“لندن تغرق”..
الصباح الجديد ـ وكالات:
أكد عدد من خبراء البيئة والبنية التحتية أن لندن ليست جاهزة لمواجهة تغيرات المناخ التي يشهد العالم نتائجها في الآونة الأخيرة، وذلك بعد الفيضانات الغزيرة التي غمرت العديد من مناطق وشوارع العاصمة البريطانية، وفقا لما ذكرت شبكة “سي إن إن” الإخبارية.
وكانت العديد من الحافلات والسيارات قد علقت، أمس الأحد، في شوارع لندن بعدما غمرتها مياه الفيضانات جراء عواصف متكررة ضربت العاصمة البريطانية.
وقال رئيس بلدية لندن صديق خان على “تويتر”: إن خدمة الطوارئ في المدينة تواجه “فيضانات كبيرة”.
وأضاف أن كل وسائل النقل العام تأثرت، محذراً الناس من سلوك الطرق التي تشهد فيضانات، سواء سيراً أو بواسطة سيارات، بحسب وكالة “فرانس برس”.
ونشر ناشطو وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لسيارات غارقة جزئياً بالمياه في جنوب غرب لندن مع هطول مزيد من الأمطار الغزيرة، في وقت شقت عواصف رعدية طريقها عبر جنوب شرق بريطانيا.
وأصدر مكتب الأرصاد الجوية تحذيراً في مدينة لندن والمقاطعات المحيطة بها محذرا من خطر حدوث صواعق وفيضانات، مع توقع هطول أمطار يصل معدلها إلى 10 سنتيمترات في بعض المناطق، أي ضعف المتوسط الشهري ليوليو.
وقال بعض الخبراء أن لندن مثل العديد من المدن الكبرى الأخرى في أوروبا والعالم، لم تعد مستعدة لمواجهة التغيرات المناخية، إذ جرى بناء أجزاء كبيرة من المدينة على سهل فيضي و بالاعتماد على نظام صرف صحي من العهد الفيكتوري غير قادر على تحمل هذا النوع من الأمطار الغزيرة.
وأعربت ليزا ستيفنز ، الأستاذة المساعدة في قسم الجغرافيا والبيئة في جامعة ريدينغ عن قلقها العميق من اضطرار أقسام الطوارئ بالمستشفيات إلى الإغلاق بعد أن غمرتها المياه، مؤكدة ضرورة أخذ جميع الإجراءات والاحتياطات للتأكد من أن البنية التحتية الحيوية ليست في خطر”.
وفقًا لهيئة لندن الكبرى، يواجه ما نسبته 17 ٪ من مناطق العاصمة أخطار مرتفعة أو متوسطة للفيضانات، علما أن تلك الأحياء يقطنها نحو مليون نسمة.
وكانت المدينة قد أنشأت نظامًا عملاقًا على ضفاف نهر التايمز لحمايتها من فيضانات المد والجزر ، لكن الحواجز لا تساعد كثيرًا عندما يتعلق الأمر بالفيضانات المفاجئة الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة، وهو النوع الذي أصبح أكثر شيوعًا بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وقالت فرقة الإطفاء في لندن أمس الاثنين إنها استقبلت أكثر من ألف مكالمة طوارئ تتعلق بإنقاذ أناس عالقين في سياراتهم أو لمساعدتهم في إجلائهم من منازلهم.
وفي هذا الصدد تقول ستيفنز إن قدرة السلطات المختصة على تحديد مخاطر فيضانات المياه السطحية ليست جيدة، مشيرة إلى أن أن خرائط مخاطر الفيضانات في المياه السطحية في المملكة المتحدة لم يطرأ عليها أي تحسين بشكل واضح منذالعام 2013، وذلك رغم توفر تقنيات أكثر ورغم نشر العديد من التقارير التي تؤكد على المخاطر المتزايدة.
“إدارة معقدة”
وعلاوة على ذلك، فإن الطريقة التي تتم بها مراقبة مخاطر الفيضانات وإدارتها في المملكة المتحدة معقدة للغاية، حيث توجد هيئات مختلفة مسؤولة عن مهام مختلفة ومتعددة دون أن تكون هناك جهة واحدة مخولة بتنسيق تلك الجهود.
وأصدر مكتب الأرصاد الجوية البريطاني، تحذيرات بشأن الطقس من هطول أمطار غزيرة وعواصف رعدية يوم الأحد، لكن ستيفنز قالت إن هذه التحذيرات لا تكون واضحة ومفيدة للناس العاديين.
وأردفت: “ماذا سيفعل الناس، على سبيل المثال، بشأن تحذيرات من فيضانات يقال أنها سوف تغطي مساحات كبيرة من جنوب شرق إنكلترا، فلا أحد سيعرف إن كان منزله أو ممتلكاته مهددة بالغرق أو الخراب”.
وكان تقرير صادر في الشهر الماضي عن المجموعة الاستشارية المناخية المستقلة التابعة للحكومة، قد حذر من عدم جاهزية البلاد لفيضانات محتملة، قائلا إن “إجراءات التكيف فشلت في مواكبة الواقع المتدهور للمناخ”.
من جانب آخر، أوضح العديد من خبراء البنية التحتية أن انتشار الأسطح الأسمنتية والخرسانية في العديد من المدن الأوروبية والاعتماد على أنظمة صرف صحي قديمة سيزيد من أضرار الفيضانات فيها عند هطول الأمطار الغزيرة.
وهنا، يقول جيس نيومان، عالم الهيدرولوجيا بجامعة ريدينغ: “العواصف الرعدية الصيفية ليست حدثًا جديدًا ، ولكن أصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى أن الآثار المتفاقمة للفيضانات الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة لها آثار مدمرة في المملكة المتحدة وفي جميع أنحاء أوروبا”.
وتابع: “إن شدة وتواتر الفيضانات هو تحذير صارخ بأننا لسنا مستعدين للتعامل مع تغيرات المناخ”.