سمير خليل
عندما وزعت الارزاق لم يكن الحلم من ضمنها، لأنه ببساطة ملك الجميع، فالحلم في متناول كل الأذهان، طوفان في عالم من الخيال وما وراء الخيال دون واسطة نقل، متاح له أن يمتلك اللاوعي أنى يشاء، وتتساوى مساحة الحلم لدى الغني والفقير.
مذ كنت صغيرا وأنا أركض خلف الحلم، استرخي وأترك مشاعري تحلق مع هذا الأنيس الذي يتناول أمنياتنا دون مشقة، أما موضوعات أحلامي فأحيانا ما تفرض على ذاكرتي دون إذن مني، فتنفر من أمر يتملكني دون إرادتي، صدقوني، أغلب أحلامي جميلة، وديعة، هادئة، أحلم بعالم يسوده العدل والصدق والمودة، وطن آمن يحتضن جميع الناس، تسوده المحبة والطمأنينة والسلام، أحلم أن أمتلك دارا واسعة الغرف، حديقته صغيرة تستوطنها العصافير. والازهار والفراشات الملونة، ان اطوف العالم لأملأ ناظري بما حرمت من جمال الدنيا، أحيانا أضغط على حلمي المسكين حين تتسع دائرة أمنياتي، احلم ان أعود شابا تبادلني امرأة جميلة أواصر الحب، امرأة وديعة لا تتكلم دون أن امنحها الاذن، وأن نبقى حبيبين للأبد.
كلما توغلت في مملكة الحلم زادت أطماعي وأدخل المنطقة المحرمة منها، مثلا، أن يكون التيار الكهربائي متواصلا 24 ساعة في اليوم!! لا تؤاخذوني سادتي قلت مثلا، أحلم أن أفتح حنفية البيت لينساب ماؤها رقراقا عذبا صافيا حتى نمل من صفائه، أن تكون شوارعنا رحبة نظيفة تحوطها الأشجار والأزهار، مدارس رحبة بصفوف واسعة تختضن فلذات أكبادنا بيسر وانتظام، ساحات وحدائق واسعة غناء تمتد لتحتضن ضحكات أطفالنا وكركراتهم وصخبهم، أحلم بمواد غذائية صحية ورخيصة جدا حتى تصل حدا أن يناولك إياها البائع وابتسامة عريضة تملأ محياه، مستشفيات مجانية حديثة تعج بالأطباء والدواء تنهار أمامها الأمراض وتولي هاربة صوب البحر.
أحلام، أحلام، أحلام، فجأة ينتهي الحلم وتبدأ استفاقتي وصحوتي، أفتح عيني والغرفة غارقة في الظلام بانتظار تشغيل مولدة الحي، تضاء الغرفة فأجد حلمي واقفا عند الباب، ينظر الي ساخرا متشفيا، ألم اقل لك أن تبقى في أحضاني؟ أردت أن تصحو! إذن تمتع بصحوتك، إياك إياك أن تطرق بابي ثانية.