تحركات اكار تنذر باشعال حرب شاملة في ليبيا

ترجيحات باستعانة تركيا ب»النعوش الطائرة»

متابعة ـ الصباح الجديد:

لم تكن الزيارة المفاجئة لوزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، إلى العاصمة الليبية طرابلس، مجرد تحرك بروتوكولي لتفقد القوات التركية، وانما يحمل بين طياته العديد من المؤشرات التي تنذر بتفجير متوقع للوضع في البلاد.
وكشفت مصادر ليبية أن وزير الدفاع التركي سيتفقد الكلية العسكرية في طرابلس، إضافة إلى لقاء الضباط الأتراك العاملين هناك، والوقوف على التجهيزات في قاعدة الوطية غربي البلاد.
وأكدت المصادر أن زيارة «الوطية» ستكشف عن عمليات إعادة تأهيل الهناجر بما يمكنها من استقبال الطائرات المقاتلة من طراز «إف -4» والتي تعرف بـ»النعوش الطائرة»، إذ تخطط أنقرة لتعزيز وجودها جويا، بعدما اكتفت طوال الشهور الماضية بإرسال الطائرات المسيرة من نوع «بيرقدار»، التي استخدمتها بكثافة ضد الجيش الليبي.
«النعوش الطائرة»
وتكشف إحصاءات موقع «غلوبال فاير» امتلاك تركيا أسطولا كبيرا من مقاتلات «إف 16» متعددة المهام، بما يقدر بنحو 210 طائرة، لكنها لن تتمكن من الدفع بأي منها إلى ليبيا في ظل موقفها المتأزم شرقي البحر المتوسط، وحاجتها إليها ضمن أراضيها، حيث تدور يوميا اعتراضات متبادلة بين الطائرات التركية ونظيرتها اليونانية.
ومع فشلها في الحصول على طائرات «إف 35» الأميركية، أبقت أنقرة على طائراتها المتقادمة «إف 4»، حيث تمتلك عددا كبيرا منها، والتي ستلجأ إليها في ليبيا، خصوصا بعد تطوير 52 طائرة منها، إلى معيار «فانتوم 2000» عبر شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية «آي إيه آي»، التي دمجت بها أنظمة إلكترونيات الطيران الجديدة، ورادار «إيلتا» وأنظمة حرب إلكترونية نشطة، بالإضافة إلى إلكترونيات طيران إسرائيلية أخرى، حسب ما جاء في موقع «فلايت غلوبال»، المتخصص في الشؤون العسكرية.
وسبق أن تعاونت تركيا مع الشركة نفسها من خلال إنفاق 150 مليون دولار لإنتاج صواريخ «أرض – جو» طراز «بوباي»، وكان ذلك ضمن صفقة مكبرة لتطوير طائرات مقاتلة ودبابات وصناعة طائرات استطلاع بدون طيار، وطائرة إنذار محمولة جوا، ونظام «السهم (آرو)» المضاد للصواريخ، حسب دراسة سابقة لمدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى، مايكل آيزنشتات.
ورغم ما خصصته تركيا لتحديث أسطولها من مقاتلات «إف 4» إلا أنها تظل «سيئة السمعة»، بحسب ما كشف تقرير سابق لموقع «مونيتور» الأميركي، الذي سلط الضوء في تقرير سابق، على كثرة حوادث السقوط التي تعرضت لها، وأشهرها ما وقع في مارس العام 2015، حين تحطمت 3 طائرات من هذا الطراز خلال أسبوع واحد، ما أودى بحياة 6 طيارين في حينها، مفجرة حالة غضب داخلية، حيث وصفت بـ»النعوش الطائرة».
اليونان كانت على علم بالمخططات التركية لتعزيز وجودها في ليبيا، وهو ما تناقلته وسائل إعلامها على لسان وزير خارجيتها، نيكوس دندياس، الذي أكد سعي أثينا إلى إحباط مخطط تركيا الرامي إلى إقامة قاعدة عسكرية على ساحل ليبيا في منطقة قريبة من جزيرة كريت اليونانية.
وقال دندياس، إن بلاده «تسعى لمنع إقامة قاعدة عسكرية تركية في ليبيا»، مضيفا أنه «يجب ضمان أن تكون الشواطئ الليبية المقابلة لجزيرة كريت اليونانية آمنة عبر سيطرة قوى نظامية عليها وليس مجموعات من الميليشيات والمرتزقة»، في إشارة إلى المجموعات الإرهابية التي تدعمها أنقرة في طرابلس ومحيطها.
وفي خطابه بمناسبة عيد استقلال ليبيا أمام حشد كبير من القوات، بعث القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير، خليفة حفتر رسالة واضحة للأتراك قائلا إنه لا خيار أمامهم سوى مغادرة البلاد «سلما أو حربا».
ودعا حفتر قوات الجيش إلى التأهب استعداد لطرد القوات التركية وميليشياتها من الأراضي الليبية، مضيفا «يجب أن نصوب نيران أسلحتنا نحو تركيا»، كما أكد أنه على الليبيين «رفع راية التحرير من جديد ضد العدو التركي المتغطرس»، مشيرا إلى أن «الحرب بدأت تلوح في الأفق».
ويرى أستاذ القانون الدولي، الليبي محمد الزبيدي، أن خطاب المشير حفتر، الذي أكد فيه إصرار الجيش الليبي لخوض المعركة ضد «المحتل التركي»، دفع خلوصي أكار للتواجد حاليا في ليبيا، كنوع من الرد بأنهم سيبقون فيها، كما تأتي تلك الزيارة بالتزامن مع تمديد البرلمان التركي لمهمة القوات التركية في ليبيا، وكأنهم يبعثون رسالة استخفاف بالمؤسسات القانونية في البلاد، وعلى رأسها مجلس النواب.
وأضاف الزبيدي في حديث صحفي أن زيارة أكار هدفها أيضا إفشال اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، التي حققت نجاحات متتالية الفترة الماضية، منها التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، وأخيرا اتفاق تبادل أسرى.
من جانبه، يتفق الكاتب والمحلل الليبي، الحسين الميسوري، مع وجهة النظر التي تربط الزيارة بخطاب المشير حفتر الذي أثار قلقهم.
ورجح الميسوري، في تصريحات صحفية خاصة ألا تقدم تركيا على تحريك الجبهات وبدء حرب مع الجيش الليبي، الذي أكد مرارا التزامه بوقف إطلاق النار، لكن يبقى الأمر في إطار ممارسة الضغط السياسي من أجل تحقيق مكاسب في الحوار السياسي الدائر حاليا في بين الأطراف الليبية.
ونبه إلى إغفال الكثيرين خطر الاتفاقية الأمنية التركية مع حكومة الغرب، والتي تمثل اختراقا غير مسبوقا لمؤسسات الدولة، حيث بمقتضاها ستحصل شركات تركية على عقود لتأمين المطارات والمنظومات الإلكترونية بها والأمن السيبراني.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة