الصباح الجديد ـ متابعة:
استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على انخفاض، بسبب ارتفاع الدولار الأمريكي، وتنامي أنشطة الحفر، على الرغم من استمرار تقلص الإمدادات الأمريكية وتعافي الطلب، مع انتشار اللقاحات وتحسن مؤشرات النمو في اقتصادات آسيا الرئيسة، خاصة الصين والهند.
ويكبح صعود الأسعار استمرار مكاسب الدولار، الذي أدى إلى تراجع اهتمام المستثمرين بالسلع المسعرة بالعملة وفي صدارتها النفط الخام.
وقال لـ”الاقتصادية”، مختصون ومحللون نفطيون “إن الإنتاج الأمريكي الذي تعطل كثيرا بسبب إعصاري إيدا ونيكولاس يجتاز بالفعل مرحلة التعافي، حيث استعاد بالفعل نسبة كبيرة من الإنتاج المعطل، لكن تداعيات الإعصارين ما زالت ممتدة، وهو ما دفع الصين إلى الإعلان عن مزاد لبيع جزء مؤثر من احتياطياتها النفطية الاستراتيجية”.
وأكد روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية أن مجموعة “أوبك+” تواصل جهودها في ضبط السوق ودفعها نحو استقرار وتوازن مستدام، مبينا أن وزراء الطاقة في المجموعة سيعقدون في بداية الشهر المقبل الاجتماع الدوري وسط توقعات بالإبقاء على برنامج زيادة المعروض النفطي بنحو 400 ألف برميل يوميا على أساس شهري، وسط التزام جيد من المنتجين المشاركين وهم 23 منتجا في “أوبك” وخارجها.
وأوضح أن تقلب الأسعار يقلق المستهلكين بسبب ضغوط التضخم خاصة في ظل القفزات السعرية المتلاحقة للنفط الخام، تحديدا في ضوء امتداد تأثير أزمة الأعاصير في الولايات المتحدة، مبينا أن الارتفاعات الحادة قد تنعكس سلبا على الطلب وتسهم في الإسراع بجهود التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة على الرغم من تأكيد “أوبك” أن النفط الخام سيظل رائدا لمزيج الطاقة العالمي لعقود مقبلة.
من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة، مدير أحد المواقع المتخصصة “إن التفاهمات المستمرة بين المنتجين والمستهلكين هي هدف رئيس تحافظ عليه كل أطراف الصناعة خاصة منظمة أوبك، وربما يلجأ الاجتماع المقبل لمجموعة “أوبك+” إلى إقرار زيادة إنتاجية أوسع في ضوء تسارع وتيرة تعافي الطلب واستمرار معاناة الإنتاج الأمريكي، وذلك لتخفيف وطأة الارتفاع الحاد للأسعار على المستهلكين”.
وأشار إلى أن العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي ارتفعت بأكثر من 3 في المائة خلال الأسبوع الماضي بسبب تقلص الإمدادات النفطية في الولايات المتحدة، كما تلقت الأسعار الدفعة الأكبر مع تراجع مخزونات النفط الخام إلى أدنى مستوى منذ 2019 وتراجع إمدادات الوقود أيضا، وفقا لبيانات حكومية.
من ناحيته، ذكر ألكسندر بوجل المستشار في شركة “جي بي سي إنرجي” الدولية أن ارتفاع أسعار النفط الخام صار محور تركيز وتدقيق من الاقتصاد العالمي بشكل عام، مبينا أن الصين تعاملت مع صعوبات ارتفاع الأسعار من خلال خطوة مفاجئة وسيكون لها مردود واسع على السوق، حيث أعلنت الأسبوع الماضي اعتزامها بيع كميات من احتياطيها الاستراتيجي من النفط الخام.
بدورها، قالت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية “إن تزايد محدودية العرض أدى إلى مواصلة الأسعار نمطها الصعودي، ما جعل عديدا من البنوك الاستثمارية مثل “جولدمان ساكس” و”أوف أمريكا” يتوقع عودة قريبة إلى مستوى مائة دولار للبرميل”.
وأشارت إلى أنه يتم تداول منتجات مثل البروبان المستخدمة في التدفئة عند أعلى مستوياتها منذ عدة أعوام بسبب اقتراب موسم الشتاء في نصف الكرة الشمالي، موضحة أن أساسيات السوق مستمرة في التحسن، ما جعل أسعار النفط ترتفع بشكل متواصل، دون معرفة سقف لهذه الارتفاعات.
وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط أمس، ليواصل الخسائر من الأسبوع الماضي، بعد أن قفز الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع وزاد عدد منصات الحفر الأمريكية، وذلك على الرغم من أن ما يقرب من ربع إنتاج الولايات المتحدة في خليج المكسيك ظل متوقفا بعد إعصارين.
وبحسب “رويترز”، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 61 سنتا بما يعادل 0.8 في المائة إلى 74.73 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس بعد هبوط 33 سنتا الجمعة.
وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 66 سنتا أو 0.9 في المائة إلى 71.31 دولار للبرميل بعد تراجع 64 سنتا الجمعة.
وقال باحثون لدى “آي.إن.جي بنك” في مذكرة أمس “تقدم الدولار الأمريكي على مدى اليومين الماضيين تسبب في بعض الرياح المعاكسة للسوق”.
وانخفض النفط مع اقتراب الدولار من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع بعد ارتفاع الجمعة على خلفية بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية التي جاءت أفضل من المتوقع. وعزز ذلك التوقعات بأن يبدأ مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي في خفض مشترياته من الأصول في وقت لاحق من العام الجاري.
وارتفاع الدولار يجعل النفط المسعر به أكثر تكلفة بالنسبة إلى حاملي العملات الأخرى، ما يحد من الطلب.
كما ضغط ارتفاع عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة على أسعار النفط. وقالت شركة بيكر هيوز الجمعة “إن عدد منصات النفط والغاز ارتفع تسعا إلى 512 في الأسبوع المنتهي 17 أيلول ، وهو أعلى مستوى منذ نيسان 2020، وهو مثلا مستواه مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وقال مكتب السلامة والإنفاذ البيئي “إن 23 في المائة من إنتاج الخام الأمريكي في خليج المكسيك أو 422 ألفا و78 برميلا يوميا، ظل متوقفا بحلول الجمعة”.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 74.14 دولار للبرميل الجمعة مقابل 74.17 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، أن سعر السلة الذي يضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني تراجع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 71.98 دولار للبرميل.
على أسعار النفط رغم تعافي الطلب مغلقة