومتى والى أينما يشاء في الداخل أو إلى الخارج ؛وبالتالي لا يعود هناك ضرورة لاستثناءات التعليم والاستشفاء ومهزلة الوثائق الصحيحة والفواتير و”هذا يحق له وذاك لا” الى آخر المعزوفة،،،، كفى “بهلوانيّات”.
هكذا يهدأ روع أصحاب الودائع الصغيرة وقد يعود النوم لعيونهم وينصرفون الى تحصيل الرغيف ؛ ويَطْمَئنُّ قليلاً بالُ أصحاب الودائع المتوسطة إذ أنَّ أموالهم ستعود ولو “بالقطَّارة” ولو بعد مدّة.
( وَأَمَّا الكبار، فبعضهم، بكل أسف وحسرة، كبير حتى على القانون، في هذا “اللبنان الكبير”).
وهكذا قد يرى، من فقد الثقة و كَفَر، بصيصَ شمعةٍ في نهاية النفق.
ما سبق يتعلّق بحسابات الأفراد، أمّا الباقي فأتركه لذوي الشأنِ والإختصاص.
كل ما هو مطلوب ، الوضوح بالرؤية، وأن لا يُترك العميل، وهو صاحب المال، دميةً في مهبّ رياح أهواء المصارف ومزاجيّتها و”مطاطيّة” التعاميم ، وأن يرى ولو بضبابية نسبيّة، مسار الكابوس الذي يرافقه على طريق الجلجلة.
عن موقع درج