أزمة قانونية وسياسية بعد أحداث 9 حزيران في «المتنازع عليها»
كركوك ـ الصباح الجديد:
فتحت التوترات الأخيرة في العراق الطريق أمام القوى الكردية للقيام بمحاولـة إعادة السيطرة على المناطق التي تتنازع عليها مع الحكومـة المركزيـة منـذ أعـوام عـن طريـق (الشرعيـة العسكريـة).
فبعدما اقتربت هجمات مسلحي جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) من حدود كركوك قررت حكومة إقليم كردستان تحريك قوات البيشمركة باتجاه المنطقة ما أدى إلى تحوّل المناطق الحساسة التي كانت تحت سيطرة الجيش العراقي الى يد البيشمركة ولا تنوي هذه القوة الجديدة الانسحاب من تلك المواقع قريباً.
ومع إن محافظة كركوك تقع ضمن المناطق المتنازع عليها ويعتبر كل من الأكراد والعرب والتركمان المحافظة عائدة له إلاّ إن نتائج الانتخابات الأخيرة لمجلس النواب العراقي التي جرت في الثلاثين من نيسان (أبريل) الماضي غيّرت ميزان القوة لمصلحة الأطراف الكردية وفازت بثمانية مقاعد من مجموع (12 مقعداً) هي حصة المحافظة في البرلمان وبذلك حصلت على شرعية أصوات ناخبي المحافظة وهي تريد اليوم إثبات تلك الشرعية عن طريق القوة.
قوات كبيرة من البيشمركة تم تحريكها من مناطق إقليم كردستان المختلفة باتجاه كركوك، ورغم إن أي من المسؤولين العسكريين الميدانيين لم يكن على استعداد للإفصاح عن معلومات حول عدد القوات بحجة إن تلك المعلومات تدرج ضمن الأسرار العسكرية ولكن حجمها في المحافظة بات واضحاً.
وقال العميد شيركو فاتح قائد اللواء الأول لقوات البيشمركة إن الفرقة 12 للجيش العراقي التي كانت تدير الملف الأمني للمناطق المحيطة بكركوك انسحبت وانتقلت قوات البيشمركة إلى تلك المناطق وليس لدينا أي استعداد لإعادة تسليمها إلى الجيش”.
ويرى فاتح إنه كان من المفروض أن تتحرك البيشمركة باتجاه تلك المناطق قبل ذلك ويضيف “كون كركوك مدينة كردستانية كان من المفروض أن تسلّم مناطقها المحيطة إلى قوات البيشمركة لأن بقاء البيشمركة في تلك المناطق سيؤدي إلى استقرار جميع أنحاء المحافظة”.
منطقتي كيوان وتل الورد وهما منطقتان مهمتان وكانتا تضمان المقرات الرئيسية للجيش العراقي في كركوك تحولتا اليوم إلى سيطرة قوات البيشمركة فضلاً عن ناحية بيجي ومناطق ملا عبدالله وفتحة وغاز الجنوب التابعة للمدينة والتي سُلِّمت إلى البيشمركة.
العميد سردش قادر مدير شرطة الأقضية والنواحي التابعة لكركوك وهو من القومية الكردية والذي يؤيد بقاء قوات البيشمركة قال لـ”نقاش” إن التنسيق مستمر مع قوات البيشمركة لمنع تقدُّم مسلحي داعش من خلال النقاط الحدودية ولذلك فإن بقاء البيشمركة مع قوات الشرطة أمراً مهماً”.
ويضيف “خلق انسحاب الفرقة 12 من كركوك فراغاً أمنياً وكان لابد من أن تأخذ مواقعها قوة وطنية مثل البيشمركة”.
وعلى الرغم من إن الأطـراف الكرديـة تنظر باهتمام في موضـوع انتشـار البيشمركة في كركوك إلا إن الأمـر لا يحظـى بالترحيب ذاته لدى المكونـات الأخـرى فـي المدينـة.
وحول ذلك يقول أرشد الصالحي رئيس الجبهة التركمانية في العراق إن الأكراد أحكموا قبضتهم على كركوك لإلحاقها بإقليم كردستان وهو بالنسبة إلينا أمر غير مقبول”.
وأضاف الصالحي “لا يمكن استمرار العمل السياسي والحياة الاجتماعية للتركمان في ظل وجود البيشمركة لذلك فإننا نشعر بخطر كبير وقد طلبنا من الدولة التركية تقديم دعم معنوي للتركمان في المدينة وتبديد قلقهم وخوفهم”.
أما الجيش العراقي فعلى الرغم من تسليم مواقعه إلى البيشمركة في هذه المرحلة إلا إنه يرى في انسحابه خطة تكتيكية ويتطلّع إلى السيطرة على تلك المناطق من جديد.
الفريق قاسم عطا المتحدث الرسمي باسم القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية قال لـ”نقاش” إن بقاء البيشمركة في المناطق المتنازع عليها سيعمق الخلافات بين القوميات ويمكن تشكيل غرفة تنسيق بين الجيش والبيشمركة لمواجهة المسلحين المتطرفين”.
ويرى خبراء الوضع الأمني في كركوك إن هيبة الجيش العراقي تضررت كثيراً بسبب الفشل الذي أصابه في الموصل وإن بقاء البيشمركة في كركوك والمناطق المتنازّع عليها سيصبح أمراً واقعاً.
وقال الخبير الأمني أحمد عزيز لـ”نقـاش” تعليقاً على الأمر “يبدو إن الأطراف الأخرى ستستسلم للأمر الواقع وإن بقاء قوات البيشمركة سيطـول فـي تلـك المناطـق”.
ويضيف “إذا تمكنت البيشمركة والأطراف الكردية من تثبيت الاستقرار في كركوك فإن القوميات الأخرى ستدعم بقائها ولن يكـون انسحابها أمراً سهـلاً.