رئيس مجلس الوزراء المكلف» محمد توفيق علاوي» يعرف جيدا أن طريق حكومته ليس معبدا بالورود، ولا الظروف التي سترفق حكومته جميلة وهادئة، ومثالية. إنه يدرك تماما أنه أمام تحديات كبيرة تبدأ عن الدستور والقانون، ولا تنتهي عند أحد. فمن ناحية، هنالك الكتل السياسية التي قد تشكل عامل ضغط ومؤثر على توجهاته، من خلال اتباع السياق المعمول به منذ تشكيل أول حكومة ولحد الآن، وهو ما يتمثل بالمحاصصة وتقاسم المناصب. ومن ناحية أخرى، ثمة قوة جديدة أكثر تأثير من الكتل وهي قوة الشعب، الذي حررت ثورة تشرين قوته الكامنة، وزرعت فيه قوة الرفض وخيار التظاهر السلمي والتعبير الصريح عن الرأي والموقف من السلطة. قد لا يواجه علاوي صعوبة من التوفيق بينهما في حال قررت الكتل السياسية ألا تقف بالضد من تطلعات الشعب، المتمثلة بالحياة الكريمة والأمن والخدمات، رغم أن المتظاهرين تجاوزوا هذه المطالب الى مطالب أخرى، وهو أيضا ليست صعبة ولا تتقاطع من الدستور والقوانين.
وتلك المطالب، هي اختيار حكومة نزيهة، مستقلة، غير خاضعة لسلطة ورقابة الأحزاب والكتل، حكومة همها الشعب قبل الحزب. وهو حق مشروع ودستوري للمواطنين الذين عانوا من سيطرة الأحزاب التابعة والمنقادة الى جهات خارجية معلومة. إن مطلب المتظاهرين الذين لم يتحقق، والمتمثل بتسمية رئيس مجلس وزراء من خارج المنظومة السياسية، أمر قد يصعب تحقيقه، فيما لو تحقق، ذلك أن هذا يعني أنه لن ينال ثقة البرلمان الذي تشكله الكتل السياسية نفسها، لذا فإن تكليف مرشح جاء عن طريق الكتل السياسية، يعني أن حكومته ستمرر من البرلمان، ويبقى أنه يحقق وعوده ويفي بتعهداته التي قطعها على نفسه.
مسؤوليات الحكومة الجديدة، كثيرة ومعقدة، ولابد لعلاوي أن يبدأ بالأهم وهو قانون الموازنة الذي لابد من ارساله الى مجلس النواب للمصادقة عليه وإقراره كي تسير أمور الدولة، إذ بدون وجود قانون للموازنة لا يمكن للدولة أن تسير أعمالها بشكل طبيعي، ولابد من مراجعة هذا القانون الحيوي، ومحاولة ايجاد حل لمشكلة العجز المالي الكبير ومعالجة الأخطاء وإيجاد الحلول الكفيلة بتقليل قيمة العجز، وتنويع الايرادات وعدم الاعتماد الكلي على النفط، والكشف عن الايرادات التي لا تذهب الى خزينة الدولة وهي كثيرة. وبعد تحصين الجانب المالي، وجعله يتناسب مع مطالب المتظاهرين ومطالب الدولة بالدرجة الأساس، لابد من الالتفات الى الانتخابات وضرورة اجرائها في موعد قريب واستكمال متطلبات قانون الانتخابات، ونشره في الجريدة الرسمية. أمور كثيرة معقدة تنتظر الحكومة الجديدة، ليست مستحيلة ولكنها صعبة فيما لو استمر الوضع السياسي الحالي المتمثل بضغط الكتل السياسية، وسعيها لنيل مكاسب على حساب الدولة والشعب. بعض وسائل الاعلام نقلت عن مسؤولين وبرلمانيين، قولهم أن الكتل السياسية ستترك حرية الاختيار لعلاوي في اختيار وزرائه، وهو ما ننتظر تحققه.
سلام مكي