احسان ناجي
دفع التقارب العراقي الكويتي بعد نحو ثلاث حقب من التنافر بسبب مشكلات سياسية واقتصادية على خلفية احداث 1991 الى جلوس البلدين الى طاولة التفاهم لا سيما فيما يخص البند الأممي السابع والحقول النفطية المشتركة اللتان تعدان على قائمة المهمات التي يجب أن يتنهي منها الجانبين الى تفاهم وايجاب.
وإذ كانت بغداد فتحت ذراعيها اقتصادياً وتجارياً لدول الجوار لا سيما بعد تحديد مناطق نفوذ عصابات «داعش» الارهابية في البلاد وتحجيمها، فان التطورات تؤكد انتقال العراق الى مرحلة اقتصادية جديدة بفتحها حوارات بناءة مع الجوار ومنها الكويت التي زار أميرها بغداد مؤخراً لبحث مع العراقيين الخطوط العريضة التي يسير عليها البلدين في مسعى لارساء قواعد التكامل الاقتصادي بينهما في حين شكل إنتاج حقول النفط عبر الحدود مصدرا للتوتر بين البلدين العضوين في منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك.
ونتيجة لذلك، وقع العراق والكويت عقدا مع شركة استشارات الطاقة البريطانية إي.آر.سي اكويبويز، لإعداد دراسة لتطوير حقول النفط الحدودية المشتركة بين البلدين.. هذا العقد بحسب مواكبين من شأنه دراسة تحديد أفضل السبل لاستثمار واستغلال هذه الحقول، وقعه مسؤولون من البلدين في العاصمة الأردنية عمان، ومن المتوقع أن يستمر لما يصل إلى عامين ونصف.
وتوجد بضعة حقول نفطية في المنطقة الحدودية الواقعة بين العراق والكويت، من بينها الرتقة، وهو امتداد جنوبي لحقل الرميلة العراقي العملاق، في حين أكد الشيخ طلال ناصر العذبي الصباح، إن توقيع العقد هو نتيجة لست سنوات من العمل الشاق بين البلدين.
خليج متوتر
في الخضم، تحتدم المنطقة الأهم على صعيد انتاج النفط الخام عالمياً في صراع العقوبات الاميركية على ايران التي تحاول الالتفاف على العقوبات الدولية بخصوص ملفها النووي الشائك. وإذ تأثرت المنطقة (الخليج العربي خصوصاً) بموقف واشنطن السلبي من طهران، فان الممر الأهم لنقل الحصة النفطية الأكبر في أوبك ما زال يتعرض الى التهديدات الايرانية في وقت ما زالت فيه الاخيرة تجازف بتصدير بعض نفوطها عبر الخليج.
وفي حين استبعدت تحليلات أن تهدأ أمور الخليج في القريب العاجل، يرى آخرون أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يناور من أجل أهداف سياسية وعسكرية واقتصادية. فريق ثالث رأى أن التطورات الأخيرة باحتجاز الناقلة البريطانية أظهرت قوة إيران في الرد بالمثل وعدم قدرة بريطانيا على حماية سفنها.
وتقول صحيفة «العرب» اللندنية إن إيران «تتحرش بخصومها الغربيين، لمعرفة إلى أي مدى يمكن لها التحرك في الخليج من دون عقاب بطرق تتفادى إشعال الحرب، بدلا من الاشتباك مع جيش أمريكي قوي، لكن يبدو أنها تزيد من أخطائها وسوء تقديرها، الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى نشوب نزاع مسلح له تداعيات عالمية».
وفي مطلع الاسبوع، كشفت تقارير صحفية أن 12 ناقلة إيرانية على الأقل لا تزال تنقل النفط الإيراني إلى مختلف أنحاء العالم برغم مساعي واشنطن لقطع الصادرات النفطية.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها، إنها تتبعت تحركات أكثر من 70 ناقلة إيرانية منذ 2 أيار، أي موعد إلغاء واشنطن إعفاءاتها الممنوحة لدول أخرى عن عقوباتها ضد قطاع النفط الإيراني، لتكشف أن 12 من تلك السفن نقلت شحنات من النفط إلى الصين وشرق المتوسط›.
واضافت أن ‹11 من تلك الناقلات تابعة أو مدارة من قبل شركة الناقلات الوطنية الإيرانية المدرجة على قائمة العقوبات الأمريكية، وذلك باستثناء الناقلة Devrez التابعة لشركةGreat Sparkle Investments المسجلة في هونغ كونغ ولديها مكتب أيضا في مومباي الهندية›.
وأوضحت الصحيفة، أن ‹بعض الناقلات أطفأت النظام الخاص بتحديد هويتها بعد مرورها في قناة السويس، وتبين أن وجهتها شرق المتوسط›.
لكن مصدر مواكب استبعد حصول مثل هكذا «خرق»، وقال: نعرف القط وندرك الفأر.. هل يسخرون منا بقولهم: لم يتسن تحديد هوياتها «الناقلات».؟!
مناورات
في الغضون، أجبرت مصافي التكرير في الولايات المتحدة على شراء النفط الروسي الثقيل، بعدما فرضت الإدارة الأمريكية عقوبات على فنزويلا التي تعد موردا رئيسا لهذا الصنف من النفط للشركات الأمريكية.
وفرضت واشنطن في كانون الثاني الماضي قيودا على أكبر شركة نفط في فنزويلا PDVSA، وقامت بتجميد أصولها في الولايات المتحدة بقيمة 7 مليارات دولار، وفي ظل هذه القيود توقفت مصافي النفط الأمريكية بشكل كلي عن شراء النفط الفنزويلي.
وارتفعت منذ بداية العام الجاري صادرات النفط الثقيل من روسيا إلى الولايات المتحدة لتسجل أعلى مستوى لها منذ 2013، وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية EIA.
وأشارت البيانات إلى أن الإمدادات تضاعفت في الفترة من كانون الثاني إلى أيار لتصل إلى 17.43 مليون برميل من الخام، مسجلة بذلك أعلى مستوى لها منذ آب 2013.
وعلق أنطون بوكاتوفيتش كبير المحللين في BCS Premier خلال حديث لـRT الروسية على ذلك قائلا إن «تصرفات واشنطن في سوق الطاقة مرتبطة إلى حد كبير بالعوامل الجيوسياسية، ولذلك بعد فرض العقوبات على كاراكاس حرمت الولايات المتحدة نفسها من شراء النفط الثقيل ولجأت إلى روسيا لشرائه بهدف الحفاظ على عمل مصافيها لتكرير النفط».
وعن سبب عدم استعمال هذه المصافي الخام الأمريكي، يوضح المحلل أن النفط الصخري في الولايات المتحدة خفيف وغير مناسب لإنتاج أنواع معينة من الوقود والمنتجات الكيميائية.
ووفقا لبوكاتوفيتش فإن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على إطلاق إنتاجها الخاص من النفط الثقيل في وقت قصير، ولذلك من المتوقع أن تزيد صادرات روسيا من هذا الصنف من النفط إليها في السنوات المقبلة.
في المقابل، فان بيانات أظهرت أن إمدادات النفط من السعودية إلى الولايات المتحدة انخفضت في الفترة من كانون الثاني إلى أيار من العام الجاري إلى 452 ألف برميل يوميا في أدنى مستوى منذ منتصف 1987.
علاوة على ذلك أشارت البيانات إلى أن متوسط حجم النفط الذي استوردته الولايات المتحدة خلال الفترة المذكورة من الدول الأعضاء في منظمة «أوبك» بلغ 56 مليون برميل شهريا، وهو أدنى مستوى في 26 عاما، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وعن أسباب هذا التراجع، قالت إيرينا لانيس المحللة في إحدى المؤسسات المالية الروسية، إن قيام دول «أوبك» بخفض إنتاجها في إطار اتفاق «أوبك+» بغية تحقيق توازن في سوق النفط أسهم في زيادة أسعار النفط، لذلك تقوم الولايات المتحدة بشكل مصطنع بخفض الطلب العالمي على النفط، وذلك من خلال تقليص مشتريات النفط من الشرق الأوسط، إذ تسعى لخفض سعر النفط الذي تشتريه عبر التلاعب بالأسعار.
وهذا التحليل يتوافق مع رأي دميتري إينوغورودسكي الخبير في المركز المالي الدولي، الذي قال إن واشنطن بهذه الطريقة تحاول الضغط على دول منطقة الشرق الأوسط، ومن بينها السعودية. وأوضح أن الولايات المتحدة ستكون قادرة على استخدام ورقة زيادة مشتريات النفط من السعودية ودول أخرى في المنطقة مقابل الحصول على تنازلات. وعن مدى أهمية النفط السعودي للولايات المتحدة، فأن واشنطن يمكنها الاستعاضة عن النفط الخفيف المستورد من المملكة بنفط خفيف من إنتاجها.
ويضيف المحللون أنه في ظل انخفاض مشتريات النفط السعودي من قبل الولايات المتحدة فقد تحولت السعودية إلى الأسواق الآسيوية، إذ أظهرت بيانات وكالة الطاقة العالمية أن السعودية صدرت إلى الصين في آذار الماضي نحو 1.7 مليون برميل يوميا من النفط، في أعلى مستوى منذ 2004.
هدوء الجانب الآخر
وتحت الضوء، قالت وزارة الطاقة الروسية إن إنتاجها النفطي في تموز يتماشى مع اتفاق منظمة أوبك، مضيفة أن موسكو تعتزم الالتزام بالترتيبات في شهر آب.
واوضحت الوزارة على وفق ما نقلت «رويترز»، أن «إنتاج روسيا في تموز تراجع 290 ألف برميل يوميا مقارنة تشرين الاول 2018 وهو التاريخ المرجعي في الاتفاق بين أوبك وحلفائها، الخاص بخفض الإمدادات».
وصعدت أسعار النفط نحو 3%، بعد يوم من تسجيلها أكبر هبوط ليوم واحد في بضع سنوات بفعل تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الولايات المتحدة ستفرض المزيد من الرسوم الجمركية على بضائع صينية.
وأنهت عقود مزيج برنت تسليم تشرين الأول المقبل جلسة التداول مرتفعة 1.89 دولار، أو 2.3%، لتبلغ عند التسوية 61.89 دولار للبرميل.