من أجل تركيا والسلاح وإيران..
الصباح الجديد ـ متابعة:
أثار إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن مذابح الأرمن في 1915 إبادة جماعية، السبت الماضي، غضب تركيا التي لا تستطع الرد على ذلك بالانسحاب من حلف الأطلسي (الناتو) أو إغلاق القواعد الأميركية على أراضيها.
ورغم الضعف الذي تظهر به الدولة التركية، فإن إسرائيل ليست على وشك أن تحذو حذو بايدن، حيث تعطي الأولوية للمصالح الاستراتيجية على الإعلانات الأخلاقية، حسبما يذكر تحليل لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
“ويقول كثيرون إن الأمن القومي الإسرائيلي والمصالح الاقتصادية يجب أن تتفوق على الواجب الأخلاقي المتمثل في الاعتراف بالإبادة الجماعية لأمة أخرى”، بحسب ما تقول الصحيفة.
وقال إيتان كوهين، الباحث في معهد القدس ومركز موشيه ديان في تل أبيب: “أعتقد أننا يجب أن نبقي أنفسنا بعيدين عن جدل الإبادة الجماعية. من وجهة نظري، الاعتراف لن يساهم في المصلحة الوطنية لإسرائيل. على العكس من ذلك، سيخلق مشاكل مع أذربيجان وتركيا”.
وكان صراع استمر ستة أسابيع بين قوات أذربيجان وقوات تنحدر من أصل أرميني حول إقليم ناغورنو قره باخ والمناطق المحيطة به انتهى باتفاق توسطت فيه روسيا في نوفمبر الماضي.
وضمن الاتفاق لأذربيجان المكاسب الميدانية التي حققتها على الأرض، بدعم من حليفها الوثيق تركيا.
ووفقا لبيانات من معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإنه على مدار السنوات الخمس الماضية، كانت إسرائيل أكبر مورد للأسلحة لأذربيجان، حيث تجاوزت مبيعاتها 740 مليون دولار، مما يجعلها متقدمة على روسيا.
وأضافت الصحيفة “من المعتقد على نطاق واسع أيضا أن موقع أذربيجان على الحدود الإيرانية يمنح أجهزة المخابرات الإسرائيلية وصولا أسهل إلى الجمهورية الإسلامية”.
وتقول الصحيفة إن رفض إسرائيل الاعتراف بالإبادة الجماعية يأتي من رغبتها في حماية العلاقات مع تركيا التي كانت حليفا استراتيجيا وثيقا في التسعينات “لكنها أصبحت منافسا إقليميا” في عهد الرئيس رجب طيب إردوغان. ومع ذلك، تتوقع إسرائيل إعادة إحياء التحالف قريبا.
وقال خاتجيج مرادان، الباحث بجامعة كولومبيا: “يجب أن تكون هناك طرق أفضل لتنمية العلاقات المهمة بدلا من جدل الإبادة الجماعية”.
ولطالما سعى الأرمن إلى الحصول على اعتراف دولي بعمليات القتل التي وقعت في 1915-1917 على يد الإمبراطورية العثمانية، وخلفت حوالي 1.5 مليون قتيل من عرقيتهم، باعتبارها إبادة جماعية.
وفي المقابل ترفض تركيا بشدة الادعاء بأن المذابح والسجن والترحيل القسري للأرمن منذ عام 1915 كان بمثابة إبادة جماعية.
وبإعلان الولايات المتحدة الأخير، أصبحت 30 دولة -في أوروبا وأميركا الجنوبية بشكل أساسي، تعترف الآن بالإبادة الجماعية للأرمن، وفقا للمعهد القومي الأرمني في واشنطن.
وقال أردوغان في كلمته التلفزيونية “أدلى الرئيس الأمريكي بتعليقات لا أساس لها وغير منصفة”.
وأضاف “نعتقد أن هذه التعليقات تم تضمينها في الإعلان بعد ضغوط من جماعات أرمنية متطرفة ودوائر معادية لتركيا. لكن هذه الوضع لا يقلل من التأثير المدمر لهذه التعليقات”.
ويقول الأرمن بدعم من مؤرخين وباحثين إن 1,5 مليون أرمني قضوا في إبادة جماعية ارتكبت في ظل حكم الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى.
وتقر أنقرة فقط بأن أعدادا كبيرة من الأرمن والأتراك قضوا خلال محاربة العثمانيين لروسيا القيصرية لكنها تنفي وجود أي سياسة متعمدة للإبادة، مشيرة إلى أن هذا التعبير لم يكن له تعريف قانوني حينذاك.
وحاول بايدن التخفيف من الغضب التركي عبر الاتصال بأردوغان لأول مرة منذ توليه منصبه في كانون الثاني.
وتوافق الزعيمان خلال محادثتهما الهاتفية الجمعة على عقد لقاء على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في حزيران المقبل.
وقال أردوغان امس الاول الإثنين إن على بايدن “النظر في المرآة” عندما يصف الأحداث التي جرت قبل قرن بأنها إبادة، مضيفا “نستطيع التحدث أيضا حول ما حدث للسكان الأصليين والسود وما حدث في فيتنام”.