وكانت له ذاكرة

أديب كمال الدين

مدهشٌ أن تكونَ ذاكرتُكَ حقلَ ألغام

لكنَّ الأكثر دهشة

أن تجدَ تحتَ كلِّ لغمٍ حرفاً.

*

ولأنّكَ وجدتَ في ذاكرتِكَ

ألغاماً لا عدَّ لها،

أي حروفاً لا عدَّ لها،

لذا قرّرتَ أن تمضي بالدهشةِ إلى الأقصى:

أن تحوّلَ حروفَكَ إلى خرافات.

*

نعم،

حوّلتَها إلى خرافاتٍ صغيرةٍ وكبيرة،

خفيفةٍ وثقيلة،

مليئةٍ بالطلاسمِ أو واضحةٍ كملابس مُتشرّد،

مُلوّنةٍ كالشمسِ أو كالحةٍ كالظلام،

مُضحكةٍ كضحكاتِ الأطفال

أو باكيةٍ كدموعِ أمٍّ فقدتْ ابنَها في الحرب.

وصرتَ تُصدّرُ هذه الخرافات ليلاً ونهاراً،

بالطائراتِ والسُّفنِ وعلى ظهورِ الجِمال

إلى بلاد الرومِ، والهنود،

إلى بلادِ السُّودِ، والفهود،

إلى بلادِ الأعناق التي أينعتْ للقطاف،

وإلى بلادِ الواق الواق.

*

صارتْ لخرافاتكَ أسواقُ وهمٍ كبيرة،

وطلباتٌ لا تنتهي.

وصارَ لها أصدقاء وأعدقاء،

ومُريدون ومُريدات،

ومُهرطِقون ومُهرطِقات،

ومُقلِّدون ومُقلِّدات.

*

آ…

ما أعظمَ خرافاتكَ،

خرافاتكَ المفلسة إلّا من الألمِ والنّدم،

خرافاتكَ التي أحبّها الجميع

وعشقَها الجميع

ولم يدفعوا عنها فلساً واحداً.

بل إنّ الطائرات التي حملتْها

تعبتْ من الدورانِ على نَفْسِها،

والسُّفن التي أقلّتْها كانَ مصيرها المجهول،

والجِمال التي حملتْها على ظهورِها

وهي تعبرُ الصحارى والوديان

عادتْ إليكَ وهي تشكو من الجوعِ والعطش.

**************

أستراليا

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة