فلاح الناصر:
نعلم انك عند رب رحيم، رؤوف بعباده، لكن ألم الفراق صعب، كيف لا وانت حاضرا معنا بانسانيتك التي قل نظيرها، بمهنيتك العالية رئيسا لتحرير الصحيفة، تتعصب كثيرا ، تهدأ أكثر، قلبك الابوي، توقف فجأة، لينهي رحلة أنسان في الدنيا جسدا، لكنه سيظل خالدا بروحه وبما قدمه وحققه لناسه ومحبيه ووطنه.
استاذنا والأب الروحي، إسماعيل زاير، رحمك الله، أربعون يوما خلت، رحيلك أوجعنا، نتألم لفراقك، نكذب الخبر تارة ونعود تارة أخرى لنستغفر الله ونقول هذه هي الحياة.. تفجعنا يوميا، وهادم اللذات يتصيد هنا وهنا ولا نعرف متى نلحق باحبابنا الذين رحلوا وودعوا الدنيا بكل مفاتنها!.
للاستاذ الراحل مواقف كثيرة معي ومع جميع من عمل في الصحيفة، فهو الداعم والمساند وصاحب المواقف الانسانية البيضاء التي لن تفارقني ما حييت.. فلم تكن رحلتي في صحيفة “الصباح الجديد” الا وتحمل الاصرار على اثبات الوجود مع كوكبة من الاساتذة والزملاء الاكارم الذين شمروا عن سواعدهم واطلقوا الصحيفة التي تشكل اليوم أحد ابرز الصحف العراقية ما بعد احداث التاسع من نيسان 2003، الحقيقة وجدت القسم الرياضي ممثلا بالزميل القدير حسن صاحب والزملاء صباح الصالح وعبد الكريم ياسر واخرين، كانت البدايات صعبة، كما هو في كل مجال، لكن سرعان ما انصهرت في بودقة الصحيفة مع الزملاء الذين منحوني الثقة وكان الجميع يعمل بروح الفريق الواحد وصولا إلى النجاحات، عاصرت الزملاء الراحل كامل السماوي ونافع خالد وأحمد وهاب ومحمد ناصر ونجم عبد الزهرة وحيدر النعيمي وباسم رعد واخرون، ممن تميزوا بالمهنية والحس الرفيع إلى جانب الاخلاق العالية التي يملكونها مما اسهمت في أن يسجلوا لصحيفة ولنفسهم حضورا بهيا في شتى المحافل والملتقيات التي تخص الحانب الرياضي.
الشيء الجميل، الذي تميزت به “الصباح الجديد” ان كبار الصحافة العاملين فيها يتعاطون مع الجيل الشبابي بكل اريحية ومهنية، لذلك كانت هذه من المرتكزات المهمة في الصحيفة، وكان رئيس التحرير الاستاذ الراحل إسماعيل زاير (تغمده الله برحمته الواسعة واسكنه فسيح جناته)، حريصا على التعاطي مع الشأن الرياضي بكل احترافية ومهنية عالية، كما هو تميزه في بقية الجوانب سواء كانت سياسية واقتصادية وفنية واجتماعية وغيرها، هذا الكم الهائل من المعلومات المتنوعة يجسدها استاذنا الراحل في اجتماعات تقام بشكل متواصل مع اسرة التحرير فيتبادل الاحاديث مع الجميع منطلقا من المشورة التي تعد اساس العمل الناجح، إلى جانب التعامل باخلاق عالية مع الجميع، يضاف إليها الالتزام بمعايير المهنة وعدم التسرع في الكتابة والنقد البناء الهادف وابقاء العلاقات مفتوحة امام الجميع مقابل ذلك عدم دون وجود خطوط حمر على اية شخصية بقدر المسافة المهنية.
ايضا جمال “الصباح الجديد” يتجسد في شخص رئيس التحرير الراحل إسماعيل زاير، الذي كان حريصا على اشاعة جو التفاؤل والمرح والتشجيع للجميع، فقد كان دؤوبا على الوقوف إلى جانب الجميع، ولعل الانسانية التي كان يتفرد بها تسهم في زرع محبته بقوة في قلوب المحيطين به ومن يعرفه عن كثب يؤشر مدى ذلك.
في اهتمامات استاذنا الراحل للحقل الرياضي الشيء الكثير، بل والكثير، فهو المتابع والناقد والمشجع الذي لا يهادن على من يحب، في وقت ينتقد بكل جرأة في مقالاته وموضوعاته التي طرز فيها الصفحات الرياضية باحرف من ذهب.
حين يكتب مقالاً رياضيا، يسألني بعفويته ( كابتن.. كتبت ما وعدت به أقراه زين .. واذا يناسبك انشره في الصفحة الرياضية).. ماذا هذا الكرم، سيادة الرئيس الراحل، هذا التعامل يمنح شخصية لصاحب الشأن سواء كان في صفحة رياضية او غيرها من صفحات الجريدة المعطاء، واجزم انه كان يتعامل مع جميع اسرة التحرير ومن يشرفون على الصفحات بمسافة واحدة ويمنحهم الثقة ذاتها.
يتحدث عن النجوم الرياضيين ممن عاصرهم ويتناول قصص وحكايات عدة عاشها مع لاعبين في شتى الفعاليات، عندما يكتب يرسم بقلمه لوحات غاية في الجمالية، فكيف ننسى محبته للكرة الشاملة وميسي وبرشلونة، وديربيات إنجلترا ومنافسات كأس العالم والأولمبياد وغير ذلك ممن ينال حصة من متابعاتك.
رحمك الله استاذنا القدير، ستبقى نبراسا يضيء طريقنا بانسانيتك الوهاجة وعطاءك الذي لم ينضب قطعا، فهذه ارثك الأنساني والعملي يتجسد فينا، عملنا، صحيفتنا، مواكبتنا للحدث، مكتبتك العامرة التي اضافت رونقا لمقر العمل، نم قرير العين، فرئيس التحرير الاستاذة ظفار، نحن لها أخوة قبل ان نكون زملاء عمل، املين اكمال تأدية رسالتك والمضي في نهجك ذاته، ومن الله التوفيق.
وختاما، برغم قلة الحيلة، العزاء انك عند رب الرحمة والمغفرة. وانا لله وإنا إليه راجعون.