شركات الدواء الاهلية تسلب جيوب المواطنين في الاقليم
السليمانية ـ عباس كاريزي:
ارتفعت اصوات المواطنين الذين اثقل كاهلهم انتشار الادوية الفاسدة وارتفاع اسعارها في الاقليم، للمطالبة بانهاء هيمنة واستحواذ الشركات الحزبية على سوق الدواء في الاقليم.
انتشار الادوية الفاسدة المهربة التي تفتك بعشرات المواطنين سنوياً، دفع بالمسؤولين في حكومة الاقليم الى التفكير بانشاء شركة وطنية للدواء في كردستان.
وعلى الرغم من النداءات المتكررة والعديد من حلقات النقاش التي طالبت بسيطرة حكومية على سوق الدواء ومنع دخول الادوية المهربة والفاسدة، الا ان هذه المحاولات ما زالت في بدايتها ويتحكم عشرات المهربين وشركات حزبية بسوق الدواء في الاقليم الذي يدر عليها ملايين الدولارات شهريا، في ظل عدم قدرة حكومة الاقليم على السيطرة على هذه السوق المفتوحة.
وكان العشرات من المواطنين قد اصيبوا بالعمى العام الماضي نتيجة لزرقهم باحد المضادات الحيوية لعلاج التهاب العين، الا ان الفضيحة التي رافقت هذا الاجراء لم تشفع لهم لدى حكومة الاقليم التي اكتفت بتشكل لجنة للتحقيق في الموضوع.
تنتشر في اقليم كردستان الادوية الفاسدة او منتهية الصلاحية او المزورة التي يدفع المواطنين ضريبة، بينما يقف غلاء اسعار الادوية وكثرة انواعها كسيف مسلط على رقاب المرضى، الذين يشكون من غلاء اسعار الدواء والعلاج الذي يرتفع سنوياً دون وجود اية اجراءات لحماية المستهلكين في كردستان.
وزير الصحة في اقليم كردستان سامان برزنجي قال في تصريح، ان وزارته وفي مسعى منها لمعالجة مشاكل الدواء تسعى لانشاء شركة وطنية للدواء.
واضاف برزنجي، ان الدواء المهرب يدخل يوماً الى سوق الدواء في الاقليم، وان الوزارة تعمل على منع تهريب الدواء والحد منه، عبر انشاء شركة وطنية للدواء في الاقليم.
بدوره قال الدكتور عبد الحميد عيسى، ان قطاع الصحة في كردستان يعاني من مشاكل جوهرية وكبيرة، وان حكومة الاقليم ووزارة الصحة لم تتمكنا لحد الان من وضوع حلول مناسبة للمشاكل التي تتفشى في كافة دوائر ومؤسسات الوزارة.
واشار عيسى في تصريح للصباح الجديد، الى ان شركات الدواء الحزبية تسيطر على سوق الدواء في الاقليم، وهي تسهم في ارتفاع اسعار الدواء يواً بعد اخر.
ولفت الى ان مهنة الطب خرجت من كونها مهنة انسانية وتحولت الى تجارة مربحة بين الطبيب والصيدلية والمختبر، لان المريض الذي يراجع احدى عيادات الاطباء الاهليين او المستشفيات الاهلية يتعرض لاسوء انواع الابتزاز، وهو يخضع للعديد من الفحوصات التي غالباً ما تكون غير ضرورية لتشخيص المرض وكتابة العلاج.
واضاف عيسى ان شركات الدواء الحزبية التي لايمتلك بعض منها اجازات رسمية، تربح سنويا نحو 100 مليار دينار التي تخرج من جيوب المواطنين وخصوصا قليلي الدخل منهم.
واضاف ان التصريحات التي ادلى بها وزير الصحة وغيره من السؤولين في الاقليم بانشاء شركة وطنية للدواء في الاقليم، لا تعدوا كونها للتسويق الاعلامي، وهي لن تدخل حيز التنفيذ لان شركات الدواء ومهربي الادوية الفسادة يمتلكون نفوذا واسعاً، وتاثيرا كبيرا على المسؤولين في حكومة الاقليم، تعجز معه حكومة الاقليم ووزارة الصحة من معاقبة موردي الادوية الفاسدة التي تقتل عشرات المرضى سنوياً.
من جانبه اكد احمد ياسين وهو تاجر في المواد والتجهيرات الطبية، للصباح الجديد، ان تجارة الدواء تعد من اربح انواع التجارة بعد النفط في الاقليم، مشرا الى وجود نحو 200 شركة دواء، تعمل في الاقليم تمتلك الاحزاب الكبيرة ما نسبته 60% منها.
واضاف، ان الصراعات السياسية بين الاحزاب التنفذة يدفع بالمسؤولين الى اطلاق بعض التصريحات للحد من التجارة والتلاعب بمصير المواطنين، الا انها ما تلبث ان تخمد نتيجة لتشابك المصالح الحزبية في تجارة الدواء والسكائر والمشروبات الكحولية.
واضاف، ان اقليم كردستان يعد احد اهم الاسواق للمواد الضارة بصحة الانسان مثل السكائر والمشوربات الكحولية، والادوية الفاسدة.
من جانبها قالت عضو لجنة الصحة في برلمان كردستان شايان عسكري، ان حكومة الاقليم تمتنع عن اثارة موضوع انشاء شركة وطنية للدواء في الاقليم في الوقت الراهن، نظرا لعدم قدرتها على السيطرة على سوق الدواء، مشيرة الى ان لجنة الصحة في برلمان كردستان ستثير هذا الموضوع، اذا ما استمرت حكومة لاقليم بتجاهل الموضوع.
وبينما قالت العسكري، ان قرابـة 10%مـن الـدواء في يدخل اسواق الاقليم عبـر الحـدود مع ايـران وتركيا وتهريبها من محافظـة كركوك الى الاقليم، قالت ان انشاء شركة وطنية للدواء لن ينهي الفساد وادخال الدواء الفاسد الى اسـواق الاقليـم، وهو سيؤدي فقـط الى تسهيـل الية اجراء متابعة لملف الـدواء والعلاجات الطبية في الاقليم، مشيرة الى ان الدواء في الاقليم يؤمـن عبر ثلاثة انواع، الاول ترسلـه الحكومة الاتحادية من حصـة ال 17%، والثاني شراء الدواء من قبل المديريات العامة، والثالث تهريب الدواء وادخاله الى اسواق الاقليم.
واخذت الصباح الجديد عينة في اطار متابعتها لارتفاع اسعار الدواء في الاقليم، وتوصلت في اطار متابعتها الى ان احد الادوية السويسرية التي تستخدم لمعالجة ارتفاع ضغط الدم، تباع في اسواق الاقليم، في مذاخر الادوية بسعر 20 الف دينار، بينما يتراوح سعر الدواء ذاته ومن نفس النوعية في الصيدليات بين 35 -40 الف دينار، وهو ما يشير الى انه لاتوجد رقابة او متابعة لاسعاء الدواء والعلاجات الطبية في اسواق الاقليم، اذا ان مالك الصيدلية يبيع الدواء حسب رغبته دون ان يعير اهتماماً الى نسبة الربح المضافة الى السعر الاصلي او قدرة المواطنين على شراء تلك الادوية.