لا يمكن فهم هذا التعطيل المتعمد الواضح في إعلان أو ترشيح اسم جديد لرئاسة الوزراء في العراق في ظل التداعيات الخطيرة التي تحيط بالبلاد فالمنطق والعقلانية تقول ان الفترة التي سيتولى فيها رئيس الوزراء الجديد هي فترة انتقالية قصيرة ستتحدد بموجبها الآليات الجديدة المتبعة لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة وفقا لقانون جديد للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وبفريق جديد يترأسه مجموعة من القضاة وبالتالي فان سعي الاحزاب المحموم للاستئثار بمنصب رئيس الوزراء الجديد أو محاولة فرض شروط سياسية عليه أمر غريب ويدعو إلى الريبة في فهم وتفسير نوايا هذه الاحزاب وماتضمره خلال المرحلة المقبلة.
وفي الوقت الذي ينتظر رئيس الجمهورية برهم صالح ومن خلفه الملايين من المتظاهرين والمعتصمين حسم ترشيح شخصية لتولي رئاسة الوزراء غير جدلية مثلما اكدت عليه المرجعية الدينية العليا ولم تكن جزءا من منظومة الفشل السياسي في السلطتين التنفيذية والتشريعية فان هناك من يسعى ويعمل باتجاه معاكس من خلال تعطيل هذا المطلب الأساسي وافتعال الأزمات وبث الفتن والتشويش على أي مبادرة يتم فيها طرح أسماء جديدة وهناك أيضا من يحاول الترويج لأكاذيب ومخاوف غير موجودة على أرض الواقع يستهدف من ورائها تعميق الأزمة العراقية والوصول بحالة التأزيم والشلل إلى أطول مدة زمنية ممكنة من اجل مواصلة الاستئثار بمغانم أو مصالح حزبية او شخصية يخشى عليها من الضياع اذا ما نجحت الجهود وتحققت المطالب المشروعة للمحتجين.
ومن هنا فان هذا الصراع المرير الذي يخوضه الشعب العراقي المظلوم مع هذه الفئات المحتالة اذا جاز توصيفها هو صراع بين ارادتين ..ارادة تريد اختصار التضحيات والتعجيل بانفراجة حقيقية تريح الشعب العراقي وتضع حدا لمعاناته وتفتح افاقا جديدة في مجالات البناء والتنمية وارادة مقابلة لا تريد التفريط بمكتسباتها وتستعين بقوى داخلية وخارجية لتمرير اجندتها في هذه المرحلة المصيرية وهؤلاء الذين يمثلون هذه الارادة لا يخشون من النتائج الخطيرة التي يمكن أن تؤدي إليها أفعالهم أو ممارساتهم التي لا تمثل أو تنتمي باي حال من الأحوال إلى الشعب العراقي بل تمثل ارادات حزبية واقليمية لم تعد خافية لكل واع وحصيف.
د. علي شمخي