نكبة الموصل

علي عبد العال

 وصف رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي الأحداث الخطيرة الجارية بمدينة الموصل بـ “النكبة”؛ ووصفها بـ “الصدمة غير المتوقعة”. وصف أحداث الموصل بـ “النكبة” فهو توصيف حقيقي دقيق. لكن عدم توقع الحكومة المركزية لهذا التطور الخطير يجعلنا نشعر أن الحكومة المركزية لم تأخذ بعين الأعتبار والجدية الصارمة المرتكزات الأمنية للدولة الإتحادية والحفاظ على أرواح الناس وأمنهم.

دخلت مدينة الموصل في تاريخ العراق السياسي الحديث كمدينة قومية عربية بإمتياز، وبالرغم من طبيعة سكانها المختلطة الأعراق والقوميات والأديان، إلا أن أكثرية سكان الموصل تتعصب بشكل واضح للإنتماء للقومية العربية والطائفة السنيّة وقد جعلت عنوان نزوعها القومي العربي يتمحور بالشعار المخادع لحزب البعث العربي الاشتراكي المقبور (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة).

ربما يعيد التاريخ أحداث الموصل في تاريخ العراق السياسي المعاصر وهي تتمرد اليوم تحت يافطات مشينة من الطائفية والنعرات القومية، وعندما تصدت لهم القوات الشعبية ولجان المجتمع المدني بقيادة الشيوعيين الأحرار آنذاك تم تصوير الأمر كمجازر ترتكبها الحكومة العراقية ضدهم. سياسو الموصل من القوميون والطائفيين يفضلون فلول البعث وشراذم داعش على الحكومة المركزية ببغداد. ليس هذا وليد اليوم وإنما هو نتيجة لتاريخ سياسي متعصب قديم.

سياسيو الموصل المهيمنون على القرار وفروا على مر التاريخ السياسي العراقي الحديث حاضنة خصبة للتيارات القومية والطائفية المتشددة التي مثلت شراذم داعش المجرمة شكل نهايتها المحتوم لتدفع هذه المدينة العراقية العريقة الأثمان الباهظة في الدوامة الدموية المرعبة. سياسيو الموصل من القوميين والطائفيين يرحبون بفلول داعش وفلول البعث المقبور على حساب التوجهات الوطنية العامة بحسابات طائفية ضيقة. تمردوا على الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم وناهضوا الحزب الشيوعي العراقي والأكراد، وهم يقترفون الخطأ ذاته مع مكون وطني كبير ممثلا بالطائفة الشيعية وكأنها ألد الأعداء، وبقوا محافظين على مجتمعهم المغلق طوال عقود طويلة لخلق حالة تاريخية من الشك والريبة بين الدولة وبينهم. بوصلة الموصل تتجه نحو غرب البلاد، إلى الإستانة وحلب في سوريا. في المحطات السياسية المفصلية الخطيرة لا تبدو الموصل من العراق بقدر إنحيازها للخارج. لسان حال قادة الموصل يقول: إما أن نحكم العراق وإما أن نحرق العراق. قيادات البعث من الموصل، وهم يعدون ذلك فخرا لهم، فهنيئا لهم هذا المجد من الخراب.

الشعب العراقي مع الموصل شعبا وتاريخا ووطنا، وليس مع الشراذم التي يراهن عليها رجال البعث المقبور وفلول الإجرام من عصابات داعش ونفر من ضباط مارقين تخاذلوا بالدفاع عن وطنهم وشرفهم وشعبهم.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة