هل يعيد التاريخُ نفسه ؟

-1-
هناك كلمات متداولة بين الناس ، منها قولهم ( التاريخ يعيد نفسه ) .
ولعلّ المراد بذلك :
أنَّ الأحداث التي مرّت بالناس قبل العديد من السنين تمر بغيرهم أيضا فالمعاصرون اليوم قد يشهدون ما شهده أسلافهم قبل قرون .
-2-
وفي كتب الأدب أشعار تتغنى ببغداد ، وجمالها ، وطيب هوائها ، ورقة طباع أهلها ، إلاّ أنها لا تحقق العيش الرغيد إلاّ لأهل المال .
فالموسرون ينعمون بحياة هانئة فيها ،
أما الفقراء والضعفاء فهم يعانون فيها الصعوبات والمشاق الكبيرة
قال الشاعر :
بغدادُ دارٌ لأهلِ المالِ طيّبّةٌ
وللمفاليسِ دارُ الضَنْكِ والضِيقِ
أصبحتُ فيها مُضاعاً بَيْنَ أَظْهُرِهم
كأنني مِصْحَفٌ في ببتِ زنديقِ
فكما أنّ المصحف الشريف يبخس حقه في منزل الزنادقة، فانّ قلةَ ذاتِ اليد تجعل الفقراء الضعفاء يعانون فيها ألوان العناء .
وقال آخر :
فَلَمْ تَرَ عيني مثلَ بغداد منزلاً
ولم تر عيني مثلَ دجلةَ واديا
ولا مثل أهليها أرق شمائلا
وأعذب ألفاظاً وأحلى مَعانِيا
وقائلةٍ لو كان ودُّكَ صادقاً
لبغدادَ لم ترحْلْ فقلتُ : جوابيا
يُقيمُ الرجالُ الموسرون بأرضها
وترمى النوى بالمُقْتِرين المراميا
فاكدّ انّ الاقامة في بغداد انما تطيب للموسرين من ذوي السعة في المال،
وأما المقترون – وهم المضيّق عليهم في الرزق – فانهم يضطرون الى مغادرتها بحثاً عن الرزق.
ولا نذيع سراً اذا قلنا:
انّ العيش في بغداد اليوم يعاني منه الفقراء أسُد ألوان المعاناة،
وما يُدفع من راتب شهريٍّ لخريج الجامعة قد لا يسد بدل ايجار المنزل الذي يسكنه.
وأما الذين لم يُكملوا دراستهم الجامعية فرواتبهم الشهرية قد لا تسد ما يدفعونه لأصحاب المولدات الكهربائية حيث ينقطع التيار الكهربائي عنهم معظم الساعات …!!
والأقبال على الوظائف الحكومية شديد بلحاظ صعوبة العمل في القطاع الخاص الذي يئن تحت وطأه الكساد …
والخلاصة:
انّ الملايين من سكّان بغداد يعيشون تحت خط الفقر، وناهبو الثروة الوطنية بشتى الطرق والوسائل الشيطانية يعيشون حالة الترف الباذخ هم وأولادهم وعوائلهم وأتباعهم، في عملية إثارة مرهقة لمشاعر وأحاسيس المستضعفين من المواطنين.
ان المواطنين العراقيين متلهفون الى مَنْ يرفع عنهم الحيف، ويقدّم لهم الخدمات الضرورية، كما أنهم ينتظرون أنْ يروا بأعينهم كبار اللصوص وحيتان الفساد يقفون أمام المحاكم الجنائية العراقية لينالوا جزاءهم العادل، بعد ان خانوا الشعب والوطن ، واكتنزوا المال العام بعمليات القرصنة والغش والتحايل وعملوا ليل نهار من أجل مصالحهم الشخصية والفئوية على حساب المواطنين العراقيين جميعاً .

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة