حيدر اسماعيل
من الواضح أن إعداد المنتخب الوطني للمشاركة في البطولات الدولية يتطلب وضوحًا في الهدف واتساقًا في القرارات. ومع اقتراب بطولة خليجي 26، يبدو أن المشهد مشوب بالتناقضات وغياب الرؤية الاستراتيجية التي يجب أن تقود إعداد المنتخب، خصوصًا إذا كان الهدف هو التحضير لكأس العالم، وهو الحدث الأهم على الساحة الدولية.
الملاحَظ أن القرارات المتعلقة بالبطولة الأخيرة افتقرت إلى التخطيط الدقيق. إذا كان الهدف الأساسي من البطولة هو إعداد المنتخب الوطني لكأس العالم، فمن المنطقي أن يتم اختيار اللاعبين الأقرب لتمثيل المنتخب في هذه المنافسة الكبرى. ومع ذلك، يبدو أن القائمين على الأمر اتخذوا قرارات متناقضة، حيث تم ضم عدد كبير من اللاعبين من مختلف الأندية دون الالتفات إلى مدى جاهزيتهم أو قدرتهم على المنافسة الدولية.
هذه الاستراتيجية تثير تساؤلات حول الهدف الحقيقي من المشاركة في البطولة. هل نحن نشارك فقط لتجربة اللاعبين؟ أم أننا نذهب بهدف المنافسة والفوز؟ ازدواجية التفكير هذه لم تؤدِ فقط إلى تشتيت الجهود، بل أضعفت أيضًا قيمة البطولة نفسها كوسيلة لتحضير المنتخب بالشكل الأمثل.
على سبيل المثال، قرار اختيار اللاعبين من كل فريق بشكل متساوٍ تقريبًا يُظهر أن التركيز كان على التوزيع العادل بدلًا من اختيار الأنسب. إذا كان الهدف هو الإعداد الجدي للمنتخب الوطني، فيجب أن تكون الأولوية للأداء والجودة الفنية، وليس التوزيع الكمي. كما أن غياب بعض الأسماء المهمة، مثل محمد قاسم والحارس علي كاظم، يفتح المجال أمام علامات استفهام كبيرة. لماذا لم يتم ضم هؤلاء اللاعبين رغم أدائهم المميز؟ وهل هناك أسباب فنية حقيقية وراء ذلك، أم أن هناك عوامل أخرى تؤثر على قرارات المدرب؟
من جانب آخر، يبقى للمدرب كاساس دور مركزي في تحمل المسؤولية. فهو الشخص الذي يملك الرؤية الفنية والمسؤول عن تحقيق الانسجام بين اللاعبين واختيار الأفضل منهم. ومع ذلك، يبدو أن قراراته لم تلقَ قبولًا واسعًا، وهو ما يعكس أزمة ثقة بين الجماهير والطاقم الفني.
الأهم الآن هو أن يتم مراجعة هذه القرارات قبل فوات الأوان. فالإصرار على السير في هذا المسار غير المدروس قد يؤدي إلى نتائج سلبية لا تخدم مصلحة المنتخب. يجب على القائمين على المنتخب إعادة تقييم الأسماء المختارة وضمان أن تكون القائمة النهائية مبنية على معايير واضحة ومنطقية تخدم الهدف الأكبر: المنافسة الجادة في كأس العالم.
في النهاية، لا يسعنا إلا أن نتمنى التوفيق للمدرب كاساس ولمنتخبنا الوطني في هذه المهمة الصعبة. لكن الأمل وحده لا يكفي؛ ما نحتاجه هو قرارات صائبة وخطط مدروسة تستند إلى رؤية واضحة. فالوطن يستحق منتخبًا قويًا يقوده التخطيط السليم وليس العشوائية في الاختيارات. بطولة الخليج يجب أن تكون منصة لإعداد فريق قادر على تمثيل العراق بأفضل صورة في المحافل الدولية، وليس مجرد محطة عابرة تفتقد للهدف والغاية.
ضبابية الهدف في إعداد المنتخب الوطني
التعليقات مغلقة