عامر القيسي*
بعض علماء اللغة العربية حايثوا “الهمبركر” عربياً بالقول “الشاطر والمشطور وما بينهما”، ونستميحهم عذراً أن نحايثها نحن على كوميديا الكهرباء لدينا، فالشاطر وزارة الكهرباء والمشطور وزارة النفط وما بينهما الجمهور المكتوي بحرارة صيفنا اللاهبة التي لا ترحم الفقراء.
شهري العسل لوزارة الكهرباء في كل عام هما، آذار ونيسان، حيث تلعلع فيهما التصريحات الوردية بتجهيز 24 ساعة وتصل في ذروة الإبتهاج والسرور ونفش الريش، بالتصدير الى دول الجوار، لأن الكهرباء لا يمكن تخزينها فنعطف على جيراننا ونصدر لهم ما أفاضه الله علينا من خير النفط والكهرباء ..
الجمهور المكتوي بأزمة الكهرباء أدرك خدعة شهري العسل، لأن فيها تتوقف معظم صرفيات الكهرباء في التدفئة والتبريد، فيرتاح السادة المسؤولون في هذين الشهرين من الإنتقادات ويكثرون من ظهورهم البهي على شاشات الفضائيات ويتحدثون عن إستراتيجات كونية ومبالغ خرافية لكي تصبح أزمة الكهرباء من ماضي هذا الشعب والبلاد ..
وللأسف فأن شهري العسل سرعان ما يمران سريعاً على مسؤولي وزارتي النفط والكهرباء، فيأتي آيار ليكشف المستور عندما تعمل اجهزة التبريد المختلفة فيتبين للجمهور أنه نام على وعود من عسل تتكرر كل عام فيختفي كلام الإستراتيجيات ليحل محله خطاب التبريرات من نقص النفط الى الأعمال الإرهابية الى العواصف الترابية ..
النقص الفاضح في تجهيز المواطنين بالطاقة الكهربائية الآن، له تبريرات جاهزة، أولها رمي الكرات الأبدي بين ملعبي النفط والكهرباء، ففيما تعلن وزارة الكهرباء أن سبب النقص هو عدم تزويد وزارة النفط بحصة الكهرباء من الوقود، تنفي وزارة النفط التهمة عنها وتقول بروح رياضية عالية انها تعطي أكثر من المطلوب والمشكلة في ملعب الكهرباء ..
السؤال المحير حقيقةً
إذا كنـّا بلداً نفطياً، يقال بأننا ثاني العالم في التصدير وأن آخر برميل من النفط في العالم سيخرج من أراضينا، ولدينا مشكلة في تجهيز محطات الكهرباء بالوقود ؟
هذا إذا إفترضنا ان الشكاوى صحيحة وأن كل ما يقال صحيح في صحيح وأن الأمر لا علاقة له بغياب إسترتيجيات توفير الكهرباء ولا بصفقات الفساد ولا بالمولدات التي تعمل في بلدانها ولا تعمل لدينا ..
ماذا تفعل لبنان والاردن إذا كنـّا نحن البلد النفطي “نعاني” من مشكلة توفير الوقود للمولدات الكهربائية !!
المتتبع للمشهد الكهربائي العراقي يكتشف من دون أدنى جهد ان هذه المسرحية الكوميدية يعاد عرضها طوال العام بإستثناء شهري آذار ونيسان، ولسان حال المسؤولين في الوزارتين يقول ألا ليت كل الأشهر نيساناً وآذاراً !!
وللأسف هي مسرحية لا جديد فيها، سوى ان كوميديتها تحولت الى دراما الإنقطاعات المتواصلة للتيار الكهربائي والذي حوّل حياة الناس الى جحيم ما إضطر أهالي البصرة الى التظاهر إحتجاجاً على واقعهم الكهربائي وهم يتفرجون على البواخر الهامدة في شط العرب التي قيل لهم أنها جلبت لكم سعد النور والمبردات تحت شعار “وداعاً للحر”!
بإنتظارنا صيف لاهب ومعارك ساخنة بين النفط والكهرباء حتى تحل علينا أعياد نيسان وآذار في العام المقبل في إعادة مملة لمشهد كهربائي بائس !!