متابعة ـ الصباح الجديد:
استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على انخفاض وسط ترقب لنتائج اجتماع وزراء الطاقة في تحالف “أوبك +”.
وأسهم ارتفاع الإنتاج الليبي إلى 1.2 مليون برميل يوميا في تخفيف المخاوف من شح الإمدادات وتهدئة وتيرة المكاسب السعرية.
وأنهى خاما برنت وغرب تكساس الوسيط تعاملات تموز الماضي بخسائر للشهر الثاني على التوالي، وذلك للمرة الأولى منذ 2020، حيث أدى تنامي التضخم وارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة المخاوف من حدوث ركود قد يؤدي إلى تآكل الطلب على الوقود.
بدورهم، قال محللون نفطيون، إن العقود الآجلة للنفط الخام تراجعت بشكل لافت قبيل اجتماع “أوبك +” بسبب جني الأرباح وبيانات الصين الاقتصادية الضعيفة بعد انخفاض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي في الصين ليوليو الماضي.
وأوضح المحللون أن خام برنت حقق في الأسبوع الماضي مكاسب 6.6 في المائة، وهو أفضل مكسب أسبوعي له منذ أوائل أبريل، وقد ساعد ذلك على تحقيق انخفاضات تالية بسبب جني الأرباح، خاصة مع تلقي الأسعار ضغطا من بيانات نشاط التصنيع في الصين، حيث إن طلبات التصدير الجديدة في مؤشر مديري المشتريات التصنيعي سجلت حالة انكماش.
وأكد روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن أسعار النفط الخام استهلت الأسبوع على انخفاض لافت بعد مكاسب سابقة، وبفعل تحول تركيز السوق نحو الاهتمام بنتائج اجتماع “أوبك +” غدا، حيث من المتوقع أن تحافظ المجموعة على استقرار الإنتاج لسبتمبر، موضحا أن المجموعة تعمل على إنهاء تخفيضات الإنتاج بدءا من الشهر الجاري.
وأضاف أن تحالف “أوبك +” نجح في الاستمرار منذ 2016 بفضل التفاهمات والتنسيق المشترك السعودي – الروسي، وهو ما مكن من تجاوز أزمة جائحة فيروس كورونا، ولذا يتم التعامل بحذر مع مطالبات الدول الغربية بزيادة الإنتاج في ظل الظروف الإنتاجية الحالية غير المواتية.
وذكر أن الدول، التي تتمتع بفائض في الطاقة الإنتاجية، تتعامل بحذر مع المطالبات باستغلال هذه الطاقة، حيث إن استنزاف هذه الطاقة لن يجعل الدول المنتجة قادرة على التعامل مع أزمات جديدة محتملة في السوق في الفترة المقبلة.
من جانبه، قال ردولف هوبر، الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، إن أغلب التكهنات تميل إلى عدم إضافة تحالف “أوبك +” لأي زيادات في الإنتاج في سبتمبر بعدما تم تخصيص زيادة هذا الشهر للشهرين السابقين، يوليو وأغسطس، لمواكبة زيادة أعباء الاستهلاك في فصل الصيف، ولذا ربما لا يكون اجتماع “أوبك +” محفزا مهما لأسعار النفط – بحسب بعض التقديرات والمتابعات الدولية.
وأشار إلى أن أغلب التوقعات ترجح أن تظل العوامل الأساسية في السوق داعمة لأسعار النفط الخام، وذلك في ضوء استمرار شح المعروض النفطي، وفي إطار بيانات تؤكد قوة وصمود الطلب العالمي، بينما قد تنجح مخاوف الركود المستمرة نسبيا في الحد من أي مكاسب كبيرة في الأسعار على المدى القصير.
من ناحيته، أوضح ماثيو جونسون، المحلل في شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، أن أسعار النفط الخام ما زالت قوية ومتماسكة، خاصة مع بقاء مخزونات النفط الأمريكية عند أدنى مستوياتها في عدة أعوام لهذا الوقت من العام على الرغم من الإصدارات القياسية من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي، لافتا إلى استمرار ضيق الأسواق للبنزين والديزل، خاصة على المدى القصير.
وأكد أن أسعار خام برنت ستعاود الارتفاع بفعل نقص الإمدادات العالمية بتأثير من استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية والعقوبات الغربية المتمثلة في حظر الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي المقرر تنفيذه قبل نهاية هذا العام، مبينا أن متوسط الطلب على البنزين لأربعة أسابيع لا يزال يتجه نحو الارتفاع، وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
بدورها، ذكرت نايلا هنجستلر، مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أن تسجيل أدنى مستوى لمخزونات النفط الأمريكية منذ أعوام – بالنسبة إلى بعض المنتجات منذ عقود – هي أحد العوامل الصعودية القوية لأسعار النفط على الرغم من أنه ليس من المسلم به أنه قد يفوق تأثيرها مخاوف السوق من الركود الاقتصادي العالمي.
وأوضحت أن استمرار الاقتصاد الأمريكي في توليد الوظائف الجديدة يحد من مخاوف الركود، حيث أكد مسؤولون أمريكيون أنه تم توفير 400 ألف وظيفة في شهر واحد، ما يعني أن شبح الركود ما زال بعيدا عن أكبر اقتصاد في العالم، مبينة أن الركود الحقيقي – بحسب الخبراء – هو تراجع واسع النطاق عبر عديد من الصناعات يستمر لأكثر من شهرين، وهو ما نفى حدوثه رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
يأتي ذلك في وقت تولى فيه هيثم الغيص الأمين العام الجديد لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” مهام عمله رسميا أمس خلفا لمحمد باركيندو الذي وافته المنية قبل أسابيع قليلة. ويشارك الغيص لأول مرة في إدارة الاجتماع الوزاري الـ31 لتحالف “أوبك +” غدا، حيث يناقش الاجتماع وضع إنتاج المجموعة لسبتمبر المقبل.
وقال الغيص في أول تصريحات له، إنه على مدى تاريخ منظمة أوبك كانت في طليعة تعزيز الحوار والتعاون والشراكة لتحقيق مهمتها، مشيرا إلى تطلعه إلى العمل مع جميع البلدان الأعضاء وعديد من الشركاء في جميع أنحاء العالم لضمان مستقبل طاقة مستدام وشامل. وبحسب بيان لمنظمة أوبك، فقد تم تعيين هيثم الغيص في منصب الأمين العام بالتزكية لمدة ثلاثة أعوام في الاجتماع الخاص لمؤتمر “أوبك” الذي عقد في الثالث من كانون الثاني الماضي، ويخلف الأمين العام الراحل لمنظمة أوبك، محمد باركيندو.
وكان هيثم الغيص الأمين العام الجديد لمنظمة أوبك قد ذكر في مقابلة صحافية الأحد، إن وجود روسيا في تحالف “أوبك +” أساسي لنجاح الاتفاق.
وأضاف أن منظمة أوبك ليست في منافسة مع روسيا التي وصفها بأنها “لاعب كبير ورئيس ومؤثر بشكل كبير في خريطة الطاقة العالمية”. وقال الغيص إن “أوبك لا تتحكم في الأسعار، لكنها تمارس ما يسمى ضبط الأسواق من حيث العرض والطلب”، ووصف الوضع الحالي لسوق النفط بأنه “متقلب ومضطرب جدا”.
وأوضح الغيص، متحدثا عن الزيادات الأخيرة في أسعار النفط، “بالنسبة إلي ما زلت أؤكد أن ارتفاع أسعار النفط أخيرا ليس مرتبطا فقط بالأحداث بين روسيا وأوكرانيا.. ولكن البيانات كلها تؤكد أن الأسعار بدأت بالارتفاع بشكل تدريجي وتراكمي، وقبل اندلاع الأحداث الروسية – الأوكرانية، بسبب التصور السائد في الأسواق بأن هناك نقصا في القدرة الإنتاجية الاحتياطية، التي أصبحت محصورة في دول قليلة ومحدودة”.
وردا على سؤال عن العناصر التي ستؤثر في أسعار النفط حتى نهاية العام، قال الغيص، “في وجهة نظري أن أهم عامل سيكون استمرار نقص الاستثمارات في مجال الحفر والاستكشاف والإنتاج”.
واضاف “هذا سيدفع الأسعار باتجاه تصاعدي، لكننا لا نستطيع تحديد المستوى الذي ستصل إليه”.
وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط أمس مع انتظار المستثمرين لاجتماع “أوبك +” بشأن تعديلات الإمدادات.
وسجلت العقود الآجلة لخام برنت عند التسوية 100.03 دولار للبرميل، منخفضة 3.94 دولار أو 3.79 في المائة. بينما سجلت العقود الآجلة للنفط الأمريكي عند التسوية 93.89 دولار للبرميل، منخفضة 4.73 دولار أو 4.80 في المائة. وزاد الخامان أكثر من دولارين للبرميل الجمعة مع تحسن رغبة المستثمرين في المخاطرة.
وخفض محللون في استطلاع أجرته “رويترز”، لأول مرة منذ أبريل، توقعاتهم لمتوسط أسعار برنت في 2022 إلى 105.75 دولار للبرميل وإلى 101.28 دولار لخام غرب تكساس الوسيط.