العمارة – سلام مكي:
برعاية رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني وبالتعاون مع وزارة الثقافة والاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، أقام اتحاد الأدباء والكتاب/ فرع ميسان، مهرجان الكميت الثقافي بدورته الثامنة، الذي حمل اسم الشاعر العراقي المغترب عيسى حسن الياسري، حيث تم دعوة ثمانين أديباً (شعراء ونقاد وإعلاميين وصحفيين) ومن مختلف المحافظات.
المهرجان عقد في مبنى الحكومة المحلية في ميسان، وشهدت حضور كل من رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق الناقد علي الفواز والأمين العام للاتحاد الشاعر عمر السراي، اضافة الى ممثلين عن الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية. المهرجان بدأ بتلاوة آي من الذكر الحكيم، ثم كلمة لممثل الشاعر د. عارف الساعدي المستشار الثقافي لرئيس مجلس الوزراء، ثم كلمة رئيس اتحاد الأدباء ألقاها الناقد علي الفواز، ثم كلمة الشاعر حامد عبد الحسين حميدي رئيس فرع اتحاد الأدباء في ميسان، ثم بدأت القراءات الشعرية التي قدمها الشاعر مضر الآلوسي، عريف حفل الافتتاح. وقد شارك في القراءات مجموعة من شعراء الوطن، الذين تغنوا بالعراق وبميسان التي كانت ولا زالت مهد الحضارات، ومنبع الأخاء والتنوع الديني والثقافي. كما خصصت الجلسة المسائية، للقراءات النقدية التي تم فيها تناول تجربة الشاعر الياسري، بوصفه أحد الشعراء الذين أغنوا الساحة الشعرية العراقية، بنتاجه المتوهج.
وقد سألنا الشاعر حامد عبد الحسين حميدي رئيس اتحاد أدباء وكتاب ميسان عن سبب عدم انعقاد جلسات المهرجان في مقر الاتحاد، فقال: مقر الاتحاد لا يسع لمثل هكذا جلسات، حيث إن افتقاد ميسان لمقر كان بسبب التركة الثقيلة للإدارات السابقة التي لم تسع للحصول على قطعة أرض أو مكان حتى لو كان مكانا حكوميا عن طريق الحكومات المحلية، علما أن تلك الفترة شهدت انتعاشا ثقافيا كبيرا، بعكس الفترة التي نمر بها، لذلك لجأنا الى التأجير من الحكومة المحلية. وهذا ليس حلا جذريا، بالتأكيد. كما سألناه عن علاقة الاتحاد بالمؤسسات الثقافية الأخرى، وخصوصا البيت الثقافي في ميسان، أجاب: ليس هنالك تعاون ملموس، بيننا وبينهم. وقد لاحظنا ذلك في الدورة السابقة لمهرجان الكميت، التي شهدت وجود معوقات ومعرقلات، لكن تم حلها من قبل رئيس الاتحاد العام والأمين العام.
كما سألناه عن سبب عدم وجود حضور للجمهور، وعزوفهم عن مواكبة الحدث الثقافي الأبرز في المحافظة، رغم أن المحتفى به يشكل علامة فارقة في الشعر العراقي والميساني تحديدا فأجاب: إن هذا اليوم، هو عطلة، وأغلب العائلات والمثقفين، لديهم التزامات خاصة في هذا اليوم، والأسر العراقية بصورة عامة، تجتمع بهذا اليوم، كونه اليوم الوحيد من أيام الأسبوع الذي يخلو من التزامات العمل. وأضاف: نحن لم نقصر بالترويج للمهرجان، حيث وضعنا لافتات كبيرة، وبأعداد تغطي أغلب مناطق المدينة، للدعوة الى المهرجان، كما قمنا بإرسال بطاقات خاصة، ندعو فيها شخصيات من المحافظة للحضور، لكن الكثير منهم اعتذر عن الحضور أما بسبب السفر، أو الالتزامات الأسرية الأخرى، فنحن أتممنا واجبنا من هذا الجانب على أتم وجه، فكما تعرف هذه ثقافة مدينة، وثقافة المدينة لا يمكن التخلي عنها. حيث استخدمنا كافة الوسائل الممكنة للترغيب بالحضور. رغم ذلك شهدنا حضور عدد طيب من الطلاب أثناء حفل الافتتاح، وهذا شيء جميل ومفرح. أما الجلسات الأخرى فكما هو معلوم، تبقى جلسات نخبوية، خصوصا في مجال النقد، فالمواطن يمكن أن يحضر الافتتاح لسماع القصائد الشعرية والأناشيد الوطنية والأفلام القصيرة، وما يعرض من أفلام ترويجية.
الشاعر رعد زامل، أحد منظمي المهرجان تحدث لنا قائلا: سيكون هنالك تقليد سنوي باسم شاعر من شعراء ميسان، وكان هذا العام وحسب ما قررته الهيأة التحضرية للمهرجان، أن يكون باسم الشاعر “عيسى حسن الياسري” لعدة أسباب ربما أولى تلك الأسباب هي تميز الياسري بالنص الريفي، المختص بالقرية العراقية أو الذي يحفر في أعماق المراعي العراقية، لاسيما وأنه ابن منطقة ريفية، هي منطقة الكميت في محافظة ميسان. أعتقد أن المهرجان حقق لحد الآن نجاحا متميزا لعدة أسباب، أولها تميزه بحسن الترتيب والتنظيم حيث شهدنا قراءات متميزة لشعراء من مختلف المحافظات وجلسات نقدية مثمرة.
وعن دور الحكومة المحلية في إنجاح المهرجان قال زامل: المهرجان عقد بدعم من اتحاد الأدباء والكتاب المركزي العام، الذي حصل على مبلغ من دولة رئيس الوزراء، لتغطية تكاليف المهرجان، فهذا يعني أن الحكومة المركزية متعاونة. أما الحكومة المحلية في ميسان، فهي أيضا متعاونة، كما نذكر في الدورات السابقة، كان التعاون كبيرا، وفي هذه الدورة أيضا هنالك تعاون مع السيد محافظ ميسان، الذي أوفد من ينوب عنه في الحضور، رغم مشاغله الكثيرة في متابعة تنفيذ مشاريع البناء والإعمار في المحافظة التي تحتاج الى متابعة ميدانية مستمرة لضمان حسن تنفيذها. نحن سعداء بهذا المهرجان ونعمل بشكل جدي لفتح آفاق جديدة له. وأوعد القارئ بأن يكون انعقاد المهرجان بشكل ثابت، لكن الانعقاد يتوقف على جدية الهيئات الادرية التي تمسك بزمام الأمور في الاتحاد. فكما تعرفون أنا خارج الهيأة الادارية الآن، لكني أعمل من ضمن اللجنة التحضيرية فقط، كما أعتبر أن مساهمتي هذه تندرج ضمن واجبي الثقافي تجاه مدينتي وتجاه الثقافة العراقية بشكل عام. كما نأمل أن يكون مهرجانا عالميا، لاسيما ونحن في النسخة الثامنة قد استضاف شعراء من السويد، كما وجهنا دعوة للشاعر سعد ياسين لكنه اعتذر.
كذلك تحدث لنا الشاعر حسن جوان، أحد المدعوين للمهرجان، قائلا: إن هذا المهرجان، يمثل عندي مناسبة مهمة لتقدير الشعراء والكتاب الكبار والمعروفين، خصوصا الذين تعرضت حياتهم للمآسي والمحن، أو الذين لازالت قلوبهم متعلقة بأرضهم الأولى التي عاشوا فيها طفولتهم. كما شهدنا في تجربة الشاعر الياسري التي تم استعراضها نقديا. أما من ناحية الأداء والتنظيم، فقد شهدنا تنظيما جيدا ومودة عالية وعدم وجود خلل من كافة الجوانب، سواء فيما يخص تقديم الجلسات النقدية او الشعرية. فنشكرهم على رعايتهم لهذا المهرجان وعدم إغفالهم أي حاجة أو غرض لضمان حسن إقامة المدعوين. وأضاف لنا جوان بعد سؤاله عن عدم وجود حضور قوي للجمهور الميساني: الشعر ومنذ القدم، هو مادة نخبوية، خصوصا إذا كانت تخصصية. التخصص الان له جمهور متخصص يحضر بدعوات خاصة. نحن نقيم هذه الجلسات في أماكن خاصة وليس في مسرح عام أو ساحات. وبالتالي هو الجمهور خاص بقضايا النقد والشعر. كما سألناه عن كثرة المهرجان الشعرية والثقافية في الفترة الأخيرة، فأجاب: هي حالة صحية، حركت الاجواء الثقافية، والمناخ أحد أسباب كثرة المهرجانات هذه الايام حيث ان الطقس في الصيف يمنع التجمعات والفعاليات الثقافية من السفر والتجمع في اماكن مغلقة، لذلك ينتهز المنظمون للمهرجانات الأجواء الربيعية لتنظيم مهرجاناتهم في الأجواء الجميلة.