في ظل وصف ترامب للسعودية بـ «البقرة الحلوب»
ترجمة: سناء علي
في عدة تقارير تم نشرها على الموقع اشار فيها عدد من الخبراء الى ان « العلاقة بين الولايات المتحدة الاميركية والسعودية تعود الى «اتفاقية كوينسي» التي ربطت أمن المملكة العربية السعودية وحمايتها بتدفق الطاقة لاميركا، الا ان هناك شكوكاً بين الطرفين حيث ان كل واحد منهما يرى الاخر لا يحترم مصالحه الإستراتيجية، اذ انه ومنذ دخول القوات السعودية إلى البحرين عام 2011 وصولا إلى تشكيل تحالف لحرب اليمن إلى قانون «جاستا» لم تكن هناك تفاهمات سعودية أميركية مركزة، والذي زاد الطين بلة التصريحات النارية التي اطلقها الرئيس دونالد ترامب ابان حملته الانتخابية والتي كان اقساها ان السعودية «بقرة حلوب».
وعلى الرغم من ان فوز ترامب في الانتخابات لقي اجماعاً تفاؤلياً من قبل الصحافة السعودية وإمكانية إستثماره لخدمة المصالح السعودية، الا ان المراقبين يرون غير ذلك اذ ان «بروس ريدل» السياسي الاميركي ومستشار عدد من الرؤساء الاميركيين حذر من وجود قضيتين تهددان الشراكة الأمنية القوية بين البلدين، وهما قانون «جاستا» الذي يسمح بمقاضاة المسؤولين السعوديين للمشاركة المزعومة في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، ونقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس، حيث ان ترامب من اشد المدافعين عن قانون «جاستا» الذي وصفه مسؤولون في الرياض انه تصعيد خطير من شأنه إعادة الحسابات في مستوى العلاقات العتيدة بين البلدين في ملفات أمنية واقتصادية عديدة، بينما يحذر خبراء أميركيون من أن نقل السفارة سيقود لردات فعل عربية وإسلامية نظرًا للقيمة الدينية للقدس، حيث ان السعودية تواجه جملة من المشكلات من انخفاض أسعار النفط وازدياد معدلات البطالة إلى الحرب في اليمن والعجز في الموازنة، وبحسب «بروس ريدل» ان نقل السفارة مع تراكم الاحداث التي تواجهها المملكة قد ينجم عن مواجهة حتمية بين السعودية والولايات المتحدة الاميركية، لا سيما وان طهران قد تستغل هذا التحول الاميركي لتؤكد صحة قراءتها منذ عقود وعدم ثقتها في واشنطن لانحيازها الشامل لإسرائيل، فضلا عن اتهام السعودية في حالة عدم تبنيها موقفاً بشأن القدس بالتهاون والخضوع للصهيونية.»
كما بينوا ان « الخطوة الاخيرة التي اتخذها الرئيس ترامب وهو قرار منع رعايا ايران والعراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال والسودان للسفر الى الولايات المتحدة، جعل من المتابعين يقفون حائرين من عدم ادراج السعودية وباكستان وغيرها من الدول المتهمة في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، الا ان الاتصال الذي عقب الاعلان عن هذا القرار بين الرئيس ترامب والملك سلمان يبين لماذا استبعدت المملكة، حيث نقل عن سفير السعودية في الولايات المتحدة «عبد الله بن فيصل بن تركي» أن ترامب وجه تهديداً للسعودية بطريقة غير مباشرة مطالباً اياها بدفع الاموال والا ستضاف الى قرار المنع، وبما ان السعودية ستدفع فان ترامب سيبقى يحبها اذ انه قال «احب السعوديين فهم يشترون الكثير من الشقق التي ابنيها» ومع تفاقم الازمة المالية التي تمر بها السعودية لاسيما وانها داخلة في حرب استنزاف منذ اكثر من عامين مع اليمن ولم يبن أي ملامح انتصار لها، وعندما تنفد الاموال السعودية ستصبح المملكة دولة ليست لها قيمة لدى الولايات المتحدة، فيما اذا واصلت السعودية دفعها الاموال بدل حماية ارضها وعرشها الملكي فانها ستبقى الحليف الاكبر في الشرق الاوسط.»
واكدوا ايضاً ان « الرياض وأبو ظبي رفضتا انتقاد قرار الرئيس الاميركي ترامب، بمنع دخول مواطني 7 دول إسلامية إلى بلاده، وذلك في وقت يواجه فيه هذا القرار انتقادات شديدة داخلياً وعالمياً (مع غياب عربي واسلامي عن لغة الاستنكار هذه). اذ جاء موقف الرياض على لسان وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، الذي دافع عما وصفه بـ»حق الولايات المتحدة في ضمان سلامة شعبها». وفي هذا التصريح تشويه للحقيقة فالتهديد الذي يواجهه الشعب الاميركي لم يأتِ من هذه الدول السبع، وحتى ان كان الارهاب قادماً من هذه الدول فهو لا يعالج بهذه الطريقة مطلقاً، الا انه يتوافق مع سلوك السلطات الدكتاتورية، حيث تعد السعودية ودول الخليج الانموذج الابرز في هذا المجال.»
واوضحوا في تقاريرهم الى انه « وفي حال نفذ ترامب وعده الانتخابي في التخلي عن النفط السعودي فسيكون لهذا عواقب وخيمة على الاقتصاد السعودي، اذ ان المملكة تعاني من مشكلات اجتماعية واقتصادية كـ ضعف القطاع الخاص وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وتراجع الاحتياطي الأجنبي، كما إن إيقاف صادرات النفط إلى الولايات المتحدة يمكن أن يفاقم تلك الأزمة الامر الذي يشكل خطرًا على استقرار البلاط الملكي السعودي، كما ان الاستغناء عن النفط السعودي بات لا يشكل خطراً على اقتصاد الولايات المتحدة حيث قال «بيري كاماك» الخبير في مؤسسة كارينغي للسلام الدولي بواشنطن ان الولايات المتحدة اليوم تطور مصادرها من الطاقة، بما في ذلك النفط الصخري، وباتت تصدّر إنتاجها إلى كثير من بلدان العالم، وهكذا فقد تقلصت إلى حد كبير أهمية نفط الخليج بالنسبة لتجارة الولايات المتحدة وصناعاتها.»
كما بينوا انه « وبعد كل هذا تبرز حالة من الانقسام بين الحليفتين الولايات المتحدة والسعودية وما يوحدهما «بالعلن» فقط التوترات «الايرانية الاميركية» العدو المشترك للطرفين، ومتى ما رجعت المياه الى مجاريها بين الادراة الاميركية والحكومية الايرانية، فان ترامب سينفذ ما وعد به ناخبيه تجاه السعودية فالمصالح التي جمعت البلدين على مدى عقود طويلة كـ النفط وصادرات السلاح والموقف من إسرائيل وغيرها الكثير قد باتت جزءا من التاريخ على وفق المتغيرات الجديدة، ونحن بانتظار صدق نبؤة ترامب بزوال السعودية في حال تخلي الولايات المتحدة عن دعمها.»
*عن معهد بولينغي للابحاث والدراسات الاستراتيجية