مصطفى عبد الله
يعتزم قسم اللغة العربية بكلية التربية للعلوم الإنسانية – جامعة المثنى بالسماوة بالعراق، تنظيم سلسلة من الندوات الدولية؛ بهدف إتاحة فضاء للتواصل العلمي بين الباحثين لتقديم نقاشات ومساهمات حول الآفاق الجديدة في العلوم الإنسانية.
وسوف تُخصص كلية التربية للعلوم الإنسانية ندوتها الدولية الأولى لحقل معرفي عربي، يُمثِّل أفقًا واعدًا من آفاق البحث في العلوم الإنسانية، بما يشهده من ازدهار على مدار السنوات الأخيرة، هو بلاغة الجمهور، وهو نقطة التقاء عدد من العلوم الإنسانية منها البلاغة واللسانيات وتحليل الخطاب وعلوم التواصل الجماهيري وعلم النفس الجمعي وغيرها.
وقد ظهرت بلاغة الجمهور أوائل القرن الحادي والعشرين بهدف سد فجوة معرفية تتصل بدراسة العلاقة بين الخطاب والاستجابة، وتقديم أدوات لتمكين الجماهير في سياقات التواصل الفردي والعمومي. في مفتتح نشأته، حمل هذا التوجه المعرفي اسم “بلاغة المخاطَب”، وسعا إلى تقديم معرفة علمية متخصصة تهدف إلى تمكين المخاطَبين من مقاومة الخطابات السلطوية والمتلاعبة، ودعم الخطابات التحررية الفردية والجمعية في سياقات التواصل الشخصية والعمومية.
وعلى مدار العقدين الماضيين تراكمت البحوث في بلاغة الجمهور، وشارك باحثون ينتمون إلى معظم أقطار العالم العربي في تطوير أسسها النظرية، وممارساتها التطبيقية. ويمكن التمييز بين طورين من أطوار البحث في بلاغة الجمهور حتى وقتنا الراهن؛ الأول: هو طور التأسيس، الذي شمل الفترة من 2004 إلى 2012، وظهرت فيه الأعمال المؤسسة للمشروع، مشتملة تطبيقات على عينة متنوعة من الخطابات المرئية والمسموعة والمقروءة. أما الطور الثاني فهو طور الانتشار، الذي تميز باتساع دائرة البحث في بلاغة الجمهور، وترسخها بوصفها توجهًا معرفيًا، وانخراط عشرات الباحثين العرب في إنتاج بحوث تنتمي إليها.
وقد تجلت آثار طور الانتشار في نشر كتب جماعية، وأعداد خاصة من مجلات أكاديمية متخصصة، ورسائل ماجستير ودكتوراه حول بلاغة الجمهور.
وانطلاقًا من تراكم المنجز العربي حول “بلاغة الجمهور”، وثرائه، وتنوعه تزمع كلية التربية للعلوم الإنسانية تنظيم ندوة دولية حول بلاغة الجمهور. وتدعو الباحثين والباحثات من تخصصات اللسانيات العربية واللسانيات الاجتماعية، وتحليل الخطاب، والتواصل السياسي، وعلم النفس السياسي والجمعي، وعلوم الاجتماع والتاريخ، وعلوم الإعلام والتواصل، وغيرها من الحقول المعرفية ذات الصلة إلى المشاركة في أعمال هذه الندوة. وترحب على نحو خاص بالدراسات البينية التي تُعالج بُعدًا أو أكثر من أبعاد ظاهرة الجمهور.