د. علي شمخي
جاءت كلمة المرجع السيستاني قبل أيام في تقييمه لما شهده العراق من إنتخابات نيابية وما سبقها وأعقبها من تداعيات ما يزال صداها يطرق جوانحنا لتعطي توصيفاً دقيقاً للموقف الذي يجب أن يبتغيه كل عراقي بغض النظر عن موقعه ودوره بعد أن إنتهى العراقيون من إنجاز فصل جديد من فصول مسيرتهم نحو بناء الوطن فالأمر المهم الذي قاله السيستاني أن لا لوم على أي مواطن إختار مرشحاً وهو مؤمن بكفاءته ونزاهته وتلك هي قناعته والأمر الأهم هو ضرورة مغادرة العراقيين هذا الجدل وهذا التنازع والإدعاءات بالتزوير والحصول على الإصوات وإستبعاد عدد منها أو الإدعاء بوضع العراقيل أو التدّخل في عمليات العد والفرز الذي يقترب بهيئته العامة من إجترار الفتنة..!! وبات من الواضح ان لا شيء يأتي في العراق سهلاً إلا الموت والإنفجارات والفساد .. أما الإستحقاقات الوطنية والإلتزام بالمباديء والمعايير الإنسانية فانها أشق ما يكون في هذا البلد وقد إعتاد العراقيون على الإنتظار من أجل ان ينالوا إستحقاقاتهم أو يروا نتائج سعيهم وجهدهم وها هي مفوضية الإنتخابات تضرب لنا مثلاً في إنتظار الفرج وطول المعاناة من أجل معرفة نتائج التصويت من دون أن يفسّر لنا أحد جدوى تخصيص ملايين الدولارات لدعم المفوضية في إجرائها الإنتخابات في العراق وشراء المستلزمات المطلوبة لعمليات التصويت والعد والفرز وإعلان النتائج .. وفي بلد مثل الولايات المتحدة الأميركية مترامية الأطراف ويفوق تعداد المشاركين في إنتخاباتها أضعاف المشاركين في الإقتراع في العراق لا يستلزم إعلان النتائج أكثر من 24 ساعة وكذلك الأمر في بلدان أخرى في الشرق والغرب فما بال دولتنا تصر على ان تأخذ إستحقاقها في سلم الدول المتخلفة في هذا المجال وتجتر المتعب والروتين في تفاصيل هذه العملية الديمقراطية وتجلب لسمعتها ومفوضيتها الشكوك والطعن بنزاهتها … وحتى إعلان النتائج لابد للعراقيين أن يدركوا قيمة ما قاله المرجع الأعلى السيد السيستاني ودعوته لمغادرة هذه المحطة المتوترة والقلقة في طريق إنجاز هذا الإستحقاق الديمقراطي وأول شيء لابد من فعله للمشاركين في العملية السياسية من أحزاب وكتل وإئتلافات هو ضرورة شروعها بلملمة الشتات بعد أن نخرت الخلافات وتعدد الإتجاهات معالم الخريطة البرلمانية والحكومية وبات لزاماً لكل صاحب مشروع أو مؤمن بوجهة نظر تجاه مستقبل العراق أن يعيد تشكيل رؤاه ويقترب من الإندماج والتحالف مع من يراه قريباً بنهجه وأفكاره إختصاراً للزمن وإقتراباً من التوحّد بعد أن أسهمت الخلافات الماضية في تشظي أكثر من كتلة أو إئتلاف وحتى داخل الحزب والمجموعة الواحدة وبهذا العمل يمكن القول ان السياسيين في العراق بَروا بجزء من وعودهم في تخفيف معاناة ناخبيهم الذين تجاوزوا كل ما هو صعب وخطير للوصول الى صناديق الإقتراع ووضعوا نصب عيونهم (التفريج) عن همومهم وكروبهم وقد قيل هل جزاء الإحسان إلا الإحسان …!! وقد قيل أيضاً أفضل الأعمال إنتظار الفرج …!!!