مجيد نظام الدين كلي*
ترجمة: ماجد سوره ميري
قبيل خوض الانتخابات النيابية العراقية، في آذار عام 2010، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الاميريكية اكثر من 20 خبراً وعنواناً صحفياً عن هذه الانتخابات، وعلى النقيض من ذلك لم تنشر هذه الصحيفة الكبيرة عن انتخابات 30 نيسان 2014 الا عنواناً يتيماً واحداً. صحيفة ديلي تلغراف البريطانية لم تنشر في المدة ما بين 23 ولغاية 28 نيسان 2014 سوى موضوعين عن العراق، وكانا عن الاوضاع الامنية. هذا الاهمال لا يعود سببه فقط لانسحاب القوات الاميريكية من العراق عام 2011، بل هو انعكاس لعدم اعارة الغرب اية اهمية لـ»العملية الديمقراطية» في العراق.
كانت العنوانات الصحفية التي تناولت الانتخابات العراقية ما بين الاول من آذار 2010 لغاية الخامس من الشهر ذاته في الصحف الغربية كالتالي: – نيويورك تايمز الاميريكية: 22 موضوعا. – ديلي تلغراف البريطانية: 19 موضوعا. – ول ستريت جورنال الاميريكية: 12 موضوعا. بينما كانت العنوانات الصحفية التي تناولت الانتخابات العراقية للمدة من 23 نيسان 2014 ولغاية 28 منه كالتالي: – نيويورك تايمز الاميريكية: 5 موضوعات. – ديلي تلغراف البريطانية: موضوعان. – ول ستريت جورنال الاميريكية: موضوع واحد. ان مستوى الاهتمام الذي توليه الصحافة الغربية للشأن العراقي لا يزيد على الاهمية التي توليها للوضع في اليمن التي تجاور الصومال الافريقية بحريا.
في الايام الخمسة التي سبقت انتخابات الثلاثين من نيسان نشرت صحيفة نيويورك تايمز ثلاثة موضوعات عن العراق واليمن. ان الاعلام يؤثر في البلدان الغربية على صناعة الرأي العام بشكل كبير، كما تشكل لقادتها اهمية خاصة، خصوصا فيما يتعلق بالسياسات الخارجية. الولايات المتحدة كأكبر قوة عالمية، تختلط فيها السياسة والاعلام بشكل كبير، واختفت مسألة «دمقرطة العراق» من خطب وسياسات قادتها، وحلت محلها عبارتا الاستقرار ووحدة الاراضي العراقية. المجتمع الدولي نسي العملية السياسية العراقية، واكثر ما تراه في هذه الاونة هي القضية الامنية،
وهذا ما ينعكس جليا على تغطية الاعلام العالمي للانتخابات العراقية. فصحيفة ول ستريت جورنال الاميريكية قامت خلال خمسة ايام لحين كتابة هذا المقال بنشر عنوان صحفي واحد عن الاوضاع في العراق، وكان خبراً امنياً، وهذه الصحيفة التي تهتم بشكل خاص الشأن الاقتصادي والداخلي الاميريكي،
ولكنها قامت خلال اسبوع واحد قبل اجراء الانتخابات النيابية العراقية عام 2010 بنشر اكثر من 15 عنوانا صحفيا عن الشأن العراقي وتحليلات عن العملية السياسية في هذا البلد في حينها. الصحافة الغربية تعير اهمية خاصة لمسألة الاستقرار اذا ما قورنت بالعملية السياسية في المنطقة الخضراء وسط بغداد، وايضا تعير الدول الغربية وفي مقدمتها اميريكا اهمية اكبر لان لا يدخل العراق في دوامة اضطرابات دائمية. الوضع الامني العراقي الحالي اكثر سوءا مما كان عليه في انتخابات عام 2010 ، وهذا اهم بالنسبة للاعلام الغربي وقادة هذه الدول من العملية السياسية نفسها والذي من المرجح ان تكون قائمة نوري المالكي الفائز الاكبر فيها. وفقا لبيانات منظمة Iraq Body Count ومقرها الرئيس في لندن، فان اكثر من الف عراقي قتلوا خلال شهر آذار من العام الحالي، واذا اضيف هذا العدد الى حصيلة شهر نيسان،
فان العدد يقفز الى الفي قتيل؛ قضى معظمهم في معارك الانبار. ولكن في شهر آذار من عام 2010 الذي اجريت فيه الانتخابات النيابية كان مجموع القتلى 336 عراقيا، وتُظهِر هذه الاحصائيات مدى التردي الواضح في الوضع الامني، وتزيد من احتمالات اندلاع حرب طائفية بين السنة والشيعة، وهو الهاجس الاكبر للدول الغربية، ولهذا لم تشكل الانتخابات اية اهمية لدى الغرب واعلامه. مقارنة بين الوضع الامني خلال انتخابات عام 2010 وعام 2014: – شهر آذار 2010: 336 قتيلا في العراق. – آذار عام 2014: 1009 قتلى. – شهر نيسان 2014: 891 قتيلا.
*مجيد نظام الدين: محلل دولي في شبكة «رووداو» الاعلامية الكردية ويحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة The City University of New York في الولايات المتحدة الاميريكية.